http://www.kfrelshikh.com/news_Details.aspx?Kind=7&News_ID=15698
ما من منظفة في العالم كله هى قبلة دينية لربع عدد سكانه سوى منطقتنا العربية عند أم القري وما حولها ، يأتي الناس إلينا ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله ...
فسر البعض المنافع بأنها السوق والسوق لها معان تتسع وتضيق حسب السياق والفهم ، غير أن الثابت في المعني أن أعمالا تدر ربحا سوف تكون حول البيت العتيق مصاحبة لرحلة الحج المباركة .
الفكرة المصاحبة لكثير من المسلمين خارج المنطقة العربية أن العرب أهل كبر وصلف وغرور لا يأتلفون بالطرق العادية للألفة التي تعتبر جزءا من التكوين السلوكي للجنس البشري ، وتبقي سلوكيات العرب السائحين في بلاد هؤلاء هاجسا نفسيا يصاحبهم عند القدوم حتي في رحلة الحج ، ومع مرورالوقت أصبح الحج بالنسبة لشركات السياحة موسم أرباح كبيرة تجنيها دفعة واحدة في أيام معدودات وهكذا كان الحال في مصر ، فقبل دفع تأمين رخصة السياحة يمسك أحدهم بآلة حاسبة ليضرب عدد التأشيرات المصرح له بها للعمرة والحج في مبلغ ربح مقطوع ليجد أن الأرباح في الموسم الواحد تتجاوز بكثير " المليون جنيه " الذي يدفعه تأمينا لرخصة شركته ولم يتغير الحال كثيرا بعد أن أصبحت هناك هيئة برئاسة المفتي للحج والعمرة لأن المفتي ربما يكون منشغلا بترديد نشيد بعد الآذان في التليفزيون " مولاي صلي وسلم دائما أبدا ... " ، من ناحية أخري أصبحت رحلة الحج موسما للطوارئ في المملكة العربية السعودية تتوقف البلاد خلاله حابسة أنفساها هادفة راحة الحجيج وانسيابية حركتهم وسكناهم وتنشغل المطارات بالحد الأقصي من الرحلات والرحلة بالحد الأقصي من الركاب وهكذا .. .
على الجانب البعيد نجد تأشيرة الحج في الدول البعيدة عن منطقتنا العربية أمنية للعجائز يقتطعن من معاشهن نصفه أو إنقص منه قليلا مدخرات ابتغاء ذلك اليوم الطيب المبارك غير أن القسم الأكبر من الحجيج في أغلب دول العالم هم من الأغنياء ورجال الأعمال أو الموظفين الكبار يأتون ويعودون نزولا منهم على أمر الله عز وجل بأداء الفريضة الكبري أكثر من عشر مرات لبعضهم من دون حتي أن يعرفوا أن ثمة منافع ذكر الله لهم أن يشهدوها ، وبحسبان أن الدولة الإسلامية كلها دولة واحدة فربما كانت المنافع ممتدة الي المملكة العربية السعودية وما حولها من الدول الإسلامية القريبة .
لذلك فإن التعاطي مع فريضة الحج وضيوف الرحمن على أنها ضيافة أيام معدودات لا يتفق مع كون الحج أشهر معلومات ، بما يجعلني اعتقد أننا بحاجة إلي تأسيس استراتيجية لمنافع الحج في بلادنا تقوم على الإستفادة المتبادلة بين الآتين من كل فج عميق وبين سكان المنطقة .
وإن أول ما يحتاج إلي التعاطي معه هو تغيير الصورة السلبية للمسلم العربي في أذهان المسلمين غير العرب خصوصا من جنوب أسيا " الهند مثلا " وأوربا والامريكيتين وهو ما يعني ببساطة التعامل مع قضية الإستثمارات داخل بلادنا وربما عندهم في بلادهم متي كان ذلك يبرز المنفعة المتبادلة .
المسلمين خارج بلاد العرب يتبرعون بأموالهم للقضايا العربية بحسبانها جزءا من هويتهم الدينية ومن خلال المراكز الإسلامية المنتشرة في العالم كله ومن خلالها يدفعون زكواتهم ، ولكن أمر المنافع مختلف بالكلية عما تقوم به تلك المراكز كما أنه مختلف تماما عن قضية التبرعات والزكوات ، هو أمر يتعلق بالأعمال وإن كان للدين ثمة دور في الموضوع فهو يتمثل في جعل بلاد العرب أولي بالإستثمار فيها أي بوصفها فرصة بديلة يجب ألا تقل ربحية ولا ميزة عن غيرها من أماكن الإستثمار الواعدة .
إن مشروع تنمية محور قناة السويس ربما لا يحتاج إلي بذل جهد في الدعاية له على مستوى العالم كونه قادر بذاته على جذب الإستثمار من كل مكان غير أن الميزة الكبري التي يمكننا جنيها من المشروع فضلا عن المكاسب المادية أن يهرع المسلمون إليه من كل مكان في العالم ليساهموا فيه بحسبان أنه المشروع الأهم في البلاد الأهم بالنسبة لهم بعد أوطانهم ، لهذا فإنني أعتقد أن الأمر ربما يحتاج إلي فكر مختلف في معالجة التعامل مع فريضة الحج العام القادم بعمل الدعاية اللازمة للمشروع قبل الموسم المقدس بوقت كاف والتقديم له والإتفاق مع شركات السياحة لتنظيم رحلات ملحقة قبل الحج بوقت كاف للفرص الإستثمارية الواعدة وبيان ربحية المشروع وطرق السداد والتطوير والإمتيازات وسبل المتابعة والرقابة وضمان الدولة وإن كان ثمة بروتوكول مع دولة المستثمر يضمن له حق التقاضي باجراءات تحكيم يسيرة وطبقا لأي قانون وفي أي مكان .
التعامل مع ملف جذب الإستثمارات الأجنبية خلال موسم الحج يحتاج إلي كوادر بشرية غير متوفرة في الحقيقة في مصر على نحو كاف مقارنة بدول مثل الهند وماليزيا وهو ما يصعب المهمة ويؤكد ضرورة الإستعانة بالخبرة الأجنبية في هذا المجال ، لأن الواقع في مصر اعتمد لسنوات طويلة على طلب الإستثمارات العربية كلما أعوزتنا الحاجة لسهولة التعامل اللغوي والقرب المكاني كما أنه في الغالب تكون المسألة مجرد ( فك زنقة ) دون استثمار حقيقي ، غير أن الحقيقة تؤكد أن العرب مقارنة بالمسلمين في الدول غير العربية هم في الواقع فقراء ، فكل الإستثمارات التي تأتي مثلا من الإمارات أو من الكويت يمكن للمسلمين في مدينة سان باولو تدبيرها متي وجدوا أن ذلك يمثل فرصة استثمارية حقيقية كما أن مسلمي لندن بالتأكيد ربما يتفوقون على كل مستثمري العرب من حيث التمويل غير أنه يبقي السؤال .. كيف نقنعهم بأننا صالحون لإستقبال أموالهم وهو ما أجد الإجابة الواضحة عنه خلال الرحلة المقدسة وقبل أن يطوفوا بالبيت العتيق .
محمود حشله
mhashla@yahoo.com
