مروان سالم ... قصة قصيرة



 
شباس أونلاينالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

شاطر | 
 

 مروان سالم ... قصة قصيرة

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
مروان سالم
مروان سالم



معلومات اضافية
الجنس : ذكر

العمل : مروان سالم ... قصة قصيرة Accoun10

الاقامة : مروان سالم ... قصة قصيرة Egypt10

العمر : 40

عدد المشاركات : 7

تاريخ الانضمام : 17/07/2013

مروان سالم ... قصة قصيرة C13e6510

السيرة النبوية

مروان سالم ... قصة قصيرة    17/7/2013, 3:44 pm


مروان سالم
السراب

إهداء
إلى كل من مشوا فى طريق الســــــراب و ناطحوا السحاب
ثم اكتشفوا حقيقته فارتضوا حياة التراب

قبل البدء :

كنت من سنوات قليلة قرأت كتاباً للكاتب مالك بن نبي ، فتعلقت فى ذهني قبسة نور من هذا الكتاب ، وهى كلام الكاتب عن التفرقة بين المجتمعات البشرية و الكُومات البشرية ، وقد ضرب مثلاً لطيفاً لتوضيح الفرق بينهما :
الكُومات البشرية : هى عبارة عن مجموعة من الناس لما جاءت الغارة على مدينتهم، دخلوا خندقاً تحت الأرض ،فتعرف كل منهم على صاحبه، و أخذ يبادله طرفاً من الحديث عن نفسه، و كانت نواة الحوار تَنْصَبُّ على الغارة و من قاموا بها ، ثم لما انفضت الغارة، خرجوا جميعاً من الخندق، كل واحد فى اتجاه يمارس حياته مرة أخرى، ونسي كل منهم الآخر .
أما المجتمعات البشرية : فهى أشبه بذرات عنصر صلب قوي التماسك، لا تنفك ذرة منها عن أخرى إلا وانشطر العنصر نفسه ، يتقوى بعضها ببعض، و تستمد كل ذرة تواجدها مما حولها من الذرات ، وضرب مثالاً بسيطاً بكلمة (أخ) ، فقال: إن كلمة (الأخ) لا تستحق أن تقولها إلا على من إذا أدخل يده فى جيبك و أخذ منه مالاً ، لم تسئله كم أخذت؟ و كم أبقيت؟ و لمَ أخذت؟

السراب

أسند أحمد رأسه إلى الجدار و هو يستعيد فى ذاكرته مشاهد التعذيب التى مر بها أثناء فترة التحقيقات معه فى جهاز أمن الدولة، و كيف كان الضابط شرساً يريد أن يعذب لمجرد التعذيب، فتَنَهَّد أحمد قائلاً : يااااه، الحمد لله الذي أنجانا من القوم الظالمين.
فرد عليه مصطفى رفيقه فى الزنزانة الصغيرة : يا مولانا، هو احنا في بيوتنا؟ ما احنا عندهم برضه.
فتبسم أحمد فى ضيق وقال: وقع أجرنا على الله ، لو صدقنا الله، لكنا الآن من جنود دولة العراق الإسلامية فى حربها مع الصليبين.
قاطعه مصطفى : أبشر، بكره أول زيارة بإذن الله، و سنرى الأهل، ونخرج للتَّرَيُّض.
فتزاحمت الذكريات فى عقل أحمد عن بيته، و زوجته، و ابنته الصغيرة التى كانت تتعلق فى لحيته الكَثَّة، و تداعبه بأناملها الرقيقة ، و عن والدته المسكينة صاحبة المرض ، هل ستقوى على زيارته ؟ هل سيراها غداً بعد شهور انقطع عنها أمضاها فى سَلَخانة أمن الدولة ، ومع تزاحم الهموم أمسك أحمد مصحفه، وبدأ يتلوا منه .
اليوم التالى :

جاء ميعاد الزيارة ، وما أروعه من لقاء بعد طول اشتياق!
بدأ الشاويش يتلوا أسماء المعتقلين المطلوبين فى الزيارة: أحمد عز الدين .. أحمد عز الدين .. علا صوت المُخْبِر، و مع صوته كاد يطير قلب أحمد من الفرح ، ذهب مسرعاً إلى مكان الزيارة؛ ليلمح من بعيد زوجته، و ابنته الصغيرة، و أمه المكلومة، و أخيه الكبير مراد.

تقترب الخطوات، لتطير الزوجة، وتختبىء فى حضن زوجها وهى تردد : الحمد لله، الحمد لله ، أنا مش مصدقة إنى شوفتك تانى، وتنهمر منها الدموع، فتمتد يد أحمد من تحت بُرْقُعها يجفف الدمع، و باليد الأخرى يحتضن أمه التى من هول صدمتها لم تتكلم من شدة الفرحة .
جلسوا، فتجاذبوا أطراف الحديث عما جرى يوم خُطِف من بيته، و ما بعدها من أحداث ، و كانت نظرات مراد يملؤها الغيظ، حتى نطق لسانه: أنا حذرتك قبل كده، قلت لك: مالوش فايدة اللى انت فيه، و سيبك من الناس اللى انت ماشى معاهم، محدش هينفعك فيهم، لكن انت دماغك حجر.
فرد أحمد متبسماً: الحمد لله، خير بإذن الله ، و مالت رأسه إلى زوجته ، طمنيني، بتصرفى منين ؟
فقالت: لا تقلق، الحمد لله، أخوك لم يتركنا، و بإذن الله سأبحث عن عمل. كانت هذه الكلمات وَقْعُها أشد ألماً من الصَّعْقات الكهربية التي تلقاها أحمد.
فقال بسرعة : محدش من الإخوة بيتفقدكم ، زوجة الأخ علاء لم تأت إليك؟
فردت بصوت حزين: لا والله، لم تزرنى، لا هي، و لا زوجة أي أخ آخر، الجميع اختفوا فجأة، و كأنهم سراب ...
انتهت الزيارة الأولى ، و ما زالت كلمات الزوجة تَرِنُّ فى أذن أحمد : اختفوا جميعاً، و كأنهم سراب ...


وتمر الأيام و الليالي بقسوتها وشدتها، قسوة ضيق المكان، و السَّجَّان، ومعها تمر لذة العبادة و التضرع إلى الله التى تُهَوِّن العسير ...
جاءت الزيارة الثانية بعد شهرين، و جاءت الزوجة و الأم و مراد، و افترش الجميع الأرض فى الساحة، و تجاذبوا أطراف الحديث و الاطمئنان ، وتجلس سُمَيَّة الصغيرة على رجل أبيها، تداعبه و يداعبها ، ويتكرر السؤال: يا أم سمية، طمنيني عليكم.

فترد الزوجة بصوت حزين: الحمد لله، تخرج لنا على خير، و الأمور طيبة. من أين تنفقي حبيبتي؟ طمنيني، أنا عارف إن أهلى وأهلك لا يقدرون على تحمل نفقاتكم انتِ و سمية.
تقول: والله زملاءك فى الشغل فى الشهرين اللي فاتوا وقفوا موقف طيب، و تعاهدوا أن يرسلوا لك مبلغ كل شهر، يعين على الحياة ، و أنا والحمد لله اشتريت منه ماكينة خياطة، أَفَصَّل منها عبايات للأخوات، لكن ... و ينقطع كلامها ...
فيرد مسرعاً: لكن ماذا ؟؟
فتقول: لكن الأخوات يبدو أنهن خائفات على أزواجهن، فلا يتعاملن معي إلا بحرص شديد؛ خشية أن يكون هناك رقابة.
فيرد أحمد: حتى الأخوات صديقاتك سراب !!
تقول هى : هَوِّن عليك ، زملاؤك يرسلون مبلغًا لا بأس به، و الأمور طيبة ، وتنتهي الزيارة ..
و ما زالت فى مُخَيِّلة أحمد صورة زملائه فى العمل، الذين كان يقسوا في معاملتهم، و يُكَفِّر منهم الكثير، و يُفَسِّق الباقي ، و يقول فى نفسه: أهؤلاء تاركوا الصلاة الفَسَقة؟ تاركوا الصلاة موقفهم الأخلاقي أفضل من الإخوة و الأخوات، هؤلاء من يقفون جواري حقيقة، و الآخرون مجرد سرااااااب!!!!
و يتكرر هذا الموقف فى كل زيارة لمدة سنتين .

ثم يأتي الفرج من الله عز وجل ، ويخرج أحمد من معتقله إلى بيته ، فيجد الجيران الطيبين يحتفلون به، و يستقبلونه استقبال الأبطال، وتنهمر الزيارات على بيته، كلها من ناس لا يحملون فكره، أو عقيدته القتالية ، من أقارب، و زملاء عمل، و أصدقاء دراسة قدامى ، والجميع يعرض أنه على أتم الاستعداد لتقديم أي خدمة، أو الخروج مع أحمد، و التقرب منه؛ لإخراجه من وحدته.

و في هذه الأثناء يتعجب أحمد ، أين الأخوة؟ لمَ لمْ يَزُرْه أحد ؟ لمَ لمْ يُهنئه أحد ؟
فيذهب إلى مسجدهم، و بعد الانتهاء من الصلاة، يتقدم الإخوة جميعهم إلى أحمد بالتهاني، و الترحيب، و السؤال عن فترة الاعتقال، و الجميع يُلَمِّح: أن احذر، فلعلك تكون مُراقَب، و أن اعْذُرنا، فنحن تحاشينا التواصل مع أهلك؛ خوفاً من المراقبة، و كلمات باردة تدل على التهرب والرَّوَغان ...
فينظر أحمد إليهم، و يتخيلهم بعقله أنهم يتبخرون ، يتحولون إلى سراب ، شفافين، لا وجود لهم .
ويقرر أحمد فى قرارة نفسه: أن يتمسك بدينه، و يَعُضَّ عليه بالنَّواجِذ، لكن مع نفسه، دون أن يختلط بأي أحد من أهل السراب كما سمَّاهم ، وأن يحاول جاهداً أن يرد الجميل إلى هؤلاء الذين وقفوا إلى جواره نفسياً، و مادياً فى فترة اعتقاله، و بعد خروجه ، و أن يكون جزءاً من مجتمعهم المتماسك الذي وقف إلى جواره فى وقت شدته، و وقت رخائه .
انتهت القصة ....



نعم انتهت، لا تتعجب أخي القارىء، فلا يشترط كون الكاتب إسلامي، أو جهادي أن تنتهي القصة بإستشهاد بطلها، فأنا هنا أعرض واقعاً – مع الأسف - مريراً بكل معنى الكلمة.
واقعٌ عرضته و إن لم تكن القصة حقيقية، و كانت من وحي الخيال، لكنه واقع حي ، إلا ما رحم الله ؛ فهذه هي حقيقة المجتمعات الجاهلية، هي جاهلية تتفشى فيها الشركيات، و كثير من قيم الجاهلية، لكنها من داخلها متماسكة، تتعهد أفرادها بالرعاية، و تجذب الخارج عنها بهذا التماسك .

أما المجتمعات التي تأخذ اسم الإسلام، و تعيش فى الواقع الجاهلي؛ فمن دخلها، يعلم أنها مُتَهَلْهِلة من الداخل ، هَشَّة غير متماسكة ، كُومات بشرية كما وصفها مالك بن نبي ، تَجَمَّع أفرادُها أثناء الغارة على دينهم، و لكن لم يتماسكوا أو يصنعوا مجتمعاً واقعيًا ، إنما عاشوا سراباً.
نعم، سراب بكل معنى الكلمة .

وهنا لي وقفات :
أولها : أني لا أنتقص هذه المجتمعات، أو أُنَفِّر منها، أو أدعو إلى الانتكاسة و الانخراط في المجتمعات الجاهلية لأنها متماسكة ، و إنما أَعْرِض واقعاً؛ لكي نعلم أن هناك خطراً يتهددنا ، و أن علينا صناعة مجتمع موازٍ للمجتمع الجاهلي ، مجتمعٍ تكون فيه الروابط حقيقة، لا وهمية ، مجتمعٍ يجذب مَنْ هو خارجه، لا من أجل عقيدته فقط، و لكن من أجل عقيدته، ثم حقيقته الحَيِّة الواقعية، و قوته، و تماسكه .

الوقفة الثانية : بالطبع هناك مجتمعات إسلامية الآن أقوى من كل مجتمعات الأرض الجاهلية ، هذه المجتمعات ليست موجودة فى الوسط الجاهلي، و لا في البلدان التى يحكمها و يتحكم فيها الجاهليون ، و إنما توجد فى الإمارات الإسلامية، و البلاد التى حَمِي فيها وَطِيس الجهاد .
الوقفة الأخيرة : كانت هذه القصة مجرد فكرة، قد يكون السراب هذا حقيقة نعيشها على أرض الواقع؛ بسبب العلاقات الهَشَّة التي تربط بعضنا بالآخر ، أو قد تكون مجتمعات وهمية على الشبكة العنكبوتية، التي يعكف عليها ليل نهار
حارساً
لها كثيرٌ منا ، مختبئين خلف شاشة، لا نعرف من معنا ممن ضدنا؟ و بمجرد انقطاع التيار الكهربائي، نتحول جميعاً إلى أشباح.

هذه القصة الصغيرة دعوة من الكاتب للعمل على إيجاد مجتمع واقعي قوي متماسك ... وأسأل الله أن ييسر ذلك .. اللهم آمين .
أخوكم فى الله
مروان سالم
 

مروان سالم ... قصة قصيرة

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 

 مواضيع مماثلة

-
» الشرعيٌة لمن ؟؟ مروان سالم
» مروان سالم .. الفيرس السلفي
» قصة قصيرة
» رحلة الذوبان و الانصهار فى الجاهلية .. مروان سالم
» سمات الطريقة الشاذلية بعد الثورة.....مروان سالم
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أبناء شباس عمير :: القسم الثقافى ::   :: الكتب والروايات-

جميع المشاركات والمواضيع في منتدي أبناء شباس عمير تعبر عن وجهة نظر كاتبها|جميع الحقوق محفوظة لمنتدى أبناء شباس عمير 2011

 

©phpBB | منتدى مجاني | العصر و المجتمع | مواضيع اجتماعية | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | آخر المواضيع