من آيات الله الدالّة على عظمته هذه الحيتان التي تجوب المحيطات ، والشيء اللافت للنظر أنّ نوعاً واحداً منها ؛ وهو الحوت الأزرق يزيدُ عددُه على مئة وخمسين ألف حوت ؛ كما قدَّره بعضُ العلماء ، والحوت الأزرق يزنُ مئة وثلاثين طنّاً ، ويبلغ طوله خمسة وثلاثين متراً !
فلو قُسّم على أهل الأرض لأصاب كلّ إنسان من ستة آلاف مليون أربعة كيلو غرامات .
هذا الحوتُ يولد ولادةً ، وإذا كان طوله وهو جنين في بطن أمّه لا يزيد على سنتيمتر واحد فإنّه يصل بعد الولادة إلى سبعة أمتار ، ويزن طنّين ، ويستطيع الحوت أن يبقى في البحر أكثر من ثلاثين دقيقة ، وأمّا الإنسان فلا يستطيع أن يبقى دون تنفّس أكثر من ثلاث دقائق ، هذا لأنّ طريقة بناء جسم الحوت تجعل هذا الأكسجين الذي استنشقه يخزَّن في عضلاته ، وفي دمه ، وفي أنسجته ، وعشرة بالمئة منه يخزّن في رئتيه ، ويجوب هذا الحوت الكرة الأرضية من الشمال إلى الجنوب ، يذهب إلى القطبين ، ويعود إلى خطّ الاستواء ، وممّا هو معلوم أنّ هناك فروقاً كبيرة في درجات الحرارة ، غيرَ أنّ طبقة الدُّهن تقيه من البرد ، تصلُ سماكتها إلى متر ، فإذا توجّه نحو خطّ الاستواء حيث المياه الدافئة قلَّت هذه الكميات الدهنيّة إلى النصف تقريباً .
والحوت لا يشبع بوجبة أقلّ من أربعة أطنان ؛ يسدّ بها جَوعَتَه كما يقولون ، هذا الحيوان الكبير ، لو نظرت إلى أحوال السمك الصغيرة ، فإنّ فيها من الأجهزة ما في الحوت ، ولكن على نحو مصغّرٍ ، فتبارك الله الخلاّق لِما يشاء ، هذه آية من آيات الله تعالى ، فالبحرُ وما فيه مِن حيوانات تزيد أنواعها على المليون نوع من السمك ، هذه كلّها خُلِقت لنا ، قال تعالى :
]وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ[ [الجاثية: 13]
إنّ الله سبحانه وتعالى خَلَقَ هذه الآيات لِوظيفتين ؛ الوظيفة الأولى وظيفة دلاليّةٌ ، والثانية دُنيويّةٌ ]نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ[ [الواقعة: 73] ، في كل شيء خَلَقَه الله عزّ وجلّ تذكرةٌ ، ومتاعٌ ، ]فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ[ [الواقعة: 74]