كثيرا ما نسمع أو نقرأ عن الذكاء
الاجتماعي أو الأذكياء اجتماعيا، لكن لا ندرك ما المقصود بالذكاء
الاجتماعي، ونعتقد أنه ربما يكون شقا من الذكاء العلمي أو الدراسي
المتعارف عليه بين الناس، الذين يقرنون خطئًا بين التفوق العلمي وقدرة
الشخص على التواصل مع الغير؛ على الرغم من أن كثيرا من الأذكياء علميا
فاشلون على النطاق الاجتماعي و التواصلي، مع بقية الأفراد في مجتمعاتهم،
ويعانون من أنهم يمضون أوقات طويلة بمفردهم .
والحقيقة أن مصطلح الذكاء الاجتماعي من
المصطلحات الحديثة، التي كثر الحديث عنها مؤخرا في سياق الحديث عن أنواع
الذكاء السبعة المعروفة، والتي حددها جاردنر عام 1983 وهى : الذكاء اللغوي
والتي تعني قدرة الشخص على استيعاب و تحصيل أكثر من لغة خلاف لغته
الأصلية، وكذلك القدرة على تطويع الكلمات والتعابير تطويعا فائقا، بما
يمكنه من التواصل "لغويا " مع الأجناس المختلفة، وهناك الذكاء الحيزي أو
المكاني والذي يكمن في قدرة الشخص على تحديد أماكن التنقل، وتقديرها
تقديرا غيبيا كما هو حال الضرير مثلا، وهناك الذكاء الموسيقي ويعنى القدرة
على التمييز بين الألحان والنغمات المختلفة لأول وهلة وبمهارة عالية،
بالإضافة إلى أنواع الذكاء الأخرى؛ كالذكاء المنطقي الحسابي الذي يمتاز به
الرياضيون، والذكاء الهندسي الفراغي، والذكاء الحركي والذكاء العاطفي
وأخيرا الذكاء الاجتماعي.
ويرى علماء النفس أن للذكاء الاجتماعي أشكالا و أوجه عدة أبرزها :
1- القدرة على التصرف في المواقف الاجتماعية المختلفة بقدر كبير من المرونة، بما يمكن الشخص من اكتساب مودة وتعاطف الآخرين .
2- القدرة على التحليل الاجتماعي من خلال اكتشاف مشاعر واهتمامات الآخرين ببصيرة نافذة.
3- القدرة على تنظيم المجموعات والحلول التفاوضية، وإقامة العلاقات الشخصية مع الآخرين.
4- تقبل النقد وإذكاء روح النقاش واحترام حق الغير في التعبير عن أنفسهم.
5- إبداء المشاعر للآخرين والتفاعل معهم ومشاركتهم في المناسبات المختلفة.
6- القدرة على التخلص من المواقف المحرجة بأقل قدر ممكن من الخسائر .
7- الاعتراف بالخطأ والفشل والاعتذار عنهما بما يكسبه المزيد من الأصدقاء .
8- سرعة التكيف مع أي وسط يوضع فيه، والقدرة الفائقة على استمالة الآخرين وإقناعهم بوجهه نظره الشخصية .
ويضيف البعض أن الذكاء الاجتماعي له
جانب فطرى أصيل في النفس البشرية، حيث خلق الله الإنسان ميالا بطبعه إلى
إقامة علاقات اجتماعية مع غيره من الأفراد، والتواصل الدائم مع من حوله
لتبادل المنافع والخبرات، وهناك جانب آخر مكتسب، يكتسبه الشخص مع الممارسة
والاحتكاك بالآخرين، في حياتنا العامة نلاحظ هذا الجانب من خلال أفراد
يستطيعون عمل علاقات متعددة مع غيرهم ويؤثرون و يتأثرون، ويستطيعون
التعبير عن أنفسهم دون أدنى درجات الخجل أو الخوف، فهم لا يفعلون ذلك
مضطربين ولا يبذلون جهدا له، وإنما هم يفعلون ذلك وهم مستمتعون به دون
أدنى تكلف أو تصنع، وعلى الجانب المقابل، نجد أن هناك بعض الأشخاص يهابون
العلاقات الاجتماعية، بل إنهم قد يصابون بالخجل والتعرق من مجرد تواجدهم
مع أشخاص آخرين لا يمتون له بصلة، كالتواجد في حفل مثلا أو في قاعات
الدراسة، أو حتّى في المواصلات العامة، وهو ما يعرفه البعض " بالإرهاب الاجتماعي "،
أي الخوف والخجل من التواجد مع أفراد آخرين لا يمتون للفرد بأي صلة،
ويزداد الأمر تعقيدا إذا ما دُعي الشخص للحديث، فإنه عندئذ يستشعر موجة من
الغضب والخوف والضيق ويتمنى لو غادر المكان بأقصى سرعة، وإذا تكلم بدأ
بالتوتر والتلعثم، وقد ينتهي الأمر به إلى مغادرته المكان قبل أن ينتهي
حديثه !
ماذا يفيد كوني ذكيا اجتماعيا؟
قد يتساءل
سائل: ما أهمية أن أتمتع بالذكاءالاجتماعي؟ ماذا سيضير أن أكون غير ذكي في
المجال الاجتماعي؟ هنا يكون الجواب ببساطة هو أن الذكي اجتماعيا شخص مثقف
واسع الاطلاع والخبرة، فاختلاطه بغيره من الأفراد بصورة مستمرة يتيح له
قدرا واسعا من العلم والمعرفة، مما لا تتيحه الكتب و المراجع، علاوة عما
يتمتع به هذا الشخص من السلام والأمان النفسي والاجتماعي، فهو شخصية آسرة،
محبوب من غيره، مهاب جانبه، لبق الحديث ، حلو المعشر، مجامل بغير نفاق،
مثابر وشجاع، لا يتوان عن تقديم يد العون للمحتاجين والمعوزين، وهو فوق
هذا كله يتمتع بذاكرة فولاذية، فلا ينسى وجها قابله ولا اسما حدثه، وأخيرا
فهو شخص قوي، قادر على إدارة غضبه وانفعالاته، بحيث يبدو في كل الأحوال
هادئا رزينا وقورا.
خطوات لتنمية الذكاء الاجتماعي
إذا لم تكن من الأشخاص الذين يتمتعون بالذكاء الاجتماعي، يمكنك أن تتبع الخطوات التالية لتنمية الذكاء الاجتماعي :
1- وسّع دائرة معارفك وأصدقائك، وحاول كل يوم إن لم تكتسب صديقا جديدا فلا تخسر واحدا.
2- وسّع من دائرة معلوماتك واهتماماتك بحيث تجد ما تتحدث به في وجود الآخرين .
3- حاول أن تترك أثرا طيبا في أي شخص تقابله ولو من خلال ابتسامة .
4- حاول ألا تفوت المناسبات الاجتماعية المختلفة كالأفراح والمآتم وغيرها، واحرص على أن تنتقي عباراتك وفقا لكل مناسبة .
5- شارك في الجمعيات والهيئات التي تهتم بتقديم الخدمات للناس.
6- اهتم بصلة أرحامك، وأدِّ الصلوات في جماعة.
7- تعوّد على أن تتكيف في أي وسط اجتماعي تجد نفسك فيه، وحاول ألا تصطدم بالآخرين ، واترك لهم حرية التعبير عن آرائهم .
8- حاول أن تتعرف على الحالة النفسية لمحدثك من خلال تعبيرات وجهه وحركات جسده، وتعامل معه وفقا لهذه الحالة.
9- استخدم التلميح لا التصريح عندما لا يعجبك تصرف الطرف الآخر .
10- درب نفسك على ألا تسيء الظن بالطرف الآخر .
11- تعلم فن الإنصات كما تجيد الحوار، فالإنصات الجيد لمحدثك هو نصف نجاحك اجتماعيا .
12- حاول أن تتجنب الغضب والانفعال عامة، وعندما يتم توجيه اللوم إليك خاصة.
13- قدّم الهدية في الوقت المناسب والمكان المناسب والشخص المناسب، و تذكّر أن الذكاء الاجتماعي لا يعني أبدًا التملُّق والوصولية.