******** من أذكار زوال الهم والغم والحزن *******
(( اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك ، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك ، أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحد من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي ))
**** شرح حديث **
فهذه كلمات عظيمة ينبغي على المسلم أن يتعلمها وأن يحرص على قولها عندما يصاب بالحزن والهم أو الغم ، وليعلم كذلك أن هؤلاء الكلمات إنما تكون نافعة له إذا فهم مدلولها وحقق مقصودها وعمل بما دلت عليه أما الإتيان بالأدعية المأثورة والأذكار المشروعة دون فهم لمعانيها ودون تحقيق لمقاصدها فإن هذا قليل التأثير عديم الفائدة ..
وإذا تأملنا هذا الدعاء نجد أنه يتضمن أربعة أصول عظيمة لا سبيل للعبد إلى نيل السعادة وزوال الهم والغم والحزن إلا بالإتيان بها وتحقيقها ..
الأصل الأول :- فهو تحقيق العبادة لله وتمام الانكسار بين يديه والخضوع له واعترافه بأنه مخلوق لله مملوك له هو وآباؤه وأمهاته ابتداءً من أبويه القريبين وانتهاء إلى آدم وحواء .
ولهذا قال : " اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك " فالكل مماليك لله وهو خالقهم وربهم وسيدهم ومدبر شؤونهم
الذي لا غنى عنه طرفة عين وليس لهم من يعوذون به ويلوذون به سواه .
ومن تحقيق ذلك التزام العبد عبوديته لله سبحانه من الذل والخضوع والانكسار والإنابة وامتثال الأوامر واجتناب النواهي ودوام الإفتقار إليه واللجأ إليه والاستعانة به والتوكل عليه والاستعاذة به وأن لا يتعلق القلب بغيره محبة وخوفا ورجاء
الأصل الثاني :- أن يؤمن العبد بقضاء الله وقدره وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن وأنه سبحانه لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه"ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده"
ولهذا قال في هذا الدعاء " ناصيتي بيدك ، ماض في حكمك ، عدل في قضاؤك " فناصية العبد وهي مقدمة رأسه بيد الله يتصرف فيها كيف يشاء ويحكم فيه بما يريد لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه ، فحياة العبد وقوته وسعادته وشقاوته وعافيته وبلاؤه ، كل ذلك إليه سبحانه ليس إلى العبد منه شيء
وإذا آمن العبد بأن ناصيته ونواصي العباد كلها بيد الله وحده يصرفهم كيف يشاء لم يخف بعد ذلك منهم ولم يرجهم ولم ينزلهم منزلة المالكين ولم يعلق أمله ورجاءه بهم .وحينئذ يستقيم له توحيده وتوكله وعبوديته . ولهذا قال هود عليه السلام لقومه " ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم "
وقوله " ماض في حكمك " يتناول الحكمين : الحكم الديني الشرعي ، والحكم القدري الكوني ....فكلاهما ماضيان في العبد شاء أم أبى لا يمكن من مخالفته وأما الحكم الديني الشرعي ،فقد يخالف العبد ويكون متعرضاً للعقوبة بحسب ما وقع فيه من مخالفة
وقوله " عدل في قضاؤك " يتناول جميع أقضيته سبحانه في عبده من كل الوجوه من صحة وسقم وغنى وفقر لذة وألم وحياة وموت وعقوبة وتجاوز وغير ذلك . وكل ما يقضي على العبد فهو فهو له عدل فيه " وما ربك بظلام للعبيد "
الأصل الثالث :- أن يؤمن العبد بأسماء الله الحسنى وصفاته العظيمة الواردة في الكتاب والسنة ويتوسل إلى الله بها ، كما قال تعالى : " ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون "
وقوله " قل ادعو الله أو ادعو الرحمن أيا ما تدعو فله الأسماء الحسنى ]
والعبد كلما كان عظيم المعرفة بالله وأسمائه وصفاته زادت خشيته له ، وعظمت مراقبته وازداد بعدا عن معصيته والوقوع فيما يسخطه كما قال بعض السلف : ( من كان بالله أعرف كان منه أخوف ) ولهذا فإن أعظم ما يطرد الهم والحزن والغم أن يعرف العبد ربه وأن يعمر قلبه بمعرفته سبحانه وأن يتوسل إليه بأسمائه وصفاته ، ولهذا قال : " أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك ، أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحد من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك " فهذا توسل إلى الله بأسمائه كلها ما علم العبد منها وما لم يعلم وهذا أحب الوسائل إلى الله سبحانه
الأصل الرابع : - العناية بالقرآن الكريم ، كلام الله عز وجل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه المشتمل على الهداية والشفاء والكفاية والعافية ، والعبد كلما كان عظيم العناية بالقرآن تلاوة وحفظاً ومذاكرة وتدبراً وعملاً وتطبيقا ، نال من السعادة والطمأنينة وراحة الصدر وزوال الهم والغم والحزن بحسب ذلك . ولهذا قال في هذا الدعاء " أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي "
::::::::: أرجو من الله أن أكون قد وفقت في هذا النقل :::::::::
منقول