سورة طه: ((وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي
فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً
ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى
* قَالَ رَبِّ لِمَ
حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ
بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ
آيَاتُنَا
فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى))[طه:124-126]،
يقول: هل هذه الآية على كل شخص يغفل عن ذكر الله؟
هذا وعيد شديد لمن أعرض عن ذكر
الله وعن طاعته فلم يؤد حق
الله، هذا جزاؤه، تكون له معيشة ضنكا وإن
كان في مال كثير وسعة لكن يجعل في
عيشته ضنكاً، لما يقع في قلبه من
الضيق والحرج والمشقة فلا ينفعه وجود
المال، يكون في حرج وفي مشقة بسبب
إعراضه عن ذكر الله وعن طاعة الله جل
وعلا، ثم يحشر يوم القيامة أعمى.
فالمقصود أن هذا فيمن أعرض عن طاعة الله
وعن حقه جل وعلا، ولم يبالِ
بأمر الله بل ارتكب محارمه وترك طاعته جل وعلا،
فهذا جزاؤه، نسأل الله
العافية.
يقول
الله سبحانه و تعالى {فإما
يأتينَّكم منِّي هُدًى فمن اتَّبع هُداي
فلا يضل و لا يشقى [123] وَمَنْ أعرَضَ عن ذكري فإنَّ له معيشةً ضنكًا و
نحشُرُهُ
يومَ القِيَامةِ أعمى[124]}.
في الآيتين
الكريمتين أن من اتبع القرآن و عمل به
فإن الله ـ سبحانه و تعالى ـ تكفل له
بأن لا يضل في الدنيا و لا يشقى
في الآخرة. و في الآية الثانية أن من أعرض
عن القرآن و لم يعمل به فإن
الله جل و علا يعاقبه بعقوبتين:
الأولـى : أنه يكون في معيشة
ضنكاً و قد فسر ذلك
بعذاب القبر ، و أنه يعذب في قبره ، و قد يراد به
المعيشة في الحياة
الدنيا و في القبر أيضا فالآية عامة.
و الحاصل : أن الله توعده بأن يعيش عيشةً سيئةً
مليئةً
بالمخـاطر و المكـاره و المشاق جزاءً له على إعراضه عن كتاب الله جل
و
علا ، لأنه ترك الهدى فوقع في الضلال و وقع في الحرج .
و العقوبة الثـانية : أن الله جل و علا يحشره يوم
القيامة
أعمى ، لأنه عمي عن كتاب الله في الدنيا فعاقبه الله بالعمى في
الآخرة
، قال {قال رب لِمَ حشرتني أعمى و قد كنتُ
بصيراً [125] قال كَذَلِكَ
أَتَتْكَ آيَاتُنا
فنَسيتَهاَ و كَذَلِكَ اليَوْمَ تُنسَى [126]}[طه]
، فإذا عمي عن كتاب الله في الدنيا بأن لم يلتفت إليه و لم ينظر فيه و لم
يعمل
به ، فإنه يحشر يوم القيامة على هذه الصورة البشعة و العياذ بالله. و
هذا
كقوله تعالى {و من يَعْشُ عن ذكر الرحمن نُقيِّضْ
لَهُ شيطاناً فهو له
قرين[36] و إنَّهم
ليصدُّنَهم عن السبيل و يحسبون أنَّهم مهتدون[37]
حتى إذا جاءنا قال يا ليتَ بيني و بَينَكَ بُعدَ المشرقين
فبئسَ
القرين[38] و لن ينفعَكم اليومَ إذ
ظلَمتُم أنكم في العذاب
مُشتَركين[39] أفأنتَ
تُسمعُ الصُّمَّ أو تهدي العُميَ و مَن كَانَ في
ضَلالٍ مُبين[40]}[الزخرف].
فالحـاصل : أن الله جل و علا توعد من
أعرض عن كتابه
و لم يعمل به في الحياة الدنيا بأن يعاقبه عقوبة عاجلةً
في حياته في
الدنيا و عقوبة آجلة في القبر و العياذ بالله و في المحشر ،
و الله تعالى
أعلم
الاعراض عن ذكر الله يؤثر على صاحبه في حياته الدنيا
وكذلك حاله في الاخره
والاعراض عن ذكر الله من الامور التي تؤدي
بصاحبها الى التهلكه والخسران