المرأة التي خشي الحجاج منازلتها
القصة تتحدث عن امرأة اسمهاا
غزالة تلك كانت من الخوارج، وكانت شجاعتها مضرب الأمثال،كماكان زوجها (شبيب بن يزيد) أيضا مضرب الامثال في الشجاعة، وكان شبيب هذا أميرا للخوارج،قيل عنه إنه قتل خمسة من قواد الحجاج بن يوسف الثقفي، وهزم له عشرين جيشا
وكانت زوجته هذه خطيبة بارعة في الخطابة، كما كانت تحارب وتقاتل معه في ميدان القتال، غيرآبهة بخطر، ودون ان تخشي منازله الفرسان.. بما فيهم تحديها للحجاج بن يوسف الثقفي نفسه علي غلظته ودمويته ووحشيته
وقبل ان نتحدث عن قصة (غزالة) تلك لابد ان نعرف شيئا عن فكر الخوارج، والخوارج اسم يطلق كما يقال على كل من خرج علي الامام الحق المتفق عليه، وهم المتمردوين علي طاعة الإمام دون ان يعتنقوا مذهبا معينا او يكون لهم رأي خاص بهم، لكن صار هذا الاسم عاما علي طائفةلها منطقها ورأيها ، وقد اطلقت عليهم اسماء عديدة
المهم أن هذه الطائفة أحدثت في المجتمع الاسلامي فتنة عارمة لتكفيرهم كل من لم يكن معهم علي من يحاربونه ولوكان موقفه سلبيا أو محايدا.
ومع ذلك فقد امتاز هؤلاءالمتطرفون بالجرأة والشجاعة النادرة ، حتي اننا نراهم وهم يتصدون لمن يحاربهم بعنف وشراسة
وقد حاربهم الحجاج بن يوسف الثقفي في عهد عبدالملك بن مروان بلاهوادة
وكان الحجاج بن يوسف شديد الوطأة علي من يحاربه.. ولم يكن يعمل لأي إنسان أي حساب، حتي أنه قسا علي (أنس بن مالك ابن النضر) خادم رسول الله صلي الله عليه وسلم،ولم يسلم منه الا بعد أن وبخه الخليفة عبدالملك بن مروان، الذي أمره أن يعتذر لخادم الرسول، وتعجب من جرأته أن بعنف أنس خادم رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي كان يطلعه علي سره، ويفشي له الاخبار التي تأتيه من ربه' كما جاء في كتابه الي الحجاج ثم عقب ذلك بأن أمره أن يمشي علي قدميه راجلا غير راكب.
وأطاع الحجاج أمرالخليفة، واعتذر له، وطلب منه أن يكتب إلي الخليفة يلتمس منه الرضا والصفح عنه
الحجاج هذا بكل غلظته، وقفت أمامه (غزاله) في إحدى المعارك، بعد أن قتلت العديد من فرسانه، ثم طلبت منه المبارزة، فخاف منها الحجاج،وهرب من هذه المواجهة.. فيره عمران بن قحطان بتلك الأبيات اللاذعة التي تقطر تهكماوزراية؟أسد علي، وفي الحروب نعامةفتخاء تنفر من صفير الصافره لا برزت إلي غزالة في الوغي بل كان قلبك في جناحي طائر
أما زوجها فهو رجل من جبابرةالخلق وعتاتهم، له امرأة علي غراره، قيل أنها كانت فقيهة أيضا وخطيبة، فهي معتزةبجبروت رجلها، حتي أنها قالت له يوما
باشبيب..!.. لقد نذرت لله نذرا سألتك أنتعينني علي الوفاء به؟وماذاك ياغزالة يرحمك الله؟أن أصلي في مسجد الكوفةالجامع ركعتين، أقرأ في الأولي سورة البقرة، وفي الثانية سورة آل عمران.
وماأدراك ما الكوفة آنذاك.
انها حاضرة الجبار العنيد ابن يوسف الثقفي الذي قتل لهشبيب القواد، وأفني له الاف الاجناد، وجعله مضغة في أفواه العباد، وان للحجاج في الكوفة لستين ألفا جمعهم لحرب شبيب وغزالة.
ولكنه الجبروت والعزة بالفتوة
وناهيك بالبقرة وآل عمران: انهما أطول سور القرآن قاطبة، فآيات البقرةمائتان وست وثمانون آية، وآيات آل عمران مائتان.
وناهيك بصلاة تتلي فيها هاتان السورتان وسط عدو عدته ستون ألفا.. أنها ليست صلاة الواجف العجلان، بل هي فعلةالمستأني أناة الاستهانة بعدوه الجرار
ولكنه الجبروت والعزة بالفتوةوالعجيب ان شبيب حقق أمل زوجته (غزالة) فزحف بجيشه نحو الكوفة، وقتل في طريقه من قتل من رجال الحجاج، ودخل الكو فة نفسها وفيها الحجاج وجنده، وسار في شوارعها وبجواره غزالة حتي دخلت المسجد لتصلي فيه، ووقف هو وبعض جنوده عند الباب الحراستها، حتى أدت نذرها وعاد من حيث قدم
ويقال عنها انها كانت تهاجم المدن ومعها مجموعة من النساء، حتي قال فيها خزيمة بن فاتك الأسدي
أقامت غزالة سوق الضرارلأهل العراقين حولا قميطاسمت للعراقين في جيشهافلاقي العراقان منها أطيطا
(والاطيط) هو الصوت يخرج عند اشتداد الكرب، او هو حنين الابل الي معاطفها، والمعني:
أن أهل العراق لقوا منها الويل والحرب
والمحللون لشخصية هذه المرأة الجريئة التي لاتعبأ بالحروب، ولاتخشى الرجال، والتي كانت تقاتل وتقتل، ولاتخشي رؤية دماء الضحايا، ولاتعاف رؤية الأشلاء،ماكانت تفعل كل ذلك، إلا أنها كانت تري في زوجها شبيب القدوة والمثال.
فهو جريءلايعرف الخوف،شديد لايعرف اللين،يدافع عما يعتقد دفاعا دونه الموت
وكانت هي تقلده في كل ذلك
تراه لايهاب الموت فلم تهب نهاب الموت
وتراه متعطشا للدماء، فتاقت نفسها لرؤية الدماء
لم تحارب عن فكر
ولم تحارب عن دين
بل حاربت وهي تعتقد ان مايخالف رأيها أو يخالف رأي الخوارج مصيره الموت
كانت تحارب عن ضيق أفق
وتحارب عن تعصب ممقوت اوكما يقول الامام الغزالي في كتابة المنقذ من الضلال إن للإسلام عدوا من الخارج، هو أقل خطرا كالمشركين والوثنيين.
وعدوا من الداخل هو أشد خطرا كمسلم جاهل لايفهم دينه، ويتعصب لجهله وضلاله
وتمرالأيام ويغرق زوجها شبيب عندما نفر به جواده، وسقط في دجلة وانتهت حياته
وإذا بغزالة وقد فقدت الرجل التي كانت تري فيه كل مثلها، قد انهارت قواها، ولم تعد لديها القدرة علي التحدي والقتال.. ماتت فيها هذه الروح، ووهن فيها العزم، ولم تعد هي التي تخوض المعارك ولايهمها يحور الدم حتي انها في أول مواجهة منيت بهزيمة ساحقة، وقتلت في هذه المعركة وأسدلت الايام ستارالنسيان علي امرأة كانت في يوم من الايام تملأ الحياة خوفا ورعبا، لانها كانت تتمثل بزوجها الذي عاش حياته، وهو يري انه علي حق، وغيره علي الباطل، ولم يفكر او يعمل عقله مرة واحدة، حتي يثوب لرشده وتثوب معه الجماعة التي تعلقت به، وآمنت بفكره