لله وحدَه، والصلاة
والسلام على من لا نبي
بعده، أما بعد:
فمن الظواهر التي
تصاعدت حدَّتها في القرن
الماضي تطاوُل بعض
المستشرقين وأتباعهم
من أهل الأهواء من بني
جلدتنا على سُنة النبي
-صلى الله عليه
وسلم-، وعلى نَقَلة
العلم من الصحابة -رضي
الله عنهم- والتابعين،
كأبي هريرة -رضـي الله
عنه- والإمام الزهري...
وغيرهما.
وفي هذه الأيام ظهرت
نابتة جديدة تتحدث بغَيْرَة
)مصطنعة( على دين
الإسلام، وتزعم حرصها
على تنقيح السُّنة
النبوية، والذبِّ عن سيِّد
الثقلين -صلى الله
عليه وسلم-؛ فتطاولت
على صحيحَي البخاري
ومسلم خصوصًا، وزعمت أن
فيهما أحاديثَ مكذوبةً
ورواياتٍ مُنْكَرةً تسيء إلى
نبي الإسلام -صلى
الله عليه وسلم- بحجة
معارضتها للقرآن
الكريم تارة، وبحجة
مخالفتها للعقل تارة
أخرى، ونحو ذلك من الحجج
الواهية، والتخرصات
الوهمية، كل ذلك تحت
مظلة المطالبة بتنقيح
الصحيحين وإعادة النظر
في أحاديثهما.
ويأبى الله إلا أن ينصر
دينه، ويفضح تعالُم
الجاهلين؛ فتأتي
الدراسات التي نشروها
لتُظهِرَ جهلًا فاضحاً
بالسُّنة النبوية عمومًا،
وبالصحيحين خصوصًا؛
حيث جاءت تلك الدراسات
المزعومة محشوَّة
بالأغلوطات الفجَّة
والشبهات المتهافتة،
لتبرهن من جهة أخرى على
جهل أولئك بأصول
السُّنة، وقواعد الرواية،
ومناهج المحدِّثين. ومع
ذلـك يزعمـون -بكـل
صفاقة ومكر- تدثُّرهم
بالبحث العلمي، والتجرد
من الأحكام المسبقة...
ونحو ذلك من الهراء الذي
لا حقيقة له ولا دليل
معه.
إن التطاول على
الصحيحين ما هو إلا
قنطرة للتطاول على
دين الإسلام وهدم سُنة
سيد الأنام -صلى الله
عليه وسلم-؛ فقد أجمع
أهل العلم عبر العصور
قديمًا وحديثًا على أنهما
أصح الكتب بعد كتاب
الله -تعالى- ولمَّا عجز
أهل الأهواء عن نقد القرآن
العظيم، وإبطال السُّنة
النبوية بالكلية، أرادوا
أن يهدموا الإسلام بإثارة
الشبهات على كتب
الإسلام الصحيحة،
وإسقاط هيبتها ومكانتها
عند المسلمين.
إن تَكاثُرَ هؤلاء
المجترئين على
التشكيك في السُّنة
ومحاولة تحريفها يوجب
على العلماء
والمتخصصين في
الدراسات الحديثية
المبادرة للرد على
مكائدهم، وكشف عوار
أولئك المحرِّفين، وفضح
مناهجهم النقدية المزعومة.