التقريب بين
السنة والشيعة مرت
بمراحل عديدة وانتهت إلى
نتيجة واحدة تثبت أنها
وهم وسراب بسبب كثير
من المستفزات منها الغلو
وغياب المصارحة وتفشي
التطرف وسوء الظن.
وقد كان الدكتور مصطفى
السباعي رحمه الله
خطيب الجامع الكبير في
حمص من المهتمين
بمحاولات التقريب بين
السنة والشيعة وممن
باشر بتدريس فقه
الشيعة في كلية
الشريعة في دمشق،
لكنه وجد الإعراض من
الشيعة وعبر عن تلك
التجربة في كتابه
)السنة ومكانتها في
التشريع الإسلامي(
والذي نشره عام 1949،
وكتب في مقدمته ما آلت
إليه الجهود على مدى
عقود وخلص إلى أن
المقصود من دعوة
التقريب هو تقريب أهل
السنة إلى مذهب الشيعة.
وسبقه ولحقه العديد من
العلماء الذين خاضوا
تجارب التقريب بين
السنة والشيعة منهم
الدكتور محمد البهي الذي
كان من المؤيدين لـ)دار
التقريب(!، وبعد أن
تبينت له حقيقة الدار
والدعوة القائمة فيها
قال: "وفي القاهرة قامت
حركة تقريب بين المذاهب،
وبدلا من أن تركز نشاطها
على الدعوة إلى ما دعا
إليه القرآن الكريم،
ركزت نشاطها على إحياء
ما للشيعة من فقه
وأصول وتفسير"!، وكان
الشيخ محمد عرفة -عضو
كبار العلماء في الأزهر-
والشيخ طه محمد الساكت
قد تركا )دار التقريب(!
بعد أن علما أن المقصود
نشر التشيع بين
السنة لا التقارب أو
التقريب.
وفي كتاب ذكريات الجزء
السابع صفحة )132(
يذكر الشيخ علي
الطنطاوي أنه زار )القمي(
الفارسي الذي أسس )دار
التقريب(! فوجده داعية
للتشيع وليس
للتقريب، أما الشيخ
محمد رشيد رضا صاحب
تفسير المنار فقد قال
رأيه في مذهب الشيعة
في مجلة المنار مجلد )31(
صفحة )291(، أما الدكتور
عبد المنعم النمر-وزير
الأوقاف المصري السابق
فيذكر في كتابه
)الشيعة والمهدي( أنه
التقى بالشيخري -أحد
علماء فارس- وأوضح له
النمر أن الشيعة
مطالبون بالبراءة من
الانتقاص من الصحابة،
والكف عن طباعة أمهات
الكتب التي تروج لتلك
الأفكار ولكن النمر لم
يجد استجابة من
الشيخري.
ومن بعد الدكتور مصطفى
السباعي رحمه الله
وغيره من العلماء جاء
الشيخ يوسف
القرضاوي وسار في خطى
التقريب وشارك ونظر
واجتهد للتقريب بين
السنة والشيعة، ولكنه
وصل إلى نفس النتيجة
وقال كلماته التي
سمعناها جميعا محذراً من
نشر التشيع بين
السنة، ومحاولاتهم
الحثيثة للانتشار في
بلدان أفريقية بينها
مصر والسودان والمغرب
والجزائر ونيجيريا،
ومحذرا أيضا من المطامع
والأحلام الفارسية
المخلوطة بنزعة مذهبية
يغلفها التعصب التي
تنتهجها جمهورية إيران
الفارسية وأوضح قائلاً:
"مصر التي أعرفها جيدا،
وأعرف انه قبل عشرين
عاما لم يكن فيها شيعي
واحد منذ عهد صلاح الدين
الأيوبي، استطاعوا أن
يخترقوها واصحب لهم
أناس يكتبون في
الصحف ويؤلفون الكتب
ولهم صوت مسموع في
مصر والمغرب العربي
وإندونيسيا وماليزيا
ونيجيريا والسنغال، وقد
أكدت في كل مؤتمرات
التقريب بين المذاهب
وكررت أن سب الصحابة
الكرام خط أحمر يجب
الامتناع عنه لأن
الصحابة الكرام هم الذين
نقلوا لنا الدين والقرآن
وفتحوا الفتوح ونشروا
الإسلام"، وبعد تلك
التصريحات تعرض
القرضاوي لهجوم عنيف
من مراجع شيعية ومن
وكالة الأنباء شبه
الرسمية )مهر( رد عليه
القرضاوي ببيان مطول
أكد فيه أن تقارب السنة
والشيعة أكذوبة لن
تتحقق.
الخلاصة أنه لن يكون
هناك تقريب إلا إذا
اجتمعنا على حب الصحابة
رضوان الله عليهم جميعا
وتقديرهم، وهذا موقفنا من
قبل ومن بعد ما داموا على
عقيدتهم، وأن ما يراد من
دعاوى التقريب إنما هو
خداع، فلا نرى تطبيقا
عمليا للتقارب بين
السنة والشيعة في
إيران الفارسية
الشيعية! فلماذا لا
يسمح ببناء مساجد
السنة في إيران؟! ولا
يسمح للسنة في دولة
الأحواز العربية المحتلة
بتسمية أبنائهم بأسماء
الصحابة الكرام أو
الأسماء العربية؟! ولماذا
تواصل إيران الفارسية
طباعة الكتب الضخمة
التي تطعن في الصحابة
الكرام؟!
التقارب بين السنة
والشيعة لن يتحقق إلا
باتباع ما جاء في كتاب
الله وسنة نبيه وإجماع
الأمة وحب الصحابة الكرام
وتقديرهم، وليس تقريب
السنة لمعتقدات أخرى.