اليوم وبعد أن سقطت إمبراطورية الشيطان، وسقط فرعون ومن قبله هامان، نجد أن الحقائق تنكشف الواحدة تلو الأخرى، ليصحو الناس كل يوم علي فضيحة فساد وتعذيب جديدة، اليوم حبيب العادلي يكشف عن ولائه الحقيقي لسيده مبارك بعد أن تخلى عنه الجميع، بعد أن قرر مبارك قبل خلعه أن يجعله كبشا للفداء علي مذبح التحرير، وكان العادلي في بداية التحقيقات معه واثقا من أن سيده مبارك سوف يتدخل في اللحظة الحاسمة وينقذه من محكمة الشعب والقصاص العادل،ولكن لما جاءته أخبار خلع مبارك وفراره خارج البلاد، قرر الشيطان هامان أن يتبرأ من سيده فرعون، فقد هدد وزير الداخلية السابق حبيب العادلي بالكشف عن وثائق تدين الكثير من كبار المسئولين في الدولة، مشيرا إلي انه كان يتلقى أوامره بشكل شخصي من مبارك، وأكد العادلي على أن مبارك كان شريكا له، وكان هو وعدد من قيادات الدولة الكبار على علم بجميع أوضاع البلاد بما في ذلك حجم الفساد للمسئولين .
ــ أعجب ما هذه البراءة بين هامان وسيده فرعون، ما كشفه عن وجود غرفة في مقر الحزب الوطني الحاكم في ميدان التحرير تعرف باسم "غرفة جهنم" تضم جميع مُخالفات كبار المسئولين بالدولة والحكومة وموثقة بالصوت والصور، مشيرا إلي أن كلا من صفوت الشريف الأمين العام السابق للحزب الوطني وجمال مبارك نجل الرئيس وأمين التنظيم السابق بالحزب كانوا على علم بها وبجميع الملفات وبفضائح جميع المسئولين وكانوا يتغاضوا عنها، وذلك من أجل منافعهم الشخصية ومن أجل السيطرة عليهم وإجبارهم علي تنفيذ كل ما يطلب منهم دون مناقشة، وهي سياسة صهيونية مخابراتية شهيرة وقديمة، سياسة الملفات السرية، والفضائح الأخلاقية .
ــ وكما تبرأ هامان من سيده فرعون، أخذ تبرأ من مساعديه ومرؤوسيه الواحد تلو الأخر، في مشهد دراماتيكي يحاكي أكثر الأفلام إثارة وتشويقا، حيث أخذ العادلي ومساعدوه يلعن بعضهم بعضا، ويلقي التهم علي الآخر، فقد أنكر حبيب العادلي كل ما نسب له من اتهامات وقال أنه لا يحب العنف ولا يقمع المتظاهرين!،
وألقي بالمسئولية على اللواء عدلي فايد مساعد الوزير لقطاعي الأمن والأمن العام، وحسن عبد الرحمن رئيس جهاز مباحث أمن الدولة واللواء أحمد رمزي مساعده الوزير للأمن المركزي، وقال العادلي إن رئيس مباحث أمن الدولة قدم له تقارير مضلله عن حمل المتظاهرين أسلحة ومهاجمتهم لقوات الأمن مما اضطره لأخذ قرار بمهاجمتهم، ولكن اللواء عدلي فايد قال أمام النيابة أنه غير مسئول عما حدث وأنه ليس له أي علاقة بأي ضابط متواجد بالشارع وأنه يعتبر جهة رقابية علي الشرطة من داخل الشرطة ولا علاقة له بالأمور الميدانية، في حين رد رئيس مباحث أمن الدولة قال إنه منذ 3 سنوات يتقدم بتقارير للعادلي حول خطورة معاملة المتظاهرين بعنف وحذره خلالها من إتباع أساليب القمع إلا أن العادلي كان يعد تقارير بشكل يخدم هدفه في التعامل بعنف مع المتظاهرين في أي مكان في الجمهورية ولم يهتم مطلقا بتقاريره .
ومهما يكون من نتيجة ستنتهي إليها التحقيقات، فإن مصر والعالم العربي والإسلامي إزاء مشهد من مشاهد التاريخ المعبرة الزاخرة بالدلالات والدروس والعبر التي سيحكيها غدا التاريخ للأجيال القادمة، كما تقص علينا قصص السابقين والهالكين .