ثبتت الأبحاث العلمية صحة ودقة الحكمة االقديمة التي تقول "البكاء مفيد لصحة الإنسان"، كما نعلم أن البشر هي الكائنات الوحيدة التي تذرف دموعا حقيقة. مع أن البكاء منتشر في هذا الكون الواسع ومتعارف عليه بين الثقافات، إلا أنها لا تزال ظاهرة غامضة تحير العلماء، فالأشخاص يذرفون دموعا عند شعورهم بالحزن والوحدة وإصابتهم بالتوتر المزمن وفي المواقف المفجعة كخسارة أحد الأشخاص، أو عند شعورهم بالفرح الشديد، والدهشة والإرتياح، كما أن أسباب البكاء وكميته تعتمد على عوامل عدة كنوع الجنس والعمر، والصحة وقوة تأثيرالحدث و السلوكيات الإجتماعية، وطبيعة شخصية الإنسان.
وتعلمنا عن البكاء من خلال الشعر وعلم الخيال, والأفلام الرومانسية أو الدرامية أكثر مما تعلمناه أو عرفناه من الأبحاث الطبية والدراسات العلمية. مع ذلك، أوجدت الأبحاث العلمية دليل قوي ومتين يبين أن البكاء مفيد للصحة بشكل كبير.
أوجد العلماء أربع أليات بيولوجية تؤثر على كمية الدموع التي ستذرف في وقت معين:
· عوامل جينية
· عوامل غذائية
· اتزان الساعة البيولوجية
· مستويات الهرمون (نكون أكثر قابلية للبكاء عند حرمان أنفسنا من النوم وخلال وقت ما من اليوم)
فإسالة الدموع ينتج عن تفاعلات حيوية معقدة تتفاوت بين الحالة النفسية والعصبية عند الشخص مما يؤدي بالسماح للدموع بالنزول، ومع أن ليس هنالك دراسات كافية عن هذه التفاعلات وكيف يبدأ البكاء ومتى يتوقف، إلا أن الدراسات الطبية استطاعت إثبات ومعرفة العلاقة القوية التي تربط بين البكاء وصحة الإنسان.
في العادة، معظم الأشخاص يشعرون بارتياح كبير بعد نوبة من البكاء، كما أن الجميع يتفق أنه يتم زيادة إفراز عدد وكميات من هرمونات التوتر في أجسامنا قبل البكاء، وهذا يفسر سبب وجود بعض هرمونات التوتر في الدموع، وهذه بالواقع حقيقة مهمة وعظيمة لمعرفتنا بمدى تأثير وضرر هذه الهرمونات على أنظمة الجسم وصحته إذا لم يتم التخلص منها. ففي العقود الأخيرة، تم إثبات الدورالرئيسي لهرمونات التوتر في تدمير خلايا الدماغ وإتلافها.
تستهدف هرمونات التوتر مناطق معينة في الدماغ: الحصين (قرن أمون hippocampus)، ومنطقة تحت المهاد (Hypothalamus)، وقشرة الدماغ الأمامية (prefrontal cortex). وتهاجم هذه الهرمونات مناطق مختلفة في الدماغ مما يؤدي إلى اضطراب مزاج ومشاعر الأشخاص، وبالتالي تؤدي إلى تضرر المناطق الدقيقة والمهمة في الدماغ القادرة على تدمير هذه الهرمونات.
بالنهاية، أثبتت الدراسات الطبية الحيوية أن هرمونات التوتر قادرة تقريبا على التأثير سلبيا على جميع أنظمة الجسم بما في ذلك أنظمة القلب، والأوعية الدموية ، والجهاز الهضمي، والغدد الصماء، وجهاز المناعة، والعظام والعضلات. فمن الواضح أن للبكاء دور أساسي ومهم في تخليص الجسم من هرمونات التوتر الضارة، والتي تؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة لا يمكن توقعها وتخيلها. وفي بداية القرن 21، تم إزالة جميع الشكوك المتعلقة بأهمية البكاء لصحة الإنسان.
هل ما زلتم تتسائلون عن سبب الراحة النفسية الكبيرة بعد البكاء؟ لا بد الأن أنتسعى التوعية الصحية العامة في البدء بحملة لإزالة جميع المفاهيم المغلوطة المتعلقة بالبكاء، وإبراز أهمية البكاء بالمحافظة على صحة الجسم وأنظمته.
من جهة أخرى، شجع بعض نشطاء الحكم الشعبية على البكاء لما في ذلك من راحة نفسية وتعبيرعن المعاناة والألم بقولهم "البكاء فرج للهم ويمنحك شعور أفضل".
يا ترى ممكن يكون الكلام ده صحيح
قشدة