البوس والأحضان بين المنع والصرف
- كنا في حوالي الساعة العاشرة صباحا في ربيع عام 1977 عندما كانت امي جالسة مع بعض قريباتها في دار ستي وكانت احداهن في مقتبل العشرينات ولم أكن قد بلغت السادسة بعد وبمجرد أن فتحت احداهن الراديو الذي أذاع نبأ لا أعلم محتواه حتي رقعت تلك الفتاه بالصوت الحياني ونزلت لطم على وشها ودخلت في عاصفة بكاء هستيري . سألت أمي ماذا حدث قالت لي ان عبد الحليم حافظ مات . لم أكن بعد قد وصلت للمرحلة التي أعي فيها كيف تعشق فتاه صوتا تستمع اليه في الراديو حتي إنه إن مات أو قتل تنقلب على عقبيها على هذا النحو . في مرحلة الإعدادية كانت متعتي الوحيدة أن استمع الي إذاعة لندن القسم العربي في هيئة الإذاعة البريطانية ، كنت اتخيل مذيعيها بأصواتهم فمحمد الأزرق كنت اشعر ان رأسه كبير أما مديحة رشيد المدفعي فلم أستطيع تخيلها من شدة قوة صوتها ، هدي الرشيد ورشاد رمضان وصهيب سهيل ، عندما قرأت للدكتور عصام العريان مقالا ينعي فيه حسن الكرمي صاحب برنامج قول على قول أحسست لأول مرة أن هناك أحد غيري كان يهتم بهذا البرنامج وطالما دخلت في مناقشات بعد الحصة مع الأستاذ محمد عبد العزيز عطية من قزمان بخصوص حلقة الأمس من برنامج السياسة بين السائل والمجيب أو عالم الظهيرة ، كنت أتابع أيضا برنامج في راديو صوت اسرائيل من أورشليم القدس اسمه من ملفات القضاء وكنت أحرص على هذا البرنامج كما لم أحرص على شئ آخر في حياتي ولم أزل اذكر قول القاضي ( حاييم شالوم حكمت المحكمة عليك بالإعدام بالكرسي الكهربائي ليرحم الله روحك ) كنا نشاهد بالتوازي مع هذه البرامج التي كنا نتابعها في الإذاعة برامج التليفزيون وكنا نعرف أن وزير الإعلام اسمه صفوت الشريف وهو شخصية لبقة ذو شارب أصفر كان قصيرا ولكن شخصيته قوية ويتحدث دائما عن المسلسلات والأفلام في مجلس الشعب كانت الأفلام تتحدث عن قضايا الحب (ولم نكن ندر يوم ذلك ما الهوي ولا ما قد يعتريه القلب من خفقان) لكن كنا نشعر مشاعر غريبة لا تتناسب مع سنوات الطفولة فرشدي أباظة فحل من فحول الحب وهو لا يعرف الرحمة مع النساء فهو يحبهن ويضاجعهن ويغتصب هدي سلطان بطريق الخطأ بعد أن كان ذاهبا لإغتصاب إبنتها ، كنت أعقد مقارنة بين لفظ الإغتصاب والسرقة وأعرف الإغتصاب على أنه تخليص شئ من يد أخر بطريق الإكراه ، والمشاهد كلها واضحة لا لبس فيها ولا اشارة ولا غموض فقلوبنا كانت تكاد أن تطير مع اللحن الجميل لأغنية الهوي هوايا ، لم أكن أعرف في هذا الوقت ما يعنيه اللقطات التي جمعت بين ميرفت امين وعبد الحليم ونادية لطفي ولكني عرفت بعد ذلك ، كان فيلم الكرنك يجسد فترة الظلم والقهر الذي ساد الفترة الناصرية ولكن أعتقد أن الإهتمام بلقطة اغتصاب سعاد حسني كانت أهم كثيرا من قصة الفيلم عند أغلب الناس . لم نك نعلم عندما كنا نمر بمرحلة المراهقة ونحن نشاهد هذه اللقطات التي عجلت بمشاعرنا واهدرت براءتنا أن القائم على هذا البث المباشر من مسبيرو إلي غرائزنا على الهواء مباشرة هو موافي ( صفوت الشريف ) أحد خبراء الدعارة وأستاذ تصوير الممثلات أثناء ارتكابهن للفحشاء وهو الذي كان يدفعهن الي ذلك دفعا .
- تذكرت هذه المشاهد عندما علمت ان رئيس التليفزيون أمر بمراجعة المشاهد التي تحتوي على بوس أو أحضان ولا أدري ان كان يقصد بالمراجعة حذف البوس والأحضان أو ترشيدها وعرفت ذلك من فقره اضافها أحد الإخوة على الفيس بوك تتحدث فيها مذيعة على قناة أو تي في التي يمتلكها نجيب ساورس الذي ربما ظن أنه يستطيع تعليم الشعب المصري كيف يصبح غنيا وكيف يصبح عبقريا ، تتحدث فيها عن قرار منع أو ترشيد البوس علي أنه تحول إلي دولة ( ملات ) وأنه بذلك فقد تحولت مصر إلي إيران أو أفغانستان جديدة ، وطبعا إيران وافغانستان هما دولتان لا يستطيع نجيب ساورس أن يعلم شعبوهم كيف يكونوا أغنياء أو عباقرة في مجالات الربا واستغلال النفوذ والعمالة والتجسس وبالتالي فإن نجيب ساورس يؤكد على معان وقيم تعتبر حجرات عثرة في طريق الأمة إلي قيمها التي جعلت كل شبابها أغنياء في يوم حافظوا فيه عليها ورعوها حق رعايتها .
- إن شباب الشارلستون والخنافس يا سيد ساويرس لم يعودوا أغلبية في أحياء القاهرة كما كنت وجيلك غير المأسوف على أفول شمسه وإن حفلات الديسكو وأصوات الرومبا والسامبا وتسمحي لي بالرقصة دي لم تعد آذاننا تقبلها وإن صوت الشيخ شعراوي الأجش له وقع على مشاعرنا وأنفسنا يتعدي بكثير صوت عبد الحليم ، وإن كنت تريد والمذيعة الغلبانة التي ( صدرتها ) لنا لكي تتكلم في هذا الموضوع أن تبوسوا أو تباسوا أو تحضنوا أو ( تنحضنوا ) فليكن ذلك داخل بيوتكم أو شركاتكم وإن أردتم أن تشاهدوا هذا البوس والأحضان فعندكم الإنترنت والاقمار التي لا يغيب عنها البث وكلها بوس واحضان اما نحن أبناء مصر فلا نريد في تليفزيوناتنا بوسا ولا أحضانا نريد دراما هادفة وأفلام تصلح عيوب الأمة وتوجه شبابها وتعمل على رأب الصدع في كل أسرة وفي كل حجرة نوم لزوجين مسلمين صالحين تقوم بهما لبنة من اللبنات نحو المجتمع المسلم الذي يتوجب عليه أن يقود العالم إلي سواء السبيل ، نريد شبابا يستغل وقته في النافع المفيد ويستغل صحته في أكل العيش وفي العمل الصالح الذي يعود عليه في دنياه وأخراه وحتي يستطيع هذا الشباب الزواج وتكوين الأسر ، لانريد نصيحتك ولا نصيحة امثالك التي أنتجت أكثر من ثلاثين في المائة من الشعب يدخنون ويقتطعون من أقوات أولادهم من أجل السجائر ونصف هؤلاء يتعاطون الحشيش والبانجو على فترات متقطعة أو متصلة ، لا نريد في شوارعنا تحرش جنسي ، نريد أن نأمن على زواجتنا وامهاتنا واخواتنا في الشوارع ، نريد حشد طاقات الأمة في البناء والعمل لا تضييعها في ممارسة العادة السرية . قال نزار قباني :
آه يا جيل الخيانات
ويا جيل العمولات
ويا جيل النفايات
ويا جيل الدعارة
سوف يجتاحك مهما أبطأ التاريخ
اطفال الحجارة

إذا كنت إبن أخى أبراهيم حشله فهذا الشبل من ذاك الأسد فكان دائما هكذا وكانت تعليقاته مليئه بالجد الممذوج بالسخريه الأنيقه
رحمك الله ياإبراهيم ونم مطمئنا فأولادك يفعلون ماتفعله

جميل هذا المقال يااستاذنا وانا بقراه حسيت انه كلامى طالع من القلب وكلام واقعى

عمي المهندس indomax جزاكم الله خيرا على هذه الكلمات الرقيقة والأحاسيس الطيبة الوديعة . فعلا انا محمود ابراهيم حشله بس انا لما سجلت في المنتدي حطيت الرمز ده علشان اعرف اتكلم من غير ما حد يعرفني أيام الجماعة المخلوعين . للأسف انا مش عارف اوصل لإسم حضرتك . لو حضرتك تحب ترسله لي على ايميلي mhashla@yahoo.com أكن شاكرا الأفضال . وجزاكم الله خيرا
أخي ابن شباس مشكور على الكلام الرقيق والحمد لله إنك شعرت بهذا الكلام على انه كلامك ، ما هو احنا كلنا واحد يا أخي والله بس المشكلة الثقافة السيئة التي زرعوها في عقولنا في أيام الطفولة .

تسلم يا استاذ محمود على موضوعاتك وتحليلاتك الجميلة دائما تثرى المنتدى بهذه الموضوعات التى لها طابع خاص لغة بسيطة يفهما الجميع تتضمن محتوى نعيشه جميعا ..

عاش وسلمت ايدك يا استاذى وحبيبى سعادة المستشار محمود بيه حشله
حقا موضوع فى غاية الاهميه وآن الاوان لكى يكون الاعلام على قدر المسئولية
اعلام عربى قوى ينقل ثقافة الاسلام والمسلمين للغرب وليس اعلاما ضعيفا موجها وينقل ثقافة الغرب ويقلد وينقل جميع القصص والروايات الاجنبيه والتى تعبر عن ثقافة مزوره وموجهه وتهدف الى تضليل وتشويش فكر الشباب العربى
والتى استخدمت فى ذلك العديد المسئولين الفاسدين من امثال صفوت اللاشريف

حياك الله يا استاذنا على عرض الموضوع الشيق والممتع وهى العاده دوما فى جميع موضوعاتك

قشدة

تعرف يا أستاذ محمود أنا عادة مبكملش المقالات الطويلة قراءة إلا إن مقالك سبحان الله شدنى أنى أكمله للآخر لموضوعه الممتازجدا وتعبيراته الصادقة وكلامة الشيق .
فعلا

gazak AALAH khairan ya metr.fe3lan maodoo3 ghaia fe el aha,mia,yageb an nansef al3asr albaed kama nansef hammamana alqadeem,ana motaaked el elly ahsan bekter tool mafeeh nas zaiak ya ostazna.

دائما مقالك ممتع ويحمل في طياته الكثير من المناقشات والله لقد احسست انني كاتب المقال لما يعبر عن كل ما بداخلنا فأنا ايضا كنت استغرب في مشاهد البوس والاحضان هذه كيف يقوم بها المشخصاتيه المتزوج والمتزوجه وكيف يرضى المشخصاتي ان تباس زوجته ام اولاده عيانا جهارا امام ملايين البشر وتعاد لعشرات السنين والعكس صحيح ...
عرفت اخيرا ان هذا كان مقصودا لافساد المجتمع الذي هو نواة الامة


واهديك هذا البيت مكافأة بسيطة على هذا المقال الرائع :

له خال على صفحات خد **** كنقطة عنبر في صحن مرمر
والحاظ باجفان تنــــــادي **** على عاصي الهوى الله اكبر

حبيبي واستاذي الأستاذ محمود النشرتاوي
سعدت بكلماتك الحساسة والرقيقة والتي تلمس القلب كما عودتنا دائما
أما المكافأة التي منحتني اياها فهي احلي مكافأة في الدنيا والبيتين دول انا كتبتهم عندي في الأجندة لانهم جمال جدا وكلمة الله أكبر عندما تأتي في بيت شعر يكون لها وقع وقلقلة في النفس
قال قيس :
وأجشهت للتوباذ حين رأيته : وكبر للرحمن حين رآني
وأذرفت دمع العين لما عرفته : ونادي بأعلي صوته فدعاني
جزاكم الله خيرا

أخي الكبير واستاذي المحترم الأستاذ حمدي السعدني جزاكم الله خيرا على المرور الكريم والجميل والذي تركت بسببه اسمك ليزين صفحتي كل هذه الأيام وواحشني كتير والله يا بو احمد
أخي الحبيب الأستاذ الكبير صبري شرف جزاكم الله خيرا على المرور الكريم والكلام الجميل بارك الله فيك يا أخي دائما تسعدني كلماتك