مدينة رشيد التي عرفت على مر التاريخ المصري منذ العصور الفرعونية
وتتميز المدينة بتاريخها الوطني وتراثها المعماري الفريد
واشتق اسمها من الاسم الفرعوني “رخيت”
وهو اسم سكان الدلتا والذي تحول إلى الاسم القبطي “رشيت” ثم تحور إلى “رشيد”.
و بدخول جيوش الأسكندر الأغريقي و تأسيس مدينة الأسكندرية كعاصمة لهم
أصبحت رشيد أهم ثاني مدن القطر المصري،
و مرورا بحكم البطالمة و الرومان ثم الفتح الاسلامي،
حيث ازدهرت أيما ازدهار في الفترة العثمانية.
هذه المدينة الخالدة التي حظيت منذ أقدم العصور
بزيارات الرحالة والبحارة والمؤرخين والفلاسفة
والسلاطين والملوك والرؤساء، فوطئت أرضها في العصور القديمة
أقدام هيرودوت واسترابون وفيلاوس وهيلانة
والإسكندر وعمرو بن العاص وقايتباي والغوري وصلاح الدين الأيوبي ونابليون”..
و يرجع العديد من العلماء أمثال ألفريد لوكاس الفضل لمدينة رشيد و ميناءها في نهضة أوربا العمرانية
في الفترة القوطية و بدايات عصر النهضة حيث يذكر أن مونات البناء من الأجيار المائية
كانت تنتج في مصر في وقت ما لهذا الغرض نقلا عن الرحالة سانديز " ففي عام 1610م
بينما كان يجتاز الصحراء بين الأسكندرية و رشيد شاهد أشجار النخيل و الكبار البري غير المفلوحة
و عشبا يسميه العرب قلياً متفرقة هنا و هناك .
و هم يستعملون هذا العشب وقوداً ثم يجمعون الأرمدة و يسحقونها معا و يخلطونها بالحجر الجيري أثناء حرقه،
و يبيعونها بكميات كبيرة إلى أهل البندقية" ( مدينة فينسيا الإيطالية حاليا).
و قال هذا القول نفسه تقريبا كل من راي في سنة 1693م و بيلون في سنة 1553م.
و يزخر تاريخ رشيد في الحقبة الإسلامية بالعديد من الشواهد الأثرية التي تضرب بجذورها في عمق هذا التاريخ،
لما تتميز به من عمائر دينية ومدنية،
تمثل متحفا مفتوحاً فهي تضم اثنين وعشرون منزلا اثريا تتميز بتعدد الطوابق التي تصل في بعض الأحيان من 5 إلى 7 طوابق وجميعها مبنية من الطوب الأحمر و الطوبة الرشيدي السوداء أو ما عرف باسم الآنجور (الطوب الملون)،
والمنازل تعكس ماكان يتميز به أهل المدينة في ذلك العصر من التقدم في العمارة والنجارة والبناء،
كما تعكس الطابع الاسلامي الذي كان موجودا في ذلك الوقت بما تحويه من مشربيات وصالات استقبال ونقوش كوفيه أو قباب مبنية بالطوب، كما تمتاز هذه المنازل الأثرية في رشيد بوجود دواليب حائطية من الخشب يعلو بعضها خورنقات،
ولهذه الدواليب مصاريع (ضلف) مصنوعة من الخشب المحلى بالأرابيسك والأطباق النجمية،
كما حليت جدران بعض القاعات بالقيشاني وأسطح المنازل بها ميل يتجه نحو فتحات الصرف التي تجدها من الخارج عبارة عن قنوات للصرف على الشارع لتصريف المياه التي تتجمع فوقه، والأثاث في العصر العثماني الذي شهد بناء هذه المنازل كان بسيطا ولا يشغل مساحة كبيرة من الحجرات، فالدواليب حائطية والأرائك والأسرة عبارة عن جلسات مبنية من الحوائط كانت تفرش بالحاشيات المنجدة، وتغطى بأجمل أنواع المنسوجات المزركشة والأكلمة الجميلة الصنع.
وكما أعدت هذه المنازل لكي تكون سكنا وتحفا فنية
أعدت كذلك لكي تكون حصونا حربية عند الحاجة في زمن الحروب.
و بخلاف المنازل يوجد عشرة مساجد وحماما وطاحونة وبوابة وقلعة وبقايا سور قديم،
وهذه العمائر ترجع الى العصر العثماني
فيما عدا قلعة قايتباي وبقايا سور رشيد والبوابة فيرجعون الى العصر المملوكي.
ومن أهم المنازل الأثرية الموجودة في المدينة منزل الأمصيلي و منزل حسيبة غزال
و منزل الميزوني و هو جد محمد الميزوني والد زبيدة البواب زوجة فرانسوا جاك مينو القائد الثالث للحملة الفرنسية على مصر والذي أشهر اسلامه بعد ذلك وسمى نفسه عبدالله مينو
وقد خلد هذه القصة الشاعر الراحل على الجارم ابن رشيد في رائعته الروائية (غادة رشيد)
و منزل عصفور،
وهناك منزل القناديلي و منزل عرب كلي وله مكانة متميزة بين البيوت الأثرية في رشيد
حيث تأتي هذه المكانة نتيجة لاختياره بعد ذلك ليكون متحفا يعكس بطولات وتاريخ المدينة.
ومن المنازل الى المساجد الأثرية ومن أهمها مسجد زغلول ،
و يعتبر هذا المسجد من أقدم مساجد المدينة ويحمل ذكرى عزيزة على قلوب الرشايدة وكل المصريين
وهي الانتصار على حملة فريزر،
فمن على مئذنته انطلقت صحية (الله أكبر) ايذانا ببدء الهجوم على عساكر الحملة الانجليزية
وقد كان هذا المسجد بمثابة الأزهر حيث كان يتوافد عليه طلاب العلم وكان لكل شيخ عامود به،
والمشكلة أنه قد تعرض مؤخرا لحالة من التدهور بسبب ارتفاع المياه تحت السطحية،
و هو ما يمثل أول الدلالات على تسرب المياه اسفل أساسات المباني الأثرية برشيد ليدق ناقوس الخطر.
و هناك مسجد على المحلي و مسجد العباسي والمسجد بناه محمد بك طبوزادة سنة 1809م.
وتحيط برشيد عدة قلاع أقدمها قلعة قايتباي التى عرفها المؤرخون الأجانب باسم قلعة جوليان،
والقلعة انشأها السلطان الأشرف قايتباي سنة 1479 ميلادية لتدافع عن هذه الثغر والمدخل الهام لمصر،
وهي مستطيلة الشكل ويوجد في نواحيها الأربع أبراج دائرية وبأسوارها مزاغل،
وبوحوش القلعة الداخلي بقايا مبنى مستطيل كان يحتوى على حجرات للجند ومخازن ومسجد وصهريج مياه،
وهي تختلف في تصميمها عن قلعة قايتباي الموجودة في الاسكندرية،
وقد تعرضت لاصلاحات وتغييرات واضافات منذ القرن التاسع عشر الميلادي،
وفي اغسطس 1799
عثر (بوشار) أحد ضباط الحملة الفرنسية على الحجر المشهور بحجر رشيد تحت أنقاض هذه القلعة والذي تم من خلاله فك رموز اللغة الهيروغليفية القديمة وبالتالي الكشف عن كل التاريخ المصري
وهو ماأدى الى أن ذاعت شهرة المدينة أكثر وأكثر.
ومن الأماكن الأثرية الشهيرة أيضا بالمدينة حمام عزوز والذي بنيى في بدايات القرن التاسع عشر الميلادي ويتكون من مجموعتين،
مجموعة الاستقبال يجلس المعلم صاحب الحمام فيها وتتوسطها نافورة من الرخام وكان في سقفها شخشيخة من الخشب،
أما المجموعة الثانية فأرضيتها من الرخام وتتوسطها نافورة رخامية حولها حجرات للاستحمام،
جميع الأسقف بهذا القسم عبارة عن قباب يتخللها أطباق زجاجية للاضاءة،
وملحق بالحمام منزل صغير لسكن صاحبه والعاملين فيه،
وفي الخلف يوجد الحوش والساقية القديمة التي كانت تمده بالمياه،
وتوجد بالمدينة طاحونة أثرية شهيرة هي طاحونة أبو شاهين بنيت في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي
وقد بناها عثمان اغا الطوبحي وهي خاصة بطحن الغلال وكانت تدار بالخيل،
والطاحونة مزدوجة ذات مدارين بالحجارة والتروس الخشبية وملحق بها حظيرة للمواشي وحجرة لمبيت الطحان.
كانت هذه هي رشيد ملحمة على طول التاريخ المصري
المصدر
مدونة هايديhttp://espritmnh2009.blogspot.com/2011/06/blog-post_04.html