فهو ابن الصحابي الجليل الزبير بن العوام ..
أصيبت رجله بالآكلة .. فجعلت عظامه تتآكل ويسقط عنها اللحم ..
فرآه الأطباء .. فقرروا قطع رجله حتى لا يمتد المرض إلى بقية جسده ..
فلما بدؤوا يقطعونها أغمي عليه ..
فقطعوها .. وألقوها جانباً .. فبدأ نزيف الدم يشتد عليه ..
فغلوا زيتاً ثم غمسوا عروق الرجل فيه حتى توقف الدم ..
ثم لفوا على الرجل خرقة .. وانتظروا عند رأسه
فلما أفاق .. نظر إلى رجله المقطوعة ملقية في طست .. تسبح في دمائها ..
فقال : إن الله يعلم أني ما مشيت بك إلى معصية قط وأنا أعلم ..
فبدأ الناس يدخلون عليه ويعزونه في رجله .. ويصبرونه على مصابه ..
فلما أكثروا عليه الكلام .. رفع بصره إلى السماء ..
وقال : اللهم كان لي أطراف أربعة ..فأخذت طرفاً وأبقيت ثلاثة .. فلك الحمد إذ لم تأخذ ثلاثة وتترك واحداً .. اللهم ولئن ابتليت فلطالما عافيت، ولئن أخذت لطالما أبقيت
وكان حوله أولاده السبعة .. يخدمونه .. ويسلونه ..
فدخل أحدهم إلى أصطبل الخيول لحاجة .. فمر وراء حصان عسيف فثار الحصان وضرب الغلام بحافره .. فأصابت الضربة أسفل بطنه .. فمات ..
ففزع من حوله إليه .. وحملوه ..
فلما غُسل وكفن .. جاء أبوه يتكئ على عكاز ليصلي عليه ..
فلما رآه قال : اللهم إنه كان لي بنون سبعة .. فأخذت واحداً وأبقيت ستة .. فلك الحمد إذ لم تأخذ ستة وتترك واحداً ..
اللهم ولئن ابتليت فلطالما عافيت، ولئن أخذت لطالما أبقيت ..
فما أجمل هذا الرضا ..
كم من الناس يمرض بطنه فيجزع ويصيح .. وينسى سلامة رأسه ورجله ..
وكم منهم من تمرض عينه .. فينسى سلامة لسانه وأذنه ..
فاحمد الله على أن ابتلاك بمرض واحد .. ولم يجمع عليك عشرة أمراض ..
والتفت إلى من حولك من المرضى واحمد الله الذي عافاك مما ابتلاهم به ، وفضلك على كثير ممن خلق تفضيلاً ..
لا .. ولا يكفينا منك ذلك ، فالمؤمل فيك أكثر ..
نريد منك أن تكون مهدياً هادياً .. صابراً مصبّراً .. لا ترى مريضاً منكسراً إلا جبرته .. ولا حزيناً إلا أفرحته .. ولا متشكياً إلا وعظته ..
فتكون – وأنت مريض – منار خير لغيرك .. وأنت أهل لذلك بإذن الله ..