من أسوأ الأساليب التي تستخدمها الأنظمة الشمولية القمعية في ردها الحاد المتشنج على من يتظاهر ضدها مناديا بالإصلاح والحرية، كما هو الحاصل حاليا في بعض الدول العربية، أن تلك الأنظمة لا تكتفي للأسف الشديد بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين أو بدك القرى والمدن بالمدرعات وربما بالمدافع حاصدة مئات الأرواح حتى أرواح الذين يشيعون قتلاهم الذين سقطوا برصاص جلاوزة النظام، وإنما تعمد إلى أعمال قد تعد أسوأ وأنكى من القتل وهي أن بعضا من تعتقلهم يتعرضون لأشد أنواع التعذيب المفضي غالبا إلى الموت تحت وطأته، فإذا حصلت الوفاة وتمكن أحد من تصوير بعض المتوفين تحت التعذيب القاسي الذي لا يرحم، ظهرت على وجوه وجثث الضحايا آثار تعذيب جهنمي لا يطاق من فقء للأعين وتحطيم للعظام وسلخ للجلود وقلع للأظافر ووطء بالأحذية الغليظة على الجباه وفوق الرؤوس والصدور والخدود، وقد نقلت كاميرات الجوال والفيس بوك وغيرها من الوسائل الحديثة صورا يقشعر لها حتى جلد الدب القطبي، من الهول والفظاعة التي غلفت قلوب جلاوزة النظام، وهم يفعلون ذلك غير مبالين بخطورة أعمالهم على أرواح الضحايا وكأنهم بالفعل فئران أو جرذان على الأكثر لا قيمة لحياتهم ولا لآلامهم، وهدف الجلاوزة من ذلك إرسال رسالة تحذير لكل من يخرج على النظام مطالبا بأدنى حد من الحقوق بأنه لو وقع حيا في أيديهم فسوف يتمنى الموت لسوء وشدة ما سيلقاه من تعذيب رهيب حتى يصبح الموت أخف وطأة من قسوة تعذيبهم ومن خسة أساليبهم التي قد لا تخطر على بال أحد حتى الشيطان الرجيم وجماعته من الشياطين عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وهم يراهنون على أن تلك الوسائل الوحشية الهمجية سوف تضمن لهم تراجع الطالبين بحقوقهم المشروعة إيثارا للسلامة وخوفا من التعذيب الذي أصبح أشد من القتل، وهؤلاء قد ينجون في تحقيق أهدافهم وقد لا ينجحون ويكون مآلهم الخسران المبين في الدنيا أما في الآخرة فسوف يمثل الخلق بين يدي حاكم عدل «يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه». ولكن قلوبهم غافلة وبصيرتهم عمياء وعقولهم في بحر لجي من الظلام والظلم والفساد .. وإن ربك لبالمرصاد!