كشفت دراسة لمركز الخليج للدراسات الإستراتيجية تاريخ العلاقات "الإيرانية –الإسرائيلية"، خاصة أن نبرات العداء والتهديد المتبادل هى السمة الغالبة على العلاقة بين البلدين إعلاميا وسياسيا.
قالت الدراسة إن علاقات قويه ربطت بين إيران وإسرائيل قبل الثورة الإسلامية حيث اعترفت الولى بالثانية بعد عامين من تأسيسها واتخذت العلاقات بعدا أكثر عمقا أواخر الخمسينيات وما تلاها بالتحالف الإستراتيجى فى المجال العسكرى لمواجهة الأعداء المشتركين لهما "العرب والاتحاد السوفيتى".
وأكدت الدراسة أن طهران استفادت من هذه العلاقات فى العديد من المجالات عن طريق دعم علاقتها مع العدو الرئيسى للدول العربية وخاصة مصر فى عهد عبد الناصر و العراق بعد انقلاب 1958، كما استفادت إيران بالحصول السلاح الذى تحتاج إليه من إسرائيل، علاوة على إقامة المشروعات الزراعية والصناعية فيما استفادت إسرائيل بحصولها على النفط الإيرانى كمصدر رئيسى أثناء عدوان 1967 وحرب 73 19.
الدارسة أوضحت أن العلاقة بين تل أبيب وطهران استمرت فى هذا التحالف إلى أن قامت الثورة الإسلامية فى إيران 1979 وهنا قطعت علاقتها بإسرائيل، وظهرت نبرة التهديد والعداء المتبادلة ومع ذلك اتسمت العلاقات بين الدولتين بعد الثورة الإسلامية بثلاث خصائص أساسية هى السرية التى دمجت التعاون حتى لا يقع أى من طرفيها فى حرج والدعاية الظاهرية بالعداء المتبادل حيث اتسمت تصريحات السياسيين الإيرانيين ضد إسرائيل بالعداء بدء من "الخمينى" وانتهاء "بنجاد " الذى صرح تكرار ومرارا بأنه ينبغى أن تلغى إسرائيل من خريطة العالم إضافة إلى التعاون الوثيق والتنسيق حيث تعتبر إسرائيل إيران من دول الأطراف أى الدول غير العربية المحيطة بالعالم العربى، كما أن العلاقات مع إسرائيل بالنسبة لإيران تمثل إمدادات من السلاح المتقدم ونيل رضا أمريكا والدول الغربية.
وتؤكد الدراسة استمرار التعاون "الإسرائيلى- الإيرانى"بعد قيام الثورة الإسلامية فى العديد من المجالات أهمها التسلح حيث كانت إسرائيل المصدر الأول لسلاح إيران فى الفترة من 1980 إلى 1985 وفى ذلك نشرت هاآرتس تقريرا داخليا لوزارة الدفاع الإسرائيلية ذكر أن إسرائيل حافظت على علاقات "صناعية- عسكرية" مع إيران تم بموجبها تذويد إيران بـ 58000 قناع للغازات السامة من شركة "شانون للصناعات الكيماوية" بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية.
وأشارت الدراسة إلى وجود مجموعة من الروابط الاقتصادية التى لم تتوقف بين البلديين من المال إلى النفط والمواد الغذائية وغيرها من المسائل الاقتصادية حيث تستورد إيران من إسرائيل بصورة غير مباشرة قطع غيار للمعدات الزراعية فيما تستورد إسرائيل النفط الإيرانى بطريق غير مباشر من أوروبا.
وذكرت الدراسة تردد الأنباء مؤخرا عن جود صلات تجارية سرية بين "إيران و 200 شركة إسرائيلية" رغم إنكار كل من إيران ومجموعة "عوفر براذرز" الإسرائيلية وجود صفقات تجارية بينهما.
وتطرقت الدراسة إلى تأكيد وزارة الخارجية الأمريكية على أن إسرائيل تتعامل مع خطوط شحن تابعة لإيران فضلا عن رسو ما لا يقل عن عشر ناقلات نفط تمتلكها مجموعة إسرائيلية فرضت عليها عقوبات فى موانئ إيرانية خلال العقد الأخير.
كما كشفت "يديعوت أحرونوت" أن الصفقات التجارية كانت تتم من خلال شركات تعمل فى تركيا والأردن والخليج ومسجلة فى أوروبا كذلك لا يخفى أن علماء فيزياء من البلديين يعملون سويا ضمن مشروع مشترك فى مركز "سيسامى" الدولى للعلوم التجريبية وتطبيقاتها فى الشرق الأوسط الذى انطلق قبل بضع سنوات.
ولفتت الدراسة التى قام بها مركز الخليج للدراسات الإستراتيجية إلى وجود أبعاد ومجالات أخرى ذات بعد إقليمى حكمت العلاقات" الإيرانية الإسرائيلية" فى حقبة ما بعد الثورة الإسلامية تتمثل فى القضية الفلسطينية حيث إنه بقيام الثورة حدث تحول جذرى فى توجهات السياسية الخارجية الإيرانية تجاه إسرائيل إذ بدأت المعارضة الإيرانية لإسرائيل مع دعم القضية الفلسطينية والوقوف إلى جانب المقاومة رغم محاولة إسرائيل فى الأعوام الأولى لقيام نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية الحفاظ على علاقات التعاون الإستراتيجى معها ودعمت إيران موقفها عبر دعمها لحزب الله اللبنانى وسوريا وحركتى حماس والجهاد فخلقت لنفسها نفوذا قويا فى المنطقة بعد أن ظهرت أمام الدول العربية والإسلامية بأنها أهم المدافعين عن فلسطين و البرنامج النووى الإيرانى تنظر إسرائيل إلى وجود برنامج عسكرى فى إيران باعتباره تهديدا وجوديا لها يؤثر بقوة فى نظرية الأمن الإسرائيلى التى تعتمد على انفراد إسرائيل بامتلاك السلاح النووى.
وذكرت الدراسة فى النهاية إلى أن المتأمل لكل من "علاقات إسرائيل وإيران" يجد أنها أتسمت بالبرجماتية وعدائهما لا يتعدى ظاهرة التصريحات الإعلامية وأن كلتيهما تلتقى فى نقاط عديدة أهمها الهيمنة على المنطقة وهزيمة العرب سياسيا واقتصاديا وعسكريا واستغلال ثرواتهم.