قصة من عدة اجزاء ( الجزء الاول )
فى الميدان وجدت طفلا صغيرا عمره لا يتجاوز 12 عاما رابطاعلم مصر على كتفه حافى القدمين يحمل حذائه تحت ابطه ووجهه احمر يتصبب بالعرق في عينيه لمعة غريبه وحماس لم اعهده منذ سنين طويله ثيابه رثه يركض وسط الجموع ويهتف بكل قوه هتافه يخرج اعماق قلبه الشعب يريد اسقاط النظام هالنى منظره ونظرة الاصرار فى عينيه اقتربت منه وحاولت جاهدا ان ابتعد به قليلا عن الحشود لاتحدث معه فقد دفعنى الفضول ان اكتشف مايدور بعقل هذا الحدث جعلت اربت على كتفه ليطمئن وانا امسك بذراعه ودار بيينا الحوار التالى :
واسمحوا لى ان اكتب الحوار بالعاميه كماهو
الطفل : سيبنى يا عمو سيبنى
الراوى : تعالى بس عايز اتكلم معاك ثوانى
الطفل : مش وقته انت مش شايف المظاهرات
الراوى : شايف انا معاك ومع كل المصريين
الطفل : عايز ايه قول بسرعه
الراوى : انت بتعمل ايه هنا وكعادة المصريين دائما فى عز المحن يطلقون النكات والضحكات رد على ردا فاجئنى
الطفل : باعمل محشى واستطرد قائلا هاكون باعمل ايه يعنى باشارك فى المظاهرات
الراوى : ليه
الطفل : عشان حسنى مبارك يغور ونرتاح بقى منه داحنا ما صدقنا الشعب فاق
الراوى : انت بتقول حسنى مبارك كده عادى مش خايف
الطفل : لا مش خايف ومش هاخاف تانى حتى لو مت
الرواى : شرد ذهنى قليلا وشعرت اننى انا الطفل الصغير وهو الرجل الكبير ثم انتبهت وسألته
انت مش خايف من الموت ؟؟
الطفل : هو احنا يعنى كنا عايشين مش هتفرق
الراوى : انت بتروح المدرسه
الطفل : انا فى سنه اولى اعداى
الراوى : بس انت ليه هدومك مبهدله كده
الطفل : انا بقالى يومين بانام فى الميدان وما اتحميتش ومش عارف اروح
الراوى :انت ساكن فين
الطفل : انا ساكن فى العباسيه
الراوى : طيب ليه ما اتصلتش على اهلك حد يجى يخدك
الطفل : انا خدت موبايل من واحده مزه( الطفل يبتسم ببراءه ) وحاولت اكلمهم فى البيت بس الشبكه كانت مشغوله وانا اصلا فرحت انهم ماردوش عشان مش عاوز اروح انا بس كنت عايز اطمنهم
الراوى : انت بتعمل ليه كده
الطفل : كده اللى هو ايه ؟؟!!
الراوى : نازل المظاهرات يعنى
الطفل : انا مصرى وباحب مصر ونفسى اكبر واكون انسان كويس وافيد مصر
الراوى : اهتزت اعماقى وارتعدت فرائصى شعرت انها اول مره اعرف معنى كلمة مصرى وبعدين ؟؟
الطفل : وعمر ده ما هيحصل غير لما البلد تنضف من حسنى مبارك الاسرائيلى وشلته
الراوى : انت ليه بتقول عليه اسرائيلى
الطفل : عشان كان بيحب اسرائيل ويعملهم اللى هم عايزينه
الراوى : بس انت لسه صغير
الطفل : انا مش صغير مفيش مصرى صغير احنا بس اللى مش عارفين قيمتنا
الرواى : يحدث نفسه يالله انا بجد مش قادر اصدق . هو ده فعلا طفل ولا راجل كبير مثقف وعاقل
الطفل: احنا عندنا علماء فى كل حاجه وعندنا موارد كتيره بس فيه حراميه كتير وعندنا حضاره وتاريخ وطول عمرنا بنساعد الدول العربيه وبنحارب معاهم وشايلين همومهم وهم دايما يشتموا فينا ويقولو علينا همج وانا مش عارف احنا متحملين كل ده ليه
الراوى : هاقولك ليه بس الاول قولى انت عرفت الحاجات دى ازاى
الطفل : من بابا
الراوى : ابوك بيشتغل ايه
الطفل : مدرس تاريخ
الراوى : اقولك احنا متحملين كل ده ليه عشان دى اخلاق الكبير دايما يتحمل سخافة الصغار
الطفل : ياعمو الكبير بالفعل مش بالكلام
الراوى : يا حبيبى ما انا الكبار بفعلنا والتاريخ يشهد
الطفل : كنا كبار بس مع حسنى مبارك بقينا صغيرين
امتعنى جدا حديثى مع هذا الطفل المعجزه واحسست بصغر حجمى امام هذا العملاق وشعرت اننى لا اهاب الموت وشعرت حقا ان هؤلاء الصغار من حقهم ان نضحى من اجلهم بالغالى والنفيس وعزمت ان لا اعود من الميدان حتى يقضى الله امرا كان مفعولا وشعرت اننى مسئولا عنه احتضنته بحرارة وحملته على كتفى وعدنا سويا وسط الحشود نهتف للحريه والامل والكرامه والعيش الكريم
جن الليل وشعرنا بالارهاق واخذ التعب منا نصيبه فخلدنا الى النوم وسط الميدان تمددت على الارض والطفل الى جوارى واضعا راسه على ذراعى وراح فى نوم عميق خلعت الجاكت الذى كنت ارتديه وغطيته به وغمض جفنى وانا انظر اليه واحنو عليه حنو والده الى اللقاء فى الجزء الثانى
موضوعات متعلقة
لماذا تقتلون هذا الامل ( حكاوى الميدان ) الجزء الثانى
لماذا تقتلون هذا الامل ( حكاوى الميدان ) الجزء الثالث
لماذا تقتلون هذا الامل ( حكاوى الميدان ) الجزء الرابع
لماذا تقتلون هذا الامل ( حكاوى الميدان ) الجزء الخامس
لماذا تقتلون هذا الامل ( حكاوى الميدان ) الجزء السادس
لماذا تقتلون هذا الامل ( حكاوى الميدان )الجزء الاخير
