سنحكم على دور المجلس العسكرى فى الثورة بعد أن يعود إلى مواقعه مشكورا، ويبتعد عن المشهد السياسى، تاركا إياه لمن يختاره الشعب.
قبل هذه اللحظة تعتبر كلمات الشكر والتعظيم ومحاولات تفخيم دور الجيش أعمالا ذات رائحة نفاذة.
عندما يعود المجلس إلى مكانه ستكون تجربته قد اكتملت، وسنتناولها نحن ومن سيأتى بعدنا بالنظر والتمحيص، وستقال كلمة الحق التى تشرح ما للمجلس وما عليه فى هذه الفترة.. قبل ذلك أنت لا تقول كلمة الحق، لكنك إما تجامل وإما أنك تقول كلمة حق ناقصة.. فكما قال أحد الشيوخ «لا تحكم على طعام قبل أن تهضمه وتتخلص منه تماما».
عندما يقوم الأستاذ مصطفى بكرى وضيوف آخرون فى سهرة طويلة على شاشة قناة «التحرير» بتجميل صورة المجلس بهذا الشكل، وفى هذا الوقت بالذات، فمن حقنا أن نعترض على هذا الأداء غير المريح، ونرى به شيئا يحتمل تأويلات، أفضل أن أحتفظ بها لنفسى، احتراما لجيل سبقنا فى هذه المهنة بكثير، كان حاضرا فى هذه السهرة.
ما الهدف من تجميل صورة المجلس بهذه الطريقة، بينما القوى السياسية كلها تقف على الجانب الآخر منه مجتمعة؟ هل تنتصر للمجلس شعبيا على حسابهم؟
ما الهدف من تجميله وفقهاء الدستور يقولون إن تفعيل قانون الطوارئ باطل قانونيا ودستوريا، بمن فيهم الفقهاء الذين شاركوا فى توطئة قانونية لوضع المجلس؟
ما الهدف من تجميل صورة المجلس وكل القوى الوطنية تعد الساعات حتى تبدأ الانتخابات ويعود المجلس إلى ثكناته وأن يفى بوعوده القديمة؟ هل تقدم مسوغات القبول الشعبى لتباطؤ المجلس فى هذا الأمر؟
ما الهدف من التجميل وهو يغلق القنوات الفضائية بحجج إدارية تشبه التى كان يستخدمها النظام السابق، مع تلويح بتكرار الغلق بحجج مطاطية من عينة إثارة الفوضى والتحريض؟
وإذا كان المجلس كما يقول الأستاذ بكرى يقف بالمرصاد لتوريث الحكم لجمال مبارك لماذا لم يفعلها من قبل؟ ولماذا لم يتخذ إجراءات فى هذا الخصوص قبل أن يقول الشعب كلمته؟
ولماذا لا يمتلك ضيوف البرنامج الجرأة على استكمال مقولة إن الجيش حمى الثورة لتصبح «الجيش حمى الثورة واستفاد منها»؟
لماذا لم يتحدث الضيوف عن أن رئيسا مخلوعا لا يمتلك سلطة اختيار من يفوضه لإدارة شؤون البلاد وأن اختيار المجلس الأعلى تم فرضه على مبارك بمكالمة تليفونية من عمر سليمان فى حضور المشير (حسب رواية ضيوف البرنامج الذين لم يلتفتوا إلى خطورة هذه الرواية) وأن الجميع خالف الدستور بانتقال أمر إدارة البلاد إلى المجلس بدلا من انتقاله إلى رئيس المحكمة الدستورية كما هو منصوص عليه دستوريا؟
ما الفكرة من تعظيم دور المجلس فى هذه الأيام؟
هل هى تخشينة لاستقرار المجلس فى مكانه كما يحب؟
هل هى محاولة للفت أنظار الناس بعيدا عن تكتل القوى السياسية أخيرا فى خندق واحد ضد استمرار حكم العسكر؟
هل هى محاولة لتقوية شوكة العسكر ضد جرأة معظم مرشحى الرئاسة وتلويحهم للمجلس بعدم السكوت على استمرار الوضع الحالى؟
هل يفرح الأستاذ بكرى بحصوله على موقع الأستاذ هيكل سابقا عندما كان أمين أسرار الجيش والسلطة الوحيد والمتحدث باسمهم ونيابة عنهم؟
وهل المجلس بحاجة إلى وزيرى إعلام واحد رسمى والآخر ودى؟
السؤال واضح ولا يحتمل أى تلميحات.. ما الهدف من وصلة مساء الخميس الماضى؟
وهل سيرجع العسكر لسكناتهم ساكنين
ام ماذا