قال الله تعالى ( وأمرهم شورى بينهم) وقال تعالى ( وشاورهم فى الأمر)
قال العلامة أحمد شاكر رحمه الله فى هاتين الايتين فى هامش عمدة التفسير (اتخذهما اللاعبون بالدين في هذا العصر ـ من العلماء وغيرهم ـ عدتهم في التضليل بالتأويل، ليواطؤوا صنع الإفرنج في منهج النظام الدستوري الذي يزعمونه، والذي يخدعون الناس بتسمينه "النظام الديمقراطي"! فاصطنع هؤلاء اللاعبون شعاراً من هاتين الآيتين، يخدعون به الشعوب الإسلامية أو المنتسبة للإسلام. يقولون كلمة حق يراد بها الباطل يقولون: (الإسلام يأمر بالشورى) ونحو ذلك من الألفاظ.
وحقا إن الإسلام يأمر بالشورى. ولكن أى شورى يأمر بها الإسلام؟ إن الله سبحانه يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم:
{وشاورهم في الأمر فإذا عزمتَ فتوكل على الله}. ومعنى الآية واضح صريح، لا يحتاج إلى تفسير، ولا يحتمل التأويل. فهو أمر للرسول صلى الله عليه وسلم، ثم لمن يكون ولي الأمر من بعـده: أن يستعرض آراء أصحابه الذين يراهم موضع الرأي، الذي هم أولو الأحلام والنهى، في المسائل التي تكون موضع تبادل الآراء وموضع الاجتهاد في التطبيق. ثم يختار من بينها ما يراه حقا وصوابا أو مصلحة، فيعزم على إنفاذه، غير متقيد برأي فريق معـين، ولا برأي عدد محدد، لا برأي أكثرية، ولا برأي أقلية، فإذا عزم توكل على الله، وأنفذ العزم على ما ارتآه.
ومن المفهوم البديهي الذي لا يحتاج إلى دليل: أن الذين أمر الرسول بمشاورتهم ـ ويأتسى به فيه من يلي الأمر من بعده ـ هم الرجال الصالحون القائمون على حدود الله، المتقون لله، المقيمو الصلاة، المؤدو الزكاة، المجاهدون في سبيل الله، الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لِيلني منكم أولو الأحلام والنهى). ليسوا هم الملحدين، ولا المحاربين لدين الله، ولا الفجار الذين لا يتورعون عن منكر، ولا الذين يزعمون أن لهم أن يضعوا شرائع وقوانين تخالف دين الله، وتهدم شريعة الإسلام. هؤلاء وأُولئك ـ من بين كافر وفاسق ـ موضعهم الصحيح تحت السيف أو السوط، لا موضع الاستشارة وتبادل الآراء.
والآية الأخرى، آية سورة الشورى ـ كمثل هذه الآية وضوحا وبيانا وصراحة: {والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون} )
انتهى كلامه رحمه الله