- ينظم اعلان حالة الطوارئ والقانون المنطبق خلالها مواد الدستور فهذا الإعلان يحمل أحكاما تعطل موادا دستورية تتعلق بالحريات العامة كمنع الإجتماع واباحة القبض والتفتيش في غير حالة التلبس وحظر السفر أو التنقل وفرض الحراسة على الأموال منقولات او عقارات بقرار اداري ( معني قرار اداري أي قرار صادر من جهة السلطة التنفيذية مثل القرارات الجمهورية أو الوزارية ) أو تكليف شخص أو هيئة بأي عمل ..... الي غير ذلك من الأحكام غير الطبيعية والتي تمثل قيدا على الحريات . وتعلن السلطة التنفيذية حالة الطوارئ فلا البرلمان ولا القضاء له ثمة اختصاص في اعلانها ، ولما لها من أهمية قصوي فإن الدساتير المختلفة تجعل اعلانها بيد رئيس الجمهورية فهو رأس الدولة المنتخب في النظام الرئاسي وفي النظام البرلماني فإن الوزير الأول هو المختص بإعلانها بعد اتخاذ الإجراءات الدستورية اللازمة كاقتراع الوزارة مثلا أو أخذ موافقة البرلمان حسب النص الدستوري .
- وفي مصر فقد عاشت البلاد حالة من الطوارئ ( إذ من التهوين القول اعلنت في مصر حالة الطوارئ ) أو قل إن مصر ينظر اليها على انها طوارئ تمشي على الأرض منذ أن عطل ( الزعيم الملهم لكن لا أعلم الدليل على الهامه ) جمال عبد الناصر أحكام الدستور المصري ، غير أن الأمر خلال فترة حكم عبد الناصر لم يكن للقانون فيه شأن عظيم سواء أكان قانون طوارئ أو قانون عادي حتي أن أحد الوزراء قال ان القانون في إجازة ، دعونا نهمل فلسفة تطبيق قانون الطوارئ في عهدي عبد الناصر والسادات ففي كلا العهدين كان الخوف في نفوس الناس أكبر من أن يدع لهم فرصة للسؤال عن القانون المنطبق عليهم كما أن إثارة فكرة الخطر الخارجي ( اسرائيل ) كانت تسيطر دائما على فكر الناس بالحق وبالباطل .
- أعلنت حالة الطوارئ بعد اغتيال انور السادات عام 81 ولم يكن الأمر مبررا بالكلية لان اغتيال الرئيس من قبل خلية عسكرية أثناء عرض عسكري كان يستدعي بلا شك تطبيق القانون العسكري على مشهد الحدث الذي هو عسكري محض فالمقتول عسكري والقاتل عسكري والعرض عسكري ( يعني عسكريين في بعض ) وهو قانون أكثر صرامة وأسرع وقعا من قانون الطوارئ ، غير أن حسني مبارك استغل الحدث واعلن تطبيق قانون الطوارئ خلال الرئيس اللعبة صوفي ابو طالب . خلال هذا العام تم القبض على أعداد ضخمة من الواردة اسماؤهم لدي جهة أمن الدولة أنهم جهات معارضة اسلاميين وغير اسلاميين وقد نال شباس عمير نصيبها المحتوم من الإعتقال وظلت الأسماء المعتقلة في هذا العام مطلوبون لدي جهات أمن الدولة ثلاثين عاما خلالها كان منهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر ، منهم من بدل ومنهم من لم يبدل تبديلا . وعلى مدي الثلاثين عاما ظلت كلمات استمارة اعتقال ، و المعتقل ، و مخبري امن الدولة تتردد على السنة الناس باعتبارها قضاء الله الذي لا يرد أو كما يقول نزار قباني في قصيدته متي يعلنون وفاة العرب : رأيت شعوبا تظن بأن رجال المباحث أمر من الله مثل الصداع ومثل الزكام ومثل الجذام ومثل الجرب .
- منذ لحظة اغتيال أنور السادات اتخذ حسني مبارك احتياطات تتعلق بشخصه لم يسبقه إليها جبناء ولا هاربين من الأحكام ولا عليهم ثأر ينتظرون هريدي في أي وقت ليطخهم فقد أحاطت به جثث الحرس قبل اسلحتهم وأغلقت الشوارع وصفدت الميادين وبقي الناس في الشوارع ساعات طويلة بسبب موكب الرئيس وتأخرت الطائرات أو أؤخرت في المطارات حتي تقلع طائرة الرئيس وحرم الناس من ممارسة الرياضات الهوائية كالقفز بالمظلات أو الطيران الشراعي أو الهيلوكبتر حتي لا يقوموا بمهاجمة الرئيس ومنعت المباحث المناظير المقربة والتلسكوبات الفضائية خوفا من كشف مكان اختباء الرئيس وعاش ( 50- 80 ) مليونا في زنزانة اسمها مصر يسكن معهم فيها الرئيس الذي يعلن في كل لحظة أنه المعتقل الوحيد في مصر فهو لا يستطيع أن يغشي السعيد خلاف لشراء الطعمية و الجلوس على مزقة الجزيرة معي انا وعصام ابو يوسف لكي يشوي بعض الذرة ولا حتي يستطيع الإستمتاع بطابور العيش الصباحي لماذا ؟ لانه يخاف ان يقتله واحد من الشعب . وباختصار فإنه على مدي الثلاثين عاما كانت فلسفة تطبيق قانون الطوارئ في مصر هى حماية السيد الرئيس واسرته وحضراتكم طبعا أعلم وأدري بمعاناة الشعب خلال تلك الفترة البائدة .
لذلك فليس عند الشعب المصري ما يبرر تطبيق قانون الطوارئ مرة أخري وجعلها بيد السلطة التنفيذية مهما كانت نيتها حسنة اليوم فالنوايا تتغير بينما المعاناة ثابتة في محلها القديم .
موضوعات متعلقة
قانون الطوارئ وفلسفة التطبيق
قانون الطوارئ وفلسفة التطبيق الجزء الثانى
قانون الطوارئ وفلسفة التطبيق الجزء الثالث