هل الاستتابة للمرتد الجاهل تعتبر عذرا له بالجهل ؟ !
وهل هي لإقامة الحجة عليه قبل الحكم بكفره ؟!
- إن وجوب الاستتابة موضع خلاف بين الفقهاء :
فهي مستحبة عند مالك والشافعي وإحدى الروايتين عن أحمد ورواية عن أبي يوسف وأبي حنيفة , وواجبة في أظهر الروايتين عند الإمام أحمد كما ذكر ذلك ابن قدامة في المغني , وقد اتفق الجميع على تسميته مرتدا كافرا قبل الاستتابة فقالوا ( فهو كافر مرتد يستتاب فإن تاب وإلا قتل )
- يقول الإمام العيني الحنفي( ) :
( وفي الجامع الصغير: المرتد يعرض عليه الإسلام حرا كان أو عبدا فإن أبى قتل , وتأويل الأول أنه يستمهل فيمهل ثلاثة أيام لأنها مدة ضربت للإبلاء والإعذار وعن أبي حنيفة وأبي يوسف أنه يستحب أن يؤجله ثلاثة أيام , طلب ذلك أو لم يطلب ,على أن الإمام في قول الشافعي يؤجله ثلاثة أيام ولا يحل له أن يقتله قبل ذلك , لأن ارتداد المسلم يكون عن شبهة ظاهرة فلابد من مدة يمكنه التأمل فقدرناه بالثلاث ) أ.هـ
- قال أبو بطين( ) ناقلا عن الفقهاء قولهم ( فمن ارتد عن الإسلام قتل بعد الاستتابة , فحكموا بردته قبل الحكم باستتابته , فالاستتابة بعد الحكم بالردة والاستتابة إنما تكون لمعين ) أ.هـ
- قال الشيخ عبد العزيز بن حامد( ) عن حكمة الاستتابة :
( ونلاحظ هنا ملاحظة : أن استتابة المرتد لم تكن لإقامة الحجة عليه بمعنى دفع الجهل عنه , بل لإعطائه فرصة للرجوع عن ردته وإلا فهي مستحبة وليست واجبة عند الجميع وكل العلماء يقولون : استتابة المرتد , فكيف حكموا عليه بالردة قبل استتابته , إلا أن تكون الاستتابة لإعطائه فرصة للرجوع إلى الإسلام , ومن هذه الزوايا الثلاث لا مانع من أن يكون هناك شخص مشرك جاهل , رأى العلماء أنه سيقام له اختبار في *****ات يوم القيامة وهذا المشرك الجاهل يجب إقامة الحجة عليه قبل قتله وليست قبل الحكم عليه ) أ.هـ
- وفي فتوى اللجنة الدائمة بالسعودية ردا على أن المنتسب للإسلام إذا وقع في الشرك لا يسمى مشركا ولا يخلد في النيران ؟!( الجواب : كل من آمن برسالة محمد وسائر ما جاء به من الشريعة إذا سجد بعد ذلك لغير الله من ولي وصاحب قبر أو شيخ طريق , يعتبر كافرا مرتدا عن الإسلام مشركا مع الله غيره في العبادة, ولو نطق بالشهادتين وقت سجوده لإتيانه بما ينقض قوله من سجوده لغير الله , لكنه قد يعذر لجهله فلا تنزل به العقوبة حتى يُعلم وتقام عليه الحجة ويمهل ثلاثة أيام إعذارا إليه ليراجع نفسه عسى أن يتوب , فإذا أصر على سجوده لغير الله بعد البيان قتل لردته لقول النبي ( من بدل دينه فاقتلوه ) أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عن ابن عباس فالبيان وإقامة الحجة للإعذار إليه قبل إنزال العقوبة به , لا ليسمى كافرا بعد البيان فإنه يسمى كافرا بما حدث منه من سجود لغير الله أو نذره قربة , أو ذبحه شاة لغير الله , وقد دل الكتاب والسنة على أن من مات على الشرك لا يغفر له ويخلد في النار لقوله تعالى [إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا] {النساء:116} [مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ] {التوبة:17} ) ا.هـ
- قال أبو بطين في الانتصار46( فالمدعي أن مرتكب الكفر متأولا أو مجتهدا أو مخطئا أو مقلدا أو جاهلا , معذور , مخالف للكتاب والسنة والإجماع بلا شك ) أ.هـ
***