- لم أك أعرف يقينا قبل الحادي عشر من فبراير الماضي أن في مصر ( حاجة ) اسمها النخبة ، ولكني فوجئت بحوارات كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة في القنوات الفضائية يتحدث فيها " ناس آخر أنتكه " ، وعندما سألت من هؤلاء الذين يتحدثون ؟ أجابوني بأن هؤلاء هم النخبة ، ونظرا لأن خيالي واسع فقد حاولت جاهدا أن اربط بين هؤلاء وبين المعني اللغوي لكلمة النخبة فلم أجد ثمة رابط ، خاصة عندما يقدم لنا مقدم البرنامج الضيف بوصف الخبير الإستراتيجي أو السياسي المعروف .
- رغم أني لم " أفوت " أي فيلم ولا مسلسل منذ ثلاثين عاما إلا أن الحظ لم يسعدني ابدا بمشاهدة فيلم "البداية " ولكني شاهدت منذ عدة أيام لقطة تجمع بين جميل راتب وحمدي أحمد وصبري عبد المنعم ، وفهمت من هذه اللقطة أن جميل راتب يمثل النخبة المثقفة وبينما يحاول أن يوحي إلي اثنين من العامة بأن " عادل " كافر وملحد فلم تستفز هاتان الكلمتان كثيرتا التداول الرجلين إلا بردود بسيطة ، فقال لهم بكل انكار " دا ديمقراطي " ولم يكد ينتهي من نطق الكلمة حتي احمرت عيناهما وانصرفا باحثين عنه للفتك به وهما يرددان " قال ديمقراطي قال " .
- أنتجت لنا ثلاثون عاما من حكم المخلوع ثلاثة اجيال مما يصطلح على تسميته اليوم " بالنخبة " ورغم أن تعريف المصطلح غير منضبط إلا أنه يمكن تحديد بعض فئات الموظفين في دواوين الدولة البوليسية المنتهية صلاحيتها لنطلق عليهم اسم النخبة التي تعظنا وتعلمنا ليل نهار ، وطليعة النخبة المصرية هم الصحفيون الذين " ازدانت " بهم صحفنا القومية ومراكزنا الصحفية الإستراتيجية ثلاثين وفي بعض الحالات اربعين عاما فيقال مثلا أن فلان صحفي وخبير استراتيجي وبعد أن يقوم سيادة الخبير بالقاء الرعب في نفوسنا باستعمال بعض المصطلحات التي لا ترتبط بالضرورة بالموضوع كأن يقول مثلا طبقة " البروليتاريا " عندما يتكلم عن أزمة انابيب الغاز أو الطبقة " البرجوازية " عندما يتحدث عن سرقة أراضي الدولة ، وبعد ان يتأكد الضيف الإستراتيجي أن أفواهنا قد اتسعت قليلا وأبصارنا قد شخصت لهول المسألة الكبري التي يتحدث فيها مستعملا تلك الكلمات التي " تعلو ولا يعلي عليها " يبدأ في التحدث مهاجما التيارات الإسلامية وهو النسق الحواري الذي يعتبره معظم " الإستراتيجيين " الجانب الآمن للحوار والذي يستطيع السير بين حديه وهو مطمئن فمن ناحية هو حوار مكرر يستعمل فيه الأخ " الإستراتيجي " نفس الكلمات والقصص التي يستمع اليها سيادته منذ ثلاثين عاما حتي حفظها وحفظناها ومن ناحية أخري يشعر النخبوي " الكبير أوي " أنه في اتجاهه هذا تتماثل وجهة نظره التي يكرر عرضها مع معظم زملائه من " النخبويين الكبار أوي " فهو إذن واحد من مجموع كبير وهو ما يكفي في نظره لستر أي عوار في لغته الركيكة أو فكرته العقيمة ، ونظرا لأن الإستراتيجي قد أصبح كذلك في عهد المخلوع فاستراتيجية سيادته لا تسمح له بمعلومات حقيقية عما يتحدث عنه و لكن هذا هو الموضوع الذي ربما يكون أكثر أمنا ، ولعل المتأمل في هذا المشهد يفهم يقينا أن هذا النوع من تلك النخبة منفصل تماما عن الشعب المصري ، فهو يتحدث عنه باعتباره العشوائيات التي يستمد معلوماته عنها من أفلام خالد يوسف ، ويبقي الريف واهله أماكن مجهولة تماما " للإستراتيجي الكبير " تنحصر معلوماته عنه في أن أهله غارقون في العز وأكل الوز أو يعيشون مع الجاموسة في نفس الحجرة ويجمعون القطن وهم يغنون . ويصر الإستراتيجي دائما على اثارة سخريتنا منه ومن أمثاله عندما يجتهد للتحدث باللغة العربية الفصحي ممتزجة بين الحين والآخر ببعض الكلمات الإنجليزية التي يعتبر الخطأ في نطقها " كبيرة " لا كفارة لها ، حتي أن صديقي قال لي نكتة أن راسبا في الثانوية العامة اتصل بأمه وقال لها لقد رسبت هذا العام ولكني لن اكلفكم أية مصروفات أثناء اعادة السنة فسوف اعمل خبيرا استراتيجيا بعد الظهر حتي أنفق على نفسي .
- والنوع الثاني من النخبة " الآخر انتكة " هم أعضاء أحزاب المعارضة البروتوكولية في عهد المخلوع والذي لم يستلزم قانون الأحزاب الأخير منهم ما استلزمه من الأحزاب المنشأة بعد صدوره ، وبالتالي فقد بقي هؤلاء رؤساء أحزاب بعد الثورة ، وفي سبيل محاولة اثبات احدهم أنه بمعارضته قبل الثورة قد تسبب فيها بلا منافس وهؤلاء تتسع دائرتهم حتي أنها شملت آخر أمين عام للحزب الوطني قبل خلع المخلوع فقال أنه كان مناضلا ثوريا وأن رئاسته لأمانة الحزب العامة لم تكن إلا ليتمكن من الثورة على الحزب وأنه مناضل كان في قوم فرعون يدعوهم إلي النجاة ويدعونه إلي النار ، ولما كان التيار الإسلامي منيع على هؤلاء بحكم تكوينه وتكوينهم وتاريخه وتاريخهم وكفاحه وخيانتهم فقد يئسوا من التضامن معه كما يئس الكفار من أصحاب القبور ، فلا مناص إذن من مهاجمته على طول الخط باعتبار ذلك هو الكلام الأسهل على السنتهم التي اعتادت عليه ردحا من الدهر وليأسهم من نفعه ولأمنهم غدره وبطشه .
- اما الصنف الثالث من " النخبة الأنتكة " فهم رجال الأعمال ورجال الإقتصاد ، وهؤلاء قد استعملوا كل أساليب التخويف والتهديد منذ تاريخ 11 فبراير حتي الآن من انهيار مؤكد في الإقتصاد ومجاعة تقف غير بعيد والسبب في هذا التردي بلا شك هى المطالبات المتكررة من العمال المرضي والفلاحين المكتوين بالإلتهابات الكبدية والمبيدات المسرطنة ، إن المطالبات الفئوية هى التي دمرت الإقتصاد في نظر هؤلاء وليس المليارات المنهوبة ، إن المطالبة بالحد الأقصي للأجور هى التي اضاعت نصف الإحتياطي النقدي المصري خلال عشرة اشهر وليس الإمتناع عن وضع هذا الحد ، ........ الخ ذلك من المغالطات .
- لو عددنا مفردات " النخبة الأنتكة " فلن نستطيع أن نحصيها ولكن يمكن وضع الإطار العام الذي يجمعها بتعريفهم أنهم " افرازات سامة لعهد المخلوع " تربوا في بلاطه ، واستفادوا من فساده ، إنهم شجرة خبيثة نمت في عهده واجتثت من فوق الأرض من بعده ما لها من قرار .
- وجامع " النخبة الأنتكة " هو تخويفهم للشعب من الإسلاميين وصبهم جام سخطهم على الإخوان المسلمين ، واليوم خرج الشعب بكل طوائفه ليؤيد الإسلاميين ويبايع الإخوان المسلمين وهى رسالة واضحة " للنخبة الأنتكة " بأفول شمسهم ووجوب رحيلهم ، وكما يقول محمود درويش " ايها المارون بين الكلمات العابرة .. آن أن تنصرفوا ..

سعادة المستشار

تسلم الأيادي

والله يااستاذ محمود انا مبرضاش اعلق على موضوعاتك لان موضوعاتك تستحق ان تكون فى افضل الصحف العربية ؛ فمهما علقت وكتبت لن اوفيك حقك لان اسلوب حضرتك فى الكتابة اسلوب سهل ممتنع اسلوب يجعل القارئ يقرأه اكثر من مرة ؛ جزاك الله خيرا على مقالاتك المتميزة التى تجعل للمنتدى مذاقا خاصا .

حبيبي واخي الأستاذ الفاضل محمود سعد : جزاكم الله خيرا على المرور الكريم وشكرا على البرنيطة الجميلة دي هههههههه حبيبي وابن حبيبي يا أستاذ محمود وابن اخو حبيبي طبعا .
أخي وحبيبي الأستاذ الكبير احمد بقوش الذي استنفر مشاعرنا و ألهب أفكارنا لمجرد أن مر بيننا ثم مثل كل الشباب المتوقد الذهن والفكر والنشاط ... تركنا
جزاكم الله خيرا على كلامك الجميل ده ويا أخ احمد إن فضل في الكتابة فهو لله ... جزاكم الله خيرا يا أخي الحبيب

دائما يا متر ماتقرا افكارنا وتترجمها الى مشاهد مصورة وتمتعنا دئما بخفة الظل المعتادة التى تمتزج بالنقد والسخرية وفى هذ الموضوع بالأخص حاولت ان اكتب فيه ولكنك عوضتنى عن قصور رؤيتى وركاكة كلماتى
وفكرتنى بالفيلم ال كان فيه صلاح السعدنى كان اسمه فوزية البرجوازية ولم اعلم ما تعنى برجوازية الى من وقت قصير

الأخ الحبيب الأستاذ الكبير سيد حجاج ابا الزهراء
انت بتخزي العين عنك ولا ايه يا حاج سيد انت راجل محترم وكفاية ورعك وخوفك من ربنا وتصديك للمصلحة العامة دون أن تخاف في الله لومة لائم

تحياتى يا مستشار كالعادة مقالاتك جميله هادفه وخفيفة الظل

واضيف على هؤلاء النخب نخبة ( المزز ) اللى بيتناقشوا فى مصير مصر على جميع الفضائيات مع كل من هب ودب وبقى ثورى ومفكر ويدلى برائية فى تقرير مصير البلد بس هو العيب عالمزز بردك ههههه

قشدة

والله يا أخ محمد رغم اننا هرمنا ... هرمنا ... هرمنا ..
إلا أن النخب اللي انت بتتكلم عليها ارحم كتير من النخب اللي انا اقصدها
هههههههههههه