بسم الله والحمد لله وحده ؛
والصلاة على من لا نبي بعده ؛
وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد ؛
عندما ننصح إخواننا الذين سلكوا الطريق البرلماني منهجا للتغيير بالابتعاد عنه وتركه
لما يتضمنه هذا الطريق من تقديم للتنازلات وإقرار مبادئ باطلة تخالف أصول ديننا الحنيف
إضافة إلى الاضطرار إلى كتمان كثير من الحق الواجب بيانه للناس
فإن رد كثير منهم يكون هو السؤال التالي ؛
ما هو البديل للمشاركة في الانتخابات البرلمانية ؟؟
وما هو البديل الواقعي ؟؟؟
وهذا السؤال هو من أهم الشبه التي يطرحونها
حتى صارت هذه الشبهة حجرة عثرة أمام كثير من أبناء الصحوة
خاصة
إذا فشلوا في الرد على ما واجهناهم به من اعتراضات شرعية على الدخول في البرلمانات
ولا سيما بالصورة الحاصلة حاليا في مصر
ونحن في إجابتنا على هذا السؤال لن نأتي ببدع من القول ،
بل سنأتي بما دل عليه الكتاب والسنة ،
ولكن الفارق الوحيد هو إسقاطه على الواقع بــ( مصطلحات عصرية ) لا أكثر
فليس لنا أن نأتي بجديد ،
بل كل ما في الأمر هو إعادة صياغة لمنهج التغيير الحق ( أو لجزء منه إن شئنا الدقة )
والذي هو قديم بقدم الإسلام
ولكن الجديد هو بيان ذلك عن طريق مصطلحات عصرية ،
وذلك حتى يفهمها القارئ ويستطيع إنزالها على الواقع
بدلا من الكلام العام المرسل الذي لا يغني ولا يسمن من جوع
وهذا من باب مخاطبة الناس بما يفهمون
إن الثورة هي جزء من صميم منهج الإسلام في التغيير
ولا يقول بغير هذا إلا واحد من اثنين ؛
ــ إما من لا يعرف معنى الثورة ولا حقيقتها أصلا وظن أنها مجرد مظاهرات وفقط !!
ــ وإما من لا يعرف منهج الإسلام في التغيير أصلا واكتفى بكلام عام مثل التربية والتصفية والدعوة ،
دون أن يعرف كيف تطبق هذه الأمور على أرض الواقع !!
فالثورة الإسلامية ما هي إلا تطبيق عملي لمنهج الدعوة والتربية والتصفية والمدافعة في سبيل الله ،
ولكن أكثر الناس لا يعلمون
لذا فالذي نراه أنه لا سبيل لتحكيم الشريعة في مصر حاليا إلا عن طريق الضغط الشعبي الثوري
ولذا يجب البدء في صناعته فورا
أما الطريق البرلماني الديمقراطي فلن يصنع شيئا مطلقا
فضلا عن أنه وسيلة فاسدة شرعا وفيها من التنازلات ما فيها
إن سلامة المنهج ووضوح غايته وصلاح وسائله لهو من أبرز سمات منهج التغيير في الإسلام
وهذه السمات غير متوفرة في الطريق البرلماني بصفة عامة
وبالأخص في واقعنا الذي نعيشه في مصر
نعم ؛ هذا هو الطريق : ثـــورة إســـلامـــيـــة
يكفي أن نبدأ من الآن في تحقيق ما يلي ؛
ــ نشر الدعوة بين أكبر قدر ممكن من الناس بطريقة واضحة والصدع بالحق كاملا دون تورية أو مواربة أو مداراة
ــ استخدام أسلوب خطاب سهل وبسيط ويناسب جميع طبقات المجتمع وكافة المستويات العلمية والثقافية
ــ مواجهة كل الأفكار المخالفة والرد عليها وتفنيدها بأسلوب هادئ وعلمي
ــ مناصرة الناس في قضاياهم العامة الدنيوية ما لم تخالف الشريعة والوقوف إلى جانبهم فيها
ــ والسعي إلى رد المظالم إلى أهلها ونصرة المظلومين
على أن نفرق في هذا كله بين الهدف القريب المؤقت
والهدف البعيد النهائي
فأما ؛ (الهدف القريب المؤقت) ؛ فهو أن نشارك الناس في مطالباتهم بحقوقهم الدنيوية المشروعة كما ذكر سابقا
وكما نزلنا الثورة وشاركنا الناس بنفس الشعارات المرفوعة
ـ( تغيير، حرية ، عدالة اجتماعية )ـ
وهي شعارات لا تخالف الشريعة فيما نعلم
أي نعم ليست هي فقط المأمول بل نأمل أن نحكم الشريعة،
والكل يعرف عنا ذلك،
ولم نقل يوما بخلاف ذلك
وأما (الهدف البعيد النهائي) ؛ فهو الثورة الإسلامية الشاملة التي يقوم بها الشعب بنفسه
ولكن قبل أن ندعوا الناس إلى النزول في مليونيات من أجل تطبيق الشريعة ؛
فلا بد من الإعداد لها أولا
وليس مجرد النزول العشوائي غير منظم
وهذا يتطلب وقتا
وهنا نحن نتحدث بوضوح عن الإعداد لقيام ( ثورة إسلامية )ـ
تنبع من داخل الشعب نفسه وبقيادة الإسلاميين
وهذا الإعداد يتطلب عملا جماعيا وجهدا مضنيا ووقتا مناسبا
ولذلك يجب التمهل لحين الإعداد لذلك
كل ذلك عن طريق عمل جماعي دءوب يستهدف جميع مراكز القوة في الدولة من : ( نقابات المهنية ، وجمعيات أهلية ، وجمعيات خيرية
واتحادات طلابية ، و هيئات التدريس في المدارس والجامعات ،
وإنشاء المدارس الخاصة والجامعات الخاصة ، ووسائل الإعلام بكل أنواعها وليست الدعوية فقط )ـ
ثم ثورة سلمية في بدايتها
واضحة في غاياتها
ثم تتدرج في وسائلها ( مظاهرات ــ اعتصامات ــ إضرابات ــ
شل المفاصل الدولة ــ عصيان مدني )
حشود هائلة تتحرك بنظام وقودها من الشباب والرجال بحماسة منضبطة
وقيادتها من العلماء الصادقين بحكمة ووعي
وسنرى عجبا إن شاء الله
ثم ، مالي أرى أن بعض الإسلاميين يستهينون بالقوة الشعبية ولا يلتفتون لها ؟؟؟
وهل أُسقط نظام مبارك إلا بها ؟؟
إن فكرة الضغط الشعبي الثوري هي أقوى بكثير من المشاركة السياسية
بل وأكثر سهولة ووضوحا وأكثر فاعلية أيضا
فيكفي أنها هي التي أسقطت مبارك لا أرجعه الله
فمبارك لم يسقط إلا بالضغط الشعبي الثوري الذي يستهينون به
ولم يسقط بالعمل البرلماني الديمقراطي الذي دخل فيه الإخوان المسلمون لعشرات السنين دون أي نتيجة تذكر
وفوق ذلك كله ، فهي وسيلة شريعة من صميم منهج الإسلام في الدعوة
أما هؤلاء الذين يقولون أن الشعب لن يقف معنا وسوف يخذلنا
وأن الناس تخاف من الإسلاميين
فكلامهم مردود عليهم تماما
بل إن الناس تتعطش لهذا الدين إن أزيل الصدأ عن أذهانهم
والأحداث تثبت هذا كل مرة ؛
ــ نتيجة الاستفتاء رغم مقاطعة بعض الإسلاميين له
ــ صغر حجم المليونيات التي دعا إليها العلمانيون ومن على شاكلتهم رغم مشاركة بعض الإسلاميين لهم فيها
ــ وكبر حجم مليونيات الإسلاميين
فهؤلاء العلمانيون ما هم إلا فرقعة إعلامية وغارة فضائية
بل من قال أن لهؤلاء الشرذمة العلمانية أي شعبية ؟
كما أن كل قادة الحركة الإسلامية شهدوا أن هذا الشعب يميل إلى الإسلاميين ميلا شديدا
ويحبون الإسلام والإسلاميين حبا جما
وراجعوا إن شئتم كلام الشيخ حسن البنا مثلا
فالناس في بلادنا ما إن يدعهم داع إلى الإسلام يثقون فيه ويحبونه،
إلا وتراهم يسيرون خلفه بحماس شديد ،
وبتفان منقطع النظير
زرافات زرافات وأفواجا أفواجا
ودونكم الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل كمثال رغم قرب عهد الناس به ،
لكن انظروا إلى شعبيته المتزايدة وسط الناس
وما ذلك إلا أنه رجل يعيش قضايا الناس ويصدع بالحق
( وذلك بغض النظر عن قضية انتخابات الرئاسة ؛
هل هي وسلة تغيير مناسبة أم لا ؟)
ولقد أدرك النظام السابق هذه الحقيقة
لذا عمد إلى تنفير الناس من الإسلاميين بآلته الإعلامية الضخمة وعن طريق أمن الدولة
عن طريق ما يلي ؛
ــ منع الدعاة من الاحتكاك المباشر بالناس وتقليل حركتهم في المحافظات قدر الإمكان
ــ منع أي تجمهر كبير لعوام المسلمين في دروس الدعاة والعلماء كائنا من كانوا ،
وذلك مخافة أن يألف الناس مثل هذه الحشود فيستعملونها مستقبلا ضدهم
ــ تحجيم أي عمل جماعي منظم للدعوة وجعلهم تحت منظار المراقبة حتى إذا استفحل خطرهم قصهم قصا
ــ تلفيق الأكاذيب عن الإسلاميين في وسائل الإعلام بكافة أشكالها وفي مناهج التربية والتعليم
ــ ترهيب الناس من الالتحاق بركب الإسلاميين وإلا كان مصيرهم كذا وكذا
ولتحقيق هذا فإنهم يسربون بعض الأخبار عما يحدث لبعض الإسلاميين من أذى وتعذيب
حتى يخاف عوام المسلمين منهم
ــ تلميع بعض الإسلاميين ممن لا خوف منهم
وذلك لصرف الناس عن الإسلاميين الآخرين الذي يخافون منهم
.... إلخ
وإن كان هناك نفور من قبل بعض الناس من الإسلاميين ،
فهذا ليس راجعا إلي عدم حبهم للإسلام
وإنما بسبب أن هؤلاء الناس أحسوا تخاذلا من أغلب الإسلاميين عن نصرة قضايا الشعب الدنيوية والمعيشية ،
وإيثارهم للسلامة وكتمان الحق
فأسخط الله عليهم الناس وقلل هيبتهم عند كثير منهم
وهذا حق فعلا ولمسته بنفسي من كثير منهم ،
فكثير منهم يحب الإسلام ولكنهم ناقمون على الإسلاميين بسبب تخاذلهم عن نصرة المظلومين وعن الصدع بالحق ،
وبسبب عدم انتقاء الخطاب السهل البسيط المناسب لهم
إن الاهتمام بقضايا الناس العامة _ حتى الدنيوية منها _ أمر محمود ولا يخالف الشريعة
أوليس القائلين بجواز الدخول في العملية السياسة يستدلون علينا بحلف الفضول ؟؟
فالأولى بهم أن يستدلوا بحلف الفضول هذا على جواز نصرة المظلوم كائنا من كان
حتى ولو أدى ذلك إلى النزول للميادين بجوار العلمانيين والليبراليين ( مع إظهار براءتنا الكاملة من معتقداتهم طبعا )
كما فعلنا في ثورة 25 يناير
إن الثورة كمنهج للتغيير لا يتعارض مع أغلب أصول جل الاتجاهات الإسلامية المعاصرة،
فهو في أساسه يجمع بين التربية والتصفية وبين العمل الجماعي
وبين إصلاح العقيدة والعلم الشرعي والدعوة الممنهجة ... إلخ
كل ذلك في إطار واحد ولا يشذ عن ذلك إلا من سفه نفسه من غلاة المداخلة والتكفيريين ،
ولذلك ما المانع أن يتعاون الجميع فيه كل في مجاله وفيما يحسن ؟
وكيفية قيام ثورة إسلامية أمر يطول شرح تفاصيله وتبيينه وإسقاطه على واقعنا ولكنه أمر واقعي وليس خيالا
ولقد كان أمن الدولة من أهم العوائق التي تقف في طريق إشعال ثورة إسلامية حقيقية كما بينا آنفا
والآن ، وقد سقط أمن الدولة ، فالفرصة أصبحت سانحة
فهل نستغلها ؟؟
والله أعلى وأعلم