الحمد لله وحده ..والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ..إمام الهدي ..الذي تركنا على المحجة البيضاء ..ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ..
وبين لنا طريق الحق وطريق الباطل .. ” وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين “…
وكانت سيرته لنا نبراسا يضئ لنا طريق التمكين لدين الإسلام في الأرض ..ليتحقق وعد الله لعباده على لسان رسوله صالى الله عليه وسلم ” وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوي لي منها ” ..
أما بعــــد ,,,
فهذه رسالة أهمس بها في أذن كل طالب للحق .. يحمل هم التمكين للدين الحق ..
ولكل من هاله أمر الباطل وانتشاره .. وأرعبه تساقط الناس في الفتن أعاذنا الله منها ..
فيرى من ينادي بالعلمانية .. ومن ينادي بالمدنية ..ومن يحارب شرع الله جهارا ..
والأدهى من ذلك ..يرى من ينتسب للعمل الإسلامي وقد سلك طريق الديموقراطية .. واحتكم للأغلبية ..ولا حول ولا قوة الا بالله ..
فقد تغيرت عقائدهم التي كانوا ينادون بها قبل الثورة ..حيث كانت الديموقراطية كفر بالله .. ولا يجوز سلوك هذا الطريق للتمكين لدين الله ..فما بالهم اليوم ينادون بها ..ويتواصون بها ..
فلماذا تتبدل العقائد ؟؟ ..
إن هذه هي الفتنة التي توعد الله بها من في قلبه مرض ..حيث قال تعالى : أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم ؟؟” …
يقولون أن الوضع قد تغير ..وأصبح هناك انفراج بعد ضيق ..ويجب علينا أن لا نترك الأمر هكذا ..وأن نتستغل الأوضاع المتاحة للتطبيق الشريعة .
إن العقيدة ليس لها علاقة بالتضييق أو الإنفراج ..فقد كان الرسول ص في أضيق أوقات الاستضعاف بمكة ..ويقول لهم : قل يا أيها الكافرون ..
إن عقيدة الإسلام ثابتة لا تتغير بتغير الظروف والأحوال ..والبراءة من الكفار وتكفيرهم ثابت لا يتأثر بوجود الاستضعاف من عدمه ..بل المطلوب هو وضوح العقيدة والولاء عليها منذ البداية ..حتى يعلم من يتبع هذا الدين في أي طريق يمشي ..
وهنا نتساءل .. ما هي الوسائل الشرعية التي يجب علينا أن سلكها للتمكين لدين الله؟
إن الوسيلة الشرعية هي الدعوة للتوحيد الحق ..وتجلية الحق للناس ..وإعلان المفاصلة بين الإسلام والجاهلية ..في العقائد والتصورات والمفاهيم والمصطلحات والمسميات ..
وأن نرجع بها عقيدة صافية كالتي بدأ بها النبي عليه الصلاة والسلام ..وليؤمن من شاء وليكفر من شاء ..
فإن قيل لن يتبعك أحد ..أو أن الناس ستثور عليك ..نقول هذه طبيعة الدين الحق ..ما جاءت إلا لتفرق بين الناس وتميزهم ..
وهؤلاء الذين يدعون إلى التمكين عن طريق الديموقراطية يزعمون أن الناس معهم ..واختاروهم ..وأن الساحة أصبحت مفتوحة ..وقد زالت الضغوط الأمنية ..فما المانع إذن من الصدع بدعوة التوحيد الحق؟!
ولماذا ندخل الناس في الشرك ونلبس عليهم دينهم ونعبدهم للطاغوت بهدف تعبيدهم لله بعد ذلك؟!
لماذا لا نقول لهم إن الديموقراطية كفر بالله ..ودين غير دين الإسلام ..وأن الديموقراطيين كفار ..والعلمانيين كفار ..وكل من عارض إقامة شرع الله كافر محارب لشريعة الله ؟؟ وأن الاسلام لا يستفتى عليه ؟؟
وها أنتم تدعون أن العلمانيين قلة أمامكم ..فـلماذا تنهزمون أمامهم وتخافون بالجهر بدعوة التوحيد ؟؟ و تدفعون عن أنفسكم تهمة التكفير والتشدد والجزية … والكفر بالطاغوت ؟!
فإن قلتم أن الناس لن تقبل منك هذه الطريقة في عرض التوحيد ..
نقول ومنذ متى قبل الناس دعوة التوحيد الحق من أنبيائهم ؟؟
وإن حجة عدم فهم الناس للدين ليست مبررا للتميع في عرضه ..أو أن نعرض الدين على الناس بما يوافق أهواءهم ..
وإن قلتم يجب أن نخاطب الناس على قدر عقولهم ..
نقول نعم ..ولكن لا نخاطبهم على قدر دينهم وما يعتقدون ..أو أن ننزل بالدين إلى مستوى الناس ..فلا نتكلم فيما يسخطونه .. أو أن نقدم لهم دين الله على ضوء ما فهموه من دين الاسلام تحت مظلة العلمانية..
إن الاسلاميين بدخولهم تلك اللعبة الديموقراطية ..يوهمون الناس أن الديموقراطية طريق مشروع ..وأنه لا يضاد دين الله..وفي الماضي ..عندما جفت حلوقهم في الدعوة إلى حاكمية الشريعة .. نراهم الآن يسلكون طريق الشرك للتمكين لها ..
فبذلك يظن الناس أن هذا هو الطريق المشروع للتمكين للدين ..فيعملون على ترسيخ الكفر في أذهان الناس وإضفاء الشرعية عليه..وكل ذلك باستخدام آيات القرآن وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ..
(وإن الذي يخشى منه على العوام وحتى على الخواص .. الذي ينطلق من الحق نظريا، وينحرف في تطبيقه، فينطلق من أسس إسلامية إلى تطبيقات واقعية تخدم الطاغوت و أعوانه ..
إن هذه الدعوات تحمل في أحشائها بذور فنائها، وتحمل في طياتها ما يهدمها )..
((بينما المطلوب –أوّلا- هو رفع الغطاء الشرعي عن العلمانية والديمقراطية وأنظمتها، وتعريتها من ثوب الإسلام، حتى تظهر أمام الناس على حقيقتها كفرًا وشركا بالله، وسحب البساط من تحت أولئك الذين يوظفون إسم الإسلام ونصوص الكتاب والسنة لتثبيت دعائم هذا الكفر، حتى لا تكون فتنة، ويكون الدين كله لله، ولتحقيق المعنى المباشر لشهادة أن لا إله إلا الله على أرض الواقع )).
ولا يقولن أحد ستضيع الفرصة علينا ويتسلط علينا العلمانيين ..فنبرر لأنفسنا سلوك طريق الشرك للتمكين للدين ..
يقول سيد قطب رحمه الله:
إن كلمة ” مصلحة الدعوة” يجب أن ترتفع من قاموس أصحاب الدعوات، لأنها مزلة ومدخل للشيطان يأتيهم منه ..
إن على أصحاب الدعوة أن يستقيموا على نهجها ويتحروا هذا النهج دون التفات إلى ما يعقبه هذا التحري من نتائج قد يلوح لهم أن فيها خطراً على الدعوة وأصحابها!
فالخطر الوحيد الذي يجب أن يتقوه.. هو خطر الانحراف كثيراً أو قليلاً..
والله أعرف منهم بالمصلحة وهم ليسوا بها مكلفين، إنما هم مكلفون بأمر واحد: ألا ينحرفوا عن المنهج، وألا يحيدوا عن الطريق. ” الظلال جـ 4/ 2435 .
إن حقيقة الانتصار .. هي انتصار العقيدة الصحيحة ..
ولزوال الدنيا كلها أهون من أن نتنازل عن ديننا ..وما غلام الأخدود عنا ببعيد ..فقد انتهى به الأمر أن قتل ..وحرق المسلمون كلهم بالنار ..فمن الذي انتصر؟؟
وهذا رسول الله عليه الصلاة والسلام .. أبى أن يداهن المشركين أو يقرهم على شركهم ..فخاطبهم في أشد أوقات الاستضعاف بـ “قل يا أيها الكافرون ” و “تبت يدا أبي لهب وتب ” ..
لقد أنزل الله تعالى على نبيه آيات مرعبات ..شديدة اللهجة ..حاسمة في التقرير “(وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً. وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً..إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً “
يقول الأستاذ سيد قطب رحمه الله تعليقا على هذه الآية :
(يعدّد السياق محاولات المشركين مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وأولها محاولة فتنته عما أوحي الله إليه، ليفتري عليه غيره، وهو الصادق الأمين..
والنص يشير إلى هذه المحاولات ولا يفصّلها، ليذكر فضل الله على الرسول في تثبيته على الحق، وعصمته من الفتنة، ولو تخلي عنه تثبيت الله وعصمته لركن إليهم فاتخذوه خليلا، وللقي عاقبة الركون إلى فتنة المشركين؛ وهي مضاعفة العذاب في الحياة والممات، دون أن يجد له نصيرا منهم يعصمه من الله.
هذه المحاولات التي عصم الله منها رسوله، وهي محاولات أصحاب السلطان مع أصحاب الدعوات دائما، محاولة إغرائهم لينحرفوا – ولو قليلا – عن استقامة الدعوة وصلابتها، ويرضوا بالحلول الوسط التي يُغْرُونهم بها في مقابل مغانم كثيرة، ومن حملة الدعوات من يفتن بهذا عن دعوته لأنه يرى الأمر هيِّنا، فأصحاب السلطان لا يطلبون إليه أن يترك دعوته كلية، إنما هم يطلبون تعديلات طفيفة ليلتقي الطرفان في منتصف الطريق.
وقد يدخل الشيطان على حامل الدعوة من هذه الثغرة، فيتصور أن خير الدعوة في كسب أصحاب السلطان إليها ولو بالتنازل عن جانب منها! ولكن الانحراف الطفيف في أول الطريق ينتهي إلى الانحراف الكامل في نهاية الطريق، وصاحب الدعوة الذي يقبل التسليم في جزء منها ولو يسير، وفي إغفال طرف منها ولو ضئيل، لا يملك أن يقف عند ما سلم به أول مرة، لأن استعداده للتسليم يتزايد كلما رجع خطوة إلى الوراء!
والمسألة مسألة إيمان بالدعوة كلها، فالذي يتنازل عن جزء منها مهما صغر، والذي يسكت عن طرف منها مهما ضؤل، لا يمكن أن يكون مؤمنا بدعوته حق الإيمان، فكل جانب من جوانب الدعوة في نظر المؤمن هو حق كالآخر، وليس فيها فاضل ومفضول، وليس فيها ضروري ونافلة، وليس فيها ما يمكن الاستغناء عنه، وهي كلٌُّ متكامل يفقد خصائصه كلها حين يفقد أحد أجزائه، كالمركب يفقد خواصه كلها إذا فقد أحد عناصره!
وأصحاب السلطان يستدرجون أصحاب الدعوات، فإذا سلموا في الجزء فقدوا هيبتهم وحصانتهم، وعرف المتسلطون أن استمرار المساومة، وارتفاع السعر ينتهيان إلى تسليم الصفقة كلها!
والتسليم في جانب ولو ضئيل من جوانب الدعوة لكسب أصحاب السلطان إلى صفها؛ هو هزيمة روحية بالاعتماد على أصحاب السلطان في نصرة الدعوة، والله وحده هو الذي يعتمد عليه المؤمنون بدعوتهم، ومتى دبت الهزيمة في أعماق السريرة، فلن تنقلب الهزيمة نصرا!
ولذلك امتن الله على رسوله صلى الله عليه وسلم أن ثبته على ما أوحي الله، وعصمه من فتنة المشركين له، ووقاه الركون إليهم – ولو قليلا – ورحمه من عاقبة هذا الركون، وهي عذاب الدنيا والآخرة مضاعفا، وفقدان المعين والنصير) انتهى. ”في ظلال القرآن 4/2245 – 2246 ” ).
((وهذه الحركات التي تطالب بالاحتكام إلى شريعة الله بدلا من الشرائع البشرية الوطنية أو المستوردة والتي تتبع لتحقيق تلك الغاية نـهج الديمقراطية، و هي الاحتكام إلى الشعب … هي بهذا تفر من الكفر إليه، و هو سبيل أقل ما يقال عنه أنه لم يعرفه أنبياء الله في دعوتهم(قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).
فهل أذن الله لهؤلاء باتباع الكفر أثناء الدعوة إلى دينه؟! ألم يقرأوا قول الله -تبــــارك و تعالى-:(وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ)؟! ))
((إن مثل هؤلاء كمثل الذي يستغيث بالأوثان لتعينه على نصرة دين الله، فهذه الدعوة عبادة و لا تصح عبادة إلا بنص، رغم أن التجارب تقول بأنهم لا يقيمون شرع الله، بل يكونون دوما ركنا من أركان النظام الخارج عن شريعة الله، يضفون عليه الشرعية، فيتمسكون بشرائعه التي تظلهم جميعا، و لا يعملون إلا على أخلقة السياسة بأخلاق المسلمين شيئا ما.
وهؤلاء الذين يدعون إلى شرع الله في الحياة الخاصة أو في الحكم عن طريق الديمقراطية، يظنون أن دعوتهم هي التي ستمكن للإسلام في آخر الزمان، كما بشرنا النبي صلى الله عليه وسلم، لكنها تعمل في إطار العلمانية، وتعيش في كنفها، وما هي إلا لبنة في بنائها”.
وهم يظنون أنهم ينصرون الإسلام بذلك، مثل الذي يستنصر بالأوثان لنصرة الإسلام ..والله تعالى يقول :وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِين)).
ولا أقول كما يدعي البعض أننا سنجلس في البيوت ونترك الساحة للعلمانيين ..
فلو أننا استنفذنا هذه الطاقات الهائلة ..والسعة الأمنية الموجودة ..واستماع الجماهير لنا .. في تجييش الأمة للتوحيد الحق ونبذ حكم الطاغوت بسلوك الطرق التي شرعها الله -وليس عن طريق شرع الطاغوت-
فلئن كان الشعب يريد الاسلام حقا ..فلن يقف أمامه أحد ..فلم يكن شيئا أصعب من اسقاط النظام السابق..
وإن رفض الشعب الإسلام .. فقد تبين الرشد من الغي .. حينها لا يجوز لنا أن نخرج عن الطريق الذي رسمه الله لنا للتمكين متعذرين بالظروف والأوضاع ..
قال تعالى : ” وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله “
سيقال أن هذه فرصة ” الاسلاميين “التي لاحت لهم ولا ينبغي لهم أن يضيعوها ..
أقول .. هذا الكلام يكون صحيحا في حالة واحدة فقط ..إذا دخلوا المعترك بدين الاسلام ..لا عن طريق الديمقراطية ..
أي أن يكون البيان واضحا نقيا صافيا منذ البداية ..بيانا يظهر الاسلام على الحقيقة بأنه دين يضاد الديموقراطية ..وأن يعلم كل من شارك من الآخرين أنهم على غير دين الاسلام ..وليس كما يفعلون ..يقرون بالديموقراطية ويسبغون عليها الشرعية ويفهمون الناس أن سلوك طريقها والتزام أحكامها لا يضاد الشرع ..
ويحكمون بالاسلام على أعدء الاسلام !! فأي دين هذا ؟؟
وعندما تبدأ حوارات “الاسلاميين” مع العلمانيين بأنهم وإياهم مسلمون بل سلفيون ..فإنهم بذلك يمسخون دين الله .. ويظن الناس أن الخلاف بين الاسلاميين والعلمانيين مجرد اختلاف في وجهات النظر ..وكل ذلك في إطار إسلامهم جميعا ..وأنهم وإياهم لا شك في إسلامهم ..
فيضيع دين الله بينهم..وتفتن الناس ويظنون أن العلمانية غير منافية للاسلام..وأن العلمانيين مسلمين ولكن نختلف معهم في التوجهات .. فأي إسباغ للشرعية على الكفر أكثر من هذا ؟؟ وأي سلب للشرعية عن طائفة الحق أكثر من هذا ؟؟
فيجب علينا أولا مناقشة هذه الأمور ..ثم بعدها نتباحث عن إمكانية الدخول في السياسة أم لا ..
ثم إني أتساءل .. أي دين هذا الذي دخل به “الاسلاميون” اللعبة الساسية ؟؟
أليس هذا هو الدين الذي يحكم بإسلام الكفار ويسبغ عليهم الشرعية .. ويصف من على عقيدة التوحيد بالخروج والتطرف والغلو والتكفير ؟؟-ولا يزالون ؟؟
أليس هذا الدين هو الذي يدافع عن شرعية المجلس العسكري ؟؟ ويدافع عن الشرعية الدستورية للبلاد ؟؟
ألم يسلموا السلاح للجيش ؟؟ بل ويتفاخرون بذلك ويقولون نتعامل مع الجيش كمؤسسة نثق فيها !!
وينادون بحماية الشرعية الدستورية ..ويجرمون أي محاولة للخروج على المجلس العسكري ..وهم من نادوا بعودة الشرطة ..بل يقومون بأنفسهم بحماية أقسام الشرطة.
وقد تم إنشاء الأحزاب على أساس غير ديني .. ونادوا في مبادئه بالحفاظ على سيادة القانون .. وغيرها من المبادئ القائمة على مخالفة أصول الإسلام .
استمع لقول الشيخ ياسر برهامي عندما سئل عن ثورة الغضب الثانية :
ومِن أخطر هذه المطالب على استقرار البلاد: المطالبة بتنحي “المجلس الأعلى للقوات المسلحة”، وتكوين مجلس رئاسي مدني! وقد أظهر الاستفتاء إرادة الشعب في بقاء “القوات المسلحة” للفترة المؤقتة تنتهي بانتخابات برلمانية، ثم رئاسية مع كتابة الدستور..
.وإن المطالبة بمحاكمات ثورية استثنائية فتح باب خطير لإهدارالسلطة القضائية !!
ويقول أيضا : ولقد “كان الموقف المشرف للقوات المسلحة أثناء الثورة هوالعامل الأساسي في نجاحها”
ويقول أيضا : يوجد عندنا قوانين تكفي لمواجهة الطوارئ .. بشرط أن يحسن استخدامها .
والشيخ محمد حسان :
الذي قال “يجب أن نضع أيدينا في أيدي إخواننا من الأمن الوطني ” في تكرار مهين لصفقة الخيانة التي أبرمها مع الظام السابق عندما قال “الدعاة والأمن في خندق واحد “!!
وقال أيضا : الجزية – وهذه أقولها باعتزاز وفخر-هذا المسمى القديم !! إن شئت أن تسألني عن مسماه في العصر الحديث في القرن الحادي والعشرين ..أقول لك : الضريبـــة .. التي تدفع في مقابل الحماية !!
وكان ولا يزال ..ينادي باحترام هيبة الدولة ..وإعلاء سيادة القانون .. واحترام سلطة القضاء الذي لا يشكك في نزاهته !!
والشيخ محمد عبد المقصود :
الذي قال :”لا بد أن يتصدى المجلس العسكري ..ولابد أن نشعر أن هناك قوة تحمي طريق الديموقراطية الذي سرنا فيه..لكن إن تركت تلك القوة الأمر هكذا ..ستحترق البلد “
وهو الذي أغلظ في القول على من سب وزير الداخلية .. وقال لهذا الرجل ” انك لم تكن تقدر على ان تقول مثل هذا الكلام أمام حبيب العادلي ..لكان سففك التراب ووضع الحذاء في فمك !!..ثم قال عبد المقصود لماذا نقول هذا على الوزير وهو رجل مهذب في الحقيقه !!!”
وهو الذي نقل عنه أيضا :
“وطالب الشيخ عبد المقصود بالكف عن المظاهرات والاعتصامات والمسيرات، مهما كانت مبرراتها لأنها تؤدي إلي حالة من الفوضى في مجتمعنا، وإظهار المجلس العسكري في موقف الضعيف، ولا نريد هذا، بل نريد أن نعزز سلطة الدولة.
أشار إلي أن هذه فترة انتقالية ولابد أن نكون داعمين للسلطة لا أن نكون هادمين لها، مؤكدا أن أعداء الثورة يستفيدون من تسرعنا، وعلينا أن نتأنى ونتسم بالحكمة، فالباطل في هدمه يحتاج إلي قوة وشدة، لكن البناء يحتاج إلي تأنٍ وهدوء.” أ.هـ
إن هذه كانت معتقدات القوم منذ البداية..والثورة ما كانت إلا فتنة أخرجت مكامن عقائدهم ..فهم لم يكونوا يعتقدون إلا بكفر رأس النظام بمفرده – ولم يكونوا جميعا كذلك – ..والباقي عندهم مسلمون لا تشوب إسلامهم شائبة ..فلذلك لما سقط الطاغية ..وضعوا أيديهم في إيدي صنائعه ..وأيدوهم وثبتوا عروشهم ..وقاموا باسم الدين بتنفيذ جميع مخططات الجاهلية ..وحموها بصدروهم ونحورهم ..
ومنذ متى وهم مضيق عليهم أو مسلوبة منهم حريتهم ؟؟ فدروسهم كان يحضرها المئات والآلاف في المساجد وغيرها ..وهل امتلأت السجون إلا بالمخالفين لهم في العقيدة ؟؟
أهذا هو الاسلام الذي سنندم لو لم نمكن له ؟؟
كلا والله لئن فنينا عن آخرنا وقطعنا وحرقنا ..لا والله لا نشرك بالله أبدا ولا نضع أيدينا في أيدي هؤلاء ..وما قصة أصحاب الأخدود عنا ببعيد ..فقد قتل الغلام وحرق الشعب بأكمله !! ولم تمت العقيدة ..
..إن الانتصار الحق هو انتصار العقيدة في قلوب أصحابها ..يموتون دونها ولو زالت الدنيا كلها ..
إن الخلاف بيننا ليس سائغا..وليس خلافا على دخول البرلمان من عدمه ..إن الخلاف في الطريق نفسه والعقيدة نفسها ..فإن من نعتقد أنهم طواغيت محاربون لدين الله ..الذين يوالون الكفار ..يعتقدون هم أنهم مسلمون لا تشوب إسلامهم شائبة ..ولهذا تولوهم ونصروهم ..وأسبغوا الشرعية عليهم ..وبالتالي سلبوا الشرعية عن الموحدين الصادقين ..وقدموا دينهم هذا للناس على أنه دين الله ..
فأدخلوا الناس في دين الطاغوت وأخرجوهم من دين الله ..فأي صيال على الدين أكبر من هذا ….وأي تحريف للدين من إسباغ الشرعية على الباطل وتسمية الكفر إسلاما ؟؟ وتسمية الإسلام تطرف وغلو وخروج.
وهذا كلام الدكتور حازم أبو اسماعيل ..
عندما سأله المذيع هل ستوافق على قرارات مجلس الشعب إذا أتت بقوانين مخالفة للشريعة الاسلامية ؟
فكان رده أنه سيلجأ للمحكمة الدستورية العليا والاستفتاء وسيستخدم الصلاحيات المقررة له في الدستور !!
أي أنه سيلجأ للتحاكم إليهم واستخدام سلطتهم العليا في تطبيق شرع الله!
فكلامي كله يا أخي سترى آثاره فيما بعد ..فاصبر ولا تتعجل ..وراقب جيدا تصريحات القوم .. و يجب أن تتيقن أننا على خلاف معهم في التصور نفسه ..
فوالله -بإذن الله- إنك قريبا -وقريبا جدا-عندما تنكشف أمامك الامور..ستكون أنت أول من يقف ضدهم ..حيث أن حقائق عقائدهم لم يتضح آثارها بعد ..ولكن اصبر وسترى بنفسك إن شاء الله وليكن عندك بعد نظر وبصيرة في الدين ..وتبصر في الحال ..ينكشف لك المآل ..
ووالله ثم والله ..إن العصمة كل العصمة ..والنجاة كل النجاة في اتباع صراط الله المستقيم ..ولا يعظمن أمر ما ترى في قلبك ..فإن الله ناصر دينه لا محالة ..وإن دولة الاسلام ستقوم لا محالة ..شاء من شاء ..وأبى من أبى …فساعتها سيندم كل من لم يسلك صراط الله الواضح المستقيم ..وسيفرح كل الفرح من صبر والتزم المنهج ولم يغره كل هذه الفتن ..
وتذكر أخي قول النبي صلى الله عليه وسلم .. “يأتي النبي وليس معه أحد “
وتأمله جيدا …فهل قصر هذا النبي في دعوته؟؟ وهل عجز في أن يسلك هذه الطرق التي يريدون سلوكها حتى لا يأتي إلى الله وليس معه أحد؟؟ وهل سيعاقبه الله ويقول له : لم أتيت بدون أحد ؟؟ أم كان سيشدد عليه إذا سلك في الدعوة صراطا غير صراطه ولو أتى بألوف الناس ؟؟
وتدبر ثانية قوله تعالى للنبي محمد صلى الله عليه وسلم :
وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً. وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً..إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً “..
هذا الكلام موجه للنبي عليه السلام نفسه !! نبي الأمه وقائدها وأكرم الخلق على الله !! فتأمل.
يقول الشيخ سيد قطب رحمه الله :
(( الاسلام لا يمكن أن يلتقى مع الجاهلية لا فى منتصف الطريق و لا فى اول الطريق! ان طبيعته ليست من طبيعتها. و من ثم فان طريقه ليس من طريقها. و ليس هنالك من طريق مشترك بين الاسلام و الجاهلية ..
و فضلا على كونه و هما، فانه هزيمة فى اول الطريق. و الهزيمة لا تنشئ نصرا؛ لانها عندئذ هى هزيمة الايمان ذاتة. هزيمة الثقة فى أحقية الحق بأن يوجد و يسيطر، و أحقية الباطل بأن يزهق و يندحر. كما أنه هزيمة الادراك لطبيعة التصور الاسلامى و طبيعة الفطرة الانسانية.
و الهزيمة على النحو، و منذ أول الطريق، لا يمكن ان تنشىء نصرا فى أية مرحلة من مراحل الطريق. وأولى للذين يريدون أن يتصالحوا مع الواقع الجاهلى، أو مع التصور الجاهلى .. وأن يلتقوا معه فى منتصف الطريق كخطة للوصول الى النصر فى النهاية ..
أولى لهم أن يستسلموا للجاهلية منذ اللحظة الاولى. و أن يكفوا عن المحاولة أصلا، و ألا يحسبوا على الاسلام محاولة هازلة فاشلة كهذه المحاولة!
ان الالتقاء مع الجاهلية فى اية مرحلة من مراحل الطريق معناه ابتداء الاعتراف للجاهلية بشرعية الوجود ..
والجاهلية بجملتها باطلة بطلانا شرعيا من اساسها .. ليس لها حق الوجود ابتداء..
فهى بجملتها صادرة عن ادعاء البشر لخصائص الالوهية .. وهو ادعاء باطل.. فما يقوم عليه باطل واغتصابهم لاختصاصات الربوبية وهو اغتصاب لا يترتب عليه حق ..
ورفضهم لالوهية الله فى حياة الناس.. هو رفض يخرج صاحبه من دين الله .. ولا يجعل من ثم له ولاية على من يؤمن بالله ..
وانه ليستوى أن يعترف المسلم للجاهلية بشرعية الوجود فى الامر الكبير وفى الامر الصغير .. فهو الاعتراف بالشرعية على كل حال وهو الاقرار بإلوهية غير الله فى الارض وفى حياة الناس من ناحية المبدأ ..
ولن يجتمع فى قلب واحد الاسلام لله والتمرد على الله .. كذلك لن يجتمع فى قلب واحدالاسلام والاعتراف لهذا التمرد على الله بشرعية الوجود وحق البقاء ..
ومن ثم فانه لا لقاء بين الاسلام والجاهلية فى مرحلة من مراحل الطريق انما المفاصلة الحاسمة عند مفرق الطريق المفاصلة الحاسمة التى لاهزل فيها ولا مواربة .
ولمثل هذا يقول الله { فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا باياتى ثمنا قليلا } ))
وفي الختام
جوهر المسألة هو :
أن العمل من خلال الديموقراطية إسباغ للشرعية عليها ..وإظهار ها كأنها من شرع الله ..لأن الذي ينادي بتطبيق بشرع الله سلك طريقها ..وهذا هو عين الفتنة ..
إذ أن الناس لا تفهم من دين الله مانفهمه نحن ..هذه هي المشكلة ..لأن الناس قد تربت على أن الديموقراطية وغيرها من أنظمة الحكم ..بل حتى الحكم بالقوانين الوضعية نفسه ..يظنون أن هذا غير مناف للإسلام..وأنهم من الممكن أن يبقوا على إسلامهم من دون أن ينكروا هذا ..
وعندما تخاطب الناس بالديموقراطية ..فإنك بذلك تعمل على تأصيل وتجذير هذه المسألة في قلوبهم ..ويزدادوا يقينا بصحة ماهم عليه وأنه من الاسلام ..
اسأل أي عامي في الشارع عن الديموقراطية ..تجدها دين راسخ في ذهنه رسوخ الإيمان بالقرآن ..
لذلك ..فالطريقة الصحيحة أن تخاطب الناس بنفس الترتيب القرآني …أن يكفروا بالطاغوت أولا وينكروا عبادته ..ثم تدعوهم الى الإيمان بالله ..
فقبل أن تخاطب بالحكم بالاسلام ..يجب أولا أن تدعوهم إلى إنكار ماهم عليه من عقائد الجاهلية .
وفقنا الله وإياكم ..ونسأل الله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه وأن يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه ..
إنه ولي ذلك والقادر عليه ..والحمد لله رب العالمين ..
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
تعقيــــــــــب
جاء في إحدى المناقشات الكلام الآتي :
إن الذي دخل الإنتخابات مادخلها إلا لأن يثبت أن الشعب يريد أن تكون السيادة لله وهو ما يسعى فيه ، فحينها لا يكون خوضه الإنتخابات الديموقراطية التزاما بالديموقراطية فيه شئ ..
بل هدم الديموقراطية على رأسها ، وإن مارس بعض مخالفات لا تصل لدرجة الكفر وليست هي مما أشرنا إليه من صور التزام الديموقراطية ، فمثل تلك المخالفات قد يكون فيها آثما مذنبا ، وقد يكون مجتهدا مصيبا ارتكب ضررا أخف لإزالة ضرر أكبر ..
أقول والله أعلم :
إن سلوك طريق الانتخابات قد ثبت فيه يقينا أن الداخل فيه لا يستطيع أن يتحرز من الوقوع في المخالفات الآتية :
أولا:
أن العمل من خلال الديموقراطية إسباغ للشرعية عليها .. وقد ناقشنا هذه النقطة في الخاتمة .
ثانيا :
لابد للداخل فيها إعلان الإلتزام الكامل بجميع قواعد اللعبة الديموقراطيه ..وأن يتبرأ علنا مما يناقض مبادئها ..وإلا قوبل بالرفض والاستنكار من الديموقراطيين ..وسيضطر تلقائيا لإعلان التزامه لأحكام الديموقراطية ..
لأنه يخشى من تشغيب الديموقراطيين عليه بأنه لا يقبل الرأي الآخر وأنه ينوي مصادرة الحريات وغيرها – حيث أن الناس لا تفهم عن الديموقراطية إلا هذا .
ثالثا :
لقد عرف الله التحاكم في القرآن وبين أركانه الأساسية في آية سورة النساء : “فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا “
الأصل الأول : فعل الاحتكام ..
الأصل الثاني : الرضا وعدم وجود الحرج في النفس ..
الأصل الثالث : التسليم .
وهم قد احتكموا فعلا للديموقراطية ..واستسلموا فعلا لأحكامها .. استسلاما فعليا لا ينفع معه ادعاء عدم الرضا ..
والدليل على ذلك :
1 – قبولهم بدخول النصارى معهم في الأحزاب ..
ولا يقال أنهم تحت ولايتهم أو شئ من هذا القبيل .. إذ أن عدم وجودهم في الحزب سيفهم منه أن الحزب مؤسس على أساس ديني !!
وليس للحزب الخيار في رفض عضوية غير المسلمين .. إذ أن هذا معناه التفرقة بين الأعضاء على أساس العقيدة .. وهذا مخالف لقانون الأحزاب كما هو معلوم للجميع !!
وحيث أن النصارى دخلوا الحزب بناء على أنهم متساوون هم والمسلمون في الحقوق والواجبات ..
وأنهم فعلا لا فرق بينهم وبين أي عضو مسلم في الحزب ..
وأن العضو النصراني في الحزب له حق الترشح لرئاسة الحزب .. ولا يستطيعون رفض ترشحه ..وإلا تم إغلاق الحزب من فوره !!
وهذه هي عين الديموقراطيه !!
2- لو حدث أنهم دخلوا البرلمان ..
فسيضطرون اضطرار للقسم على احترام الدستور .. ولن يستطيعوا أن يغيروا في صيغة القسم ..
حيث سيقال للعضو ..لو سمحت أعد القسم مرة أخرى لأن نص القسم الذي نطقت به غير دستوري !!
ولن يصح أن يقولون : سنقول في السر “فيما لا يخالف الشرع” ..
حيث أن النبي عليه الصلاة و السلام قال كما جاء في صحيح مسلم : ” إنما الحلف بنية المستحلف ” .
3- آليات التشريع في البرلمان هي آليات شركية في حد ذاتها ..
حيث أن العضو ” الإسلامي” لن يستطيع إقرار قانون موافق للشرع أو إلغاء قانون مخالف للشرع ..إلا بعد أن يحتكم للأغلبية أولا ..
وحيث أنهم سيظلون يحتكمون لسيادة الشعب فترة من الزمن حتى تتم ” أسلمة ” النظام !!
· يقولون بأننا سنتدرج في تطبيق الشريع .. وهذه مغالطة كبيرة في مفهوم التدرج ..
فلو تم وصول ” الإسلاميين” للحكم فيجب من أول ساعة يمسك فيها بزمام الحكم أن يعلن إلغاء سيادة الشعب وجعلها لله وحده ..
بعدها يتدرج في إزالة النظام القديم وإقامة النظام الإسلامي الصحيح ..ويكون هذا التدرج مستندا لحاكمية الله .. ومرجعيته لسلطان الله ..
أما مفهوم التدرج عندهم هو أنهم سيظلون يحتكمون للشعب فترة من الزمن ..ويتدرجون في نقل الحاكمية من الشعب لله !!
· وعندما يكونوا أغلبية ساحقة كما يدعون ..فهل ساعتها سيصبح البرلمان إسلاميا ؟ أم سيظل على حاله “شركيا” ؟؟
فإن قالوا أنه سيصبح ” إسلاميا ” .. فهل سيقدرون على إلغاء عضوية ” أعداء الدين ” من العلمانيين والليبراليين والوفديين وغيرهم من البرلمان ؟
وإن كان البرلمان إسلاميا ..فكيف يسمحون لأعداء الإسلام أن يجلسوا بينهم ويشاركونهم في ” الشورى ” !!
فبما أنهم لن يستطيعوا إلغاء عضوية أعداء الإسلام .. فهذه هي عين الديموقراطية .
وإن قيل أنه لا يزال شركيا .. فهم قطعا سيمارسون جميع الآليات الشركية في البرلمان وأهمها الإحتكام للأغلبية .
رابعــــــا :
الشئ المؤكد ..أن الذي سيتولى منصب الرئاسة :
1 – لن يستطيع أن يلغي سيادة الشعب ..ويجعل السيادة لله ..فسيظل لفترة من الزمن يحتكم للطاغوت –أو يحكم به-..حتي يقدر تدريجيا على جعل الحكم لله !!
إذن.. سيشرك بالله لفترة من الزمن حتى يستطيع أن يمكن للدين !!
2- لن يستطيع أبدا إلغاء المادة التي تنص على مدة الفترة الرئاسية ..وإلا قامت عليه الدنيا ولن تقعد ..وسيقول له الناس ..وهل ثرنا على مبارك إلا لذلك ؟!
فبناءا على ذلك فسيقوم مجبرا على التنازل عن ما سيسميه “الولاية الشرعية” – بحسب تصوره هو – لشخص آخر لا يعلم هل سيطبق الشرع أم لا ..وهذا شرعا لايجوز أبدا ..
فمن جهة الشعب ..لا يجوز له أن يخلع أميرا لم يأت بما ينقض ولايته الشرعية ..ومن جهة الحاكم فلا يجوز له أن يتنازل عن ولايته طوعا بدون عذر شرعي ..
فماذا نسمي هذا الذي يحصل إذا ؟؟ لا أجد له إسما إلا ” الديموقراطية “..
خامســــا :
تحتم عليهم الديموقراطية ألا ينطقوا بكلمة ” هذا كافر ” لأن هذا فيه “حجر على الأفكار” و “محاكمة للعقائد” كما يقولون ..وقد رأينا كيف ثارت وسائل الإعلام عندما صرحوا بكفر النصارى !!
والحزب يتحتم عليه التصريح باحترام جميع الأحزاب ..أو على الأقل عدم إنكار “شرعيتها” .. بما فيها الشيوعي والملحد ..
فهل يقدر أحد على التصريح بأن الأحزاب الأخرى أحزاب مؤسسة على الكفر؟
فبذلك يضطرون اضطرارا للحكم بالإسلام على أعدء الإسلام ..وهذا فيه ما فيه من تمييع للدين .. وإفساد للعقيدة ..وإيهام للناس أن الختلاف بيننا ويبنهم في التوجهات لا في الدين .
وهاهي وثيقة المجلس العسكري التي قام الحزب بالتوقيع عليها بما فيها من بند ينص صراحة على تأييد الطاغوت ..
وهذا نص البند :
” إن رؤساء الأحزاب الموقعين على هذا البيان يعلنون تأييدهم الكامل للمجلس الأعلى للقوات المسلحه “
فعندما اعترض الشباب على الوثيقة ..قاموا بالتنصل من البند الذي ينص على المبادئ فوق الدستورية .. ولم نسمع التبرؤ من هذه العبارة ..
هل لأن أمر تأييد المجلس العسكري أصبح عاديا ؟ حتى أصبح من المقررات ؟ بحيث لا يذكره أحد من الذين اعترضوا أو الذين تبرأوا ؟
ونود أن نسألهم سؤالا بديهيا .. هل المجلس العسكري طاغوت أم لا ؟
وهل بقاؤه المؤقت في السلطة يغير حكمه الشرعي ؟
وما حكم تأييد الطاغوت ومدحه – وهذا فيه ما فيه من إسباغ للشرعية عليه ؟
وهل كان رئيس الحزب مكرها أو مضطرا لتوقيعه على تأييد الطاغوت .. ” وقد أمروا أن يكفروا به ” ؟؟
وأين اجتناب الطاغوت الذي هو من أصل الدين وركنه ؟
“ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت “..
بدأ الأمر بتأييد الطاغوت ..وإظهار المودة للنصارى المحاربين.. والقيام لهم وإجلالهم والبشاشة في وجوههم.. ودم أخواتنا لم يجف بعد ..
بل والسكوت وهم يجهرون بالكفر عيانا بيانا أمام اللحى الطويلة المتبسمة ..”بسم الإله الواحد الذي نعبده جميعا “
وطبعا لا يستطيعون الإنكار ..وإلا اتهموا “بالتحجر “و “نبذ الآخر” ..
وقد كرر القس الموقر كلمة (إخواننا)..وأكد على الأخوة الوثيقة التي بينهم, ولم نسمع إنكارا ولا حتى تعقيبا !!
يقول تعالى :
((وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً ))
وعندما قام الإخوان في الماضي بترشيح إمرأة عنهم ..قامت الدنيا “السلفية” ولم تقعد ..ولم تسعهم المصالح والمفاسد!!
وعندما أخذوا النصارى بالأحضان ..قامت الدعوة بالجهر بالنهى عن المنكر ..وأكيلت الإتهامات للأخوان بتضييع عقيدة الولاء والبراء !!
وها هم الآن يمشون على خطاهم حذو القذة بالقذة .. ولازالت المزالق بدأت تتوالى ..
وهناك شبهة أخرى ..
(( أننا نأخذ من الديموقراطية الإجراءات فقط أو مايسمى “الديموقراطية الإجرائية”.. ولكن فلسفة الديموقراطية التي تنص على حاكمية غير الله فنحن ننكرها تماما ..ونعتقد أنها مصادمة للدين ))
نقول وبالله التوفيق ..
أنه من المعروف للمتابع أن الإجراءات تخضع خضوعا مطلقا لدين الديموقراطية وتنبثق عنها ..بحيث تكون هذه الإجراءات متماشية تماما معها ولا تتصادم بها .. حيث أن الإجراءات ما هي إلا آليات لتطبيق هذا الدين على أرض الواقع..
فمثلا ..
- نجد أن جميع الإجراءات تحرص تماما على عدم التفريق بين المواطنين على أساس العقيدة أو الجنس ..
– وأن تؤسس الأحزاب على أساس غير ديني ..
– وأن تراعي “المساواة” التامة بين المواطنين ..
– وأن تكفل الحريات المطلقة في الممارسات والدعوات والشعارات والآراء ..حتى لو كانت متصادمة مع الدين ..
– بالإضافة إلى منع استخدام الشعارات الدينية في الإنتخابات وغيرها ..
– وعدم الخروج عن النظام العام للدولة الديموقراطية ..
وفي الجانب الآخر ..
ترى الـ”إسلاميين” الذين اتخذوا هذه (الإجراءات) وسيلة للتمكين للدين .. قد التزموا أحكام الديموقراطية في هذه الإجراءات .. فلم يفرقوا بين المسلمين والكفار في العضوية والمعاملة ..وصرحوا باحترامهم لجميع الأحزاب ..وأسبغوا الشرعية على النظام القائم .
وهكذا .. كلما فرض الكفار عليهم قوانين جديدة باسم الديموقراطية التي خضعوا لها .. ذهبوا يرقعون الفتاوى ويأتون بكل شاردة وواردة ..ويستدلون باستدلالات فاسدة ..فسادها يغني عن إفسادها ..
وترى المحصلة النهائية لهذه الفتاوى : أن كل شئ تفرضه الديموقراطيه : جائز !! وتحت شعار المصالح والمفاسد !!
وخلاصة القول ..
أن الديموقراطية دين .. بفلسفتها وإجراءاتها .. لا ينفك بعضها عن بعض !!
(( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ )) .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .