أصدرت جماعة الدعوة السلفية مجموعة من الفتاوى قبل بدء المرحلة الثانية من الانتخابات، حيث استشهدت بمواقف الرسول فى صلح الحديبية لتبرير تحولهم من رفض المشاركة فى الانتخابات البرلمانية قبل الثورة إلى القبول بها، كما اعتبرت الدعوة فى فتوى أخرى أن عدم المشاركة فى الانتخابات سيؤدى إلى تمكين العلمانية والليبرالية، وأن كل إثم سيقع على من لم يسع إلى المشاركة.
وتلقت الدعوة السلفية سؤالا من شاب سلفى أكد فيه أنه استمع قديمًا لشرائط شرح الحاكمية، وشرائط السلفية ومناهج الإصلاح للشيخ عبد المنعم الشحات. التى قال فيها بالنص "إن مَن ينتهجون الحل البرلمانى يضعون أنفسهم فى مشكلة عقائدية خطيرة؛ إذ إنه لا يمكن تمرير الشريعة إلا من تحت الديمقراطية فتكون -أى الأخيرة- هى الأعلى".
وعقب صاحب السؤال على كلام الشحات قائلا: "أرى الآن نقيض ما تعلمته من شرائطكم من إنشاء الأحزاب، والترشح فى الانتخابات تحت مظلة الديمقراطية! وقد تعلمت منكم أن مبدأ الغاية تبرر الوسيلة هو مبدأ يخالف الإسلام، وأنه لا بد للوصول للغاية التى نرجوها بوسيلة مشروعة لا تخالف الشرع والعقيدة، فهل هذا يعتبر رضا بالديمقراطية وقبولا لها؟".
وأكد الدكتور ياسر البرهامى، نائب رئيس الدعوة السلفية، فى رده على الفتوى أن الديمقراطية التى قَبِل بها السلفيون آلياتها منضبطة بضوابط الشريعة، كما ورد فى برنامج حزب النور، مشددا على أن السلفيين لا يقبلون أن يكون الحكم لغير الله.
وأضاف: "لكننا نقبل مسألة الانتخابات على ما فيها من بعض المخالفات، إلا أنها أقل مفسدة من ترك المجال للعلمانيين والليبراليين ومن يوافقونهم ممن ينتسبون إلى العمل الإسلامى "وأشار إلى أن السلفيين يقبلون مراقبة البرلمان للحاكم، وإمكانية عزله ومنع استبداده، ويقبلون قيام المؤسسات فى الدولة على مبدأ الشورى، الذى يتم من خلال الانتخاب الذى يلزم شرعًا أن يكون ممن هو أهل له، لافتا إلى أنهم سيسعون لتحقيق ذلك.
وأضاف: "نحن لم نقبل "الفكرة الفلسفية للديمقراطية فى أن الشعب هو مصدر السلطة التشريعية"، بل الحكم لله، صرحنا بذلك مرات ومرات.. فكيف ينسب لنا الموافقة على ضد ذلك؟"، معتبرا أن تغير موقف السلفيين من المشاركة ليس من مبدأ "الغاية تبرر الوسيلة"، بل من مبدأ "موازنة الحسنات والسيئات، والمصالح والمفاسد" بميزان الشريعة.
واستشهد برهامى بما أسماه بالتنازلات التى فعلها النبى- صلى الله عليه وسلم- فى صلح الحديبية حين ترك "بسم الله الرحمن الرحيم" إلى "باسمك اللهم"، ومِن ترك "محمد رسول الله" إلى "محمد بن عبد اللاه" مع كونه قالها بلسانه: "إنى رسول الله وإن كذبتمونى"، وكذلك قبول أن يرد مَن جاءه مسلمًا إلى المشركين، وهو الأمر الذى وصفه بمفسدة حقيقية؛ لكنها تجردت عن دفع مفسدة أعظم، وجلب مصلحة أكبر.
وأضاف: "نحن- بحمد الله- لم نخالف العقيدة لا فى مسألة الحكم، ولا فى مسألة الولاء والبراء، وهل سمعتَ أحدًا قبْلنا تكلم على الملأ فى مسألة كفر النصارى، مع كوننا نعطيهم حقوقهم التى شرعها الله؟" مشيرا إلى أن الناس قبل تصريحهم لم يقولوا شيئا على بطلان ملة النصارى وكانوا يصرحون بأنهم مؤمنون ويدخلون الجنة.
وتابع: "لا تحاكمونا إلى مصطلحات القوم التى وضعوها، ونحن قد فصلنا فيها ما قبلناه وما احتملناه لأجل مصلحة أعظم، مثل: "تصويت المرأة وترشيحها"، وما رددناه من فكرتها الفلسفية".
وأكد برهامى فى فتوى أخرى أن عدم المشاركة فى الانتخابات يعد تمكينا للعلمانية والليبرالية، ومن يناصرهم مِن غير المسلمين مِن فرض رؤيتهم على الدستور القادم والدولة القادمة، وأعرب عن تخوفه من تمكنهم من منع الدعوة إلى الله وفرض الليبرالية والعلمانية على المجتمع، كما صنعوا قبل ذلك فى الأنظمة المستبدة، ودمروا الشباب والفتيات وأفسدوا عقائد الناس؛ بحسب تعبيره، مشيرا إلى أن كثيرا من المسلمين صار يرى صحة كل الملل التى تخالف ملة الإسلام! ويرى عابد "بوذا"، والهندوسى "عابد البقر"، واليهودى المكذب للقرآن وللرسول- صلى الله عليه وسلم-، كلهم مؤمنون مستحقين للجنة!
وأضاف: "لو تمكنوا من ذلك من خلال صناديق الانتخابات؛ لكان كل إثم يقع من ذلك هو فى آثام مَن لم يسعَ إلى المشاركة، أو حرمها وحذر الناس منها، أو حثهم على اختيار مَن لا يناصر الدين، ويسعى لحفظه وحمايته".