حالة حوار ... مع الشرعية الحائرة
رسائل بعض القراء على مقال الشرعية الحائرة (شرعية البرلمان أم شرعية الثورة)
رسالة أولى:
الأخ الحبيب د صابر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لي ملاحظة بسيطة وهي قولك :
(مما لا شك فيه أن إرادة الشعب هى الشرعية الحقيقية والتى تتمثل فى إختياراته فهو صاحب الحق الأصيل)
فالشرعية ليست إرادة الشعب إلا إذا وافقت المعنى الشرعي للشرعية والتي هي كما قال الشاطبي ( الجماعة راجعة للإجتماع على الإمام الموافق للكتاب والسنة
فما كان خارجا عن السنة كالخوارج والروافض وما جرى مجراهم فلا يدخل في معنى الجماعة )
أما إرادة الشعب فقد تكون الكفر أو الفسوق أو العصيان أو الروافض أو الخوارج أو الإرجاء فهل تكون هذه شرعية وحقيقية أيضا أم تقصد شرعية لها معنى
آخر غير هذا المعنى الشرعي ؟
إن العبارة المنضبطة شرعا أن نقول أن إرادة الشعب أو الثورة أو البرلمان تكون شرعية فقط في حالة واحدة وهي موافقة شرع الله وتطبيقه وعدم مخالفته
وغير ذلك فليس للشعب ولا الثورة ولا للبرلمان أي شرعية في دين الله إذا خالف شرع الله
ويجب أن يكون هدفنا هو جعل الشعب يريد شرع الله وتوحيد الله وعبادته وحده
ويجب في حركتنا السياسية وخطابنا السياسي أن ننضبط بضوابط الشرع ولا نحيد عنها لأي سبب كان
وأشكرك على الطرح الرائع وتقبل مروري
****************************
الرد على الرسالة
الاستاذ (...............)
سعدت بمشاركتك لكن دعنى اوضح الآتى:
أولا: استخدام لفظ الشرعية فى الآونة الاخيرة داخل الحياة العامة و العلوم السياسية كمصطلح يراد منة أوهو أقرب لمعنى القانونية
, ولا يقصد به الشريعة فيقال رئيس شرعى منتخب اوحكومة شرعية منتخبة برلمان شرعى أوبرلمان غير شرعى اذا كان مزورا
أوأن النظام فقد شرعيته بمعنى قانونيتة أو مثلا فى الانظمة البرلمانية وحكومات الائتلاف لو انسحب وزير اواكثر من حكومة الائتلاف
واصبح العدد غير قانونى (اغلبية الثلثين مثلا) فيقولون ان البرلمان فقد شرعيته اوغير شرعى او ان الجيش يحمى الشرعية
وحتى فى الدول الغربية يستخدمون نفس اللفظ (الشرعية الدولية)و ما اردناه هو استخدام اللفظ الدارج سياسيا حيث يتوجه المقال
ولم نقصد ولم نقل المعنى الشرعى والدينى للفظ الشرعية ولذلك لم نتكلم عن شرعية دينية او اسلامية .
وعموما وحتى فى الشريعة مايسمى شرعية الضرورة ومشروعية التغلب وان كانت تختلف قطعا مع الوضع الشرعى المستقر
لكن من الممكن شرعا قبولها مرحليا كشرعية ضرورة(مؤقتة)اذا اقتضت الضرورة(والضرورة تقدر بقدرها) ومابين مشروعية
الضرورة والشرعية المستقرة الكاملة(الاسلامية) مسافة كبيرة وتكون محصورة بين الرفض و القبول وبناءاً على ماتقضيه حال
المسلمين (حالة الاستضعاف).
ثانياً: تعريف الامام الشاطبى انما يتكلم عن الجماعة اوالشرعية(الاجتماع) على الامام وهنا لابد أولا من ايضاح الفرق بين الامام
و الامامة العظمى (دولة الخلافة)والتى يتحقق بالخروج عليها معنى الافتراق ووصف الخوارج اوالخروج عن الجماعة ومايترتب
عليه من احكام... وبين الولاية القطرية للدولة (الدولة بالشكل الحالى)فهنا يسمى حاكم او والى او عامل وبالقطع ليس له نفس احكام الامام
ولا الامامة العظمى وهذا الامر لا يتضح عند كثير من الاتجاهات الاسلامية وهو مايفسر ان بعضهم كان يقول على المخلوع امير المؤمنين
وان الخروج عليه يدخلك فى دائرة الخوارج وهو نفس مايعانى منه بعض المنتسبين للتيار الاسلامى الى اليوم وبدأ بعضهم فى ذلك مع المجلس
العسكرى من الان.
الامر الثانى ماهو وضع الشرعية فى حالة غياب الامام(الخلافة) ووجود ولاة (طرح للمناقشة)؟؟؟ فقط.
ثالثاً: أن ارادة الشعب تحققت من خلال استفتاء مارس وايده اكثر من 77% وتكرر بنسبة مشابهة اواكثر فى البرلمان بتصويتة للاسلاميين
ولن تكون للكفر وأوالفسوق او العصيان أو الخوارج أو الارجاء (فما هو المطلوب من الجماهير؟) فهناك رصيد للفطرة ورصيد للتجربة...
رابعاً: ما نحن بصدة الآن هو بناء هيكل الدولة, وحتى نقيم دولة قوية ممانعة لها ارادة مستقلة وتتحرر من التبعية لابد من اقامة العدل
وما أجمل ماقاله ابن تيمية فى كتاب السياسة الشرعية( ان الله ينصر الدولة العادلة وان كانت كافرة ولا ينصر الدولة الظالمة ولو كانت مسلمة
, بالعدل تستصلح الرجال ,وتستغزر الاموال) ويقول فى موضع اخرالمسلم الذى لايستطيع أن يحكم بالشريعة فيحكم بما يستطيع من العدل
لكن لايقول انه شرع الله
خامساً: اما عن دوركم فى أن تجعلوا الشعب يريد شرع الله فيبدوا ان بعض الناس يعيش خارج الزمان و ربماالمكان... (معهد جالوب الامريكى)
أجرى دراسة عن رغبة الشعب المصرى فى تطبيق الشريعة وكانت النتيجة تتجاوز 90% وهى نسبة تقترب من نسب التصويت للاسلاميين
فى الانتخابات ...المطلوب ياسيدى ان نستوعب الحدث (الثورة) وندرك التغيير (الشعب أوعى من نخبه),ونبدأ العمل ونمتلك زمام المبادرة
والابداع لا ان نعمل بطريقة رد الفعل ونعيش ماتبقى متأثريين بنظرية المؤامرة
سادسا: لابد من البدأ فى المشروع الحضارى الاسلامى فالشريعة ليست تطبيقاً للاحكام الجنائية فقط وحتى الاحكام الجنائية الاسلامية لن تطبق
حتى تغلق كل الابواب التى تؤدى الى الجريمة (كمافعل عمر فى عام الرمادة) فلابد اولا من بناء المجتمع مع استفاضة المعرفة ومواجهة التحديات
الداخلية والخارجية وهذا لن يتأتى مع سياسة غلق النوافذ انما يكون بالربط بين النظرى والعملى والبعد عن سياسة الهروب الى المواجهة ادراكاً
حقيقياً للبوصلة وتقديراً واعياً للوقت .
سابعاً: هذا ما أردت ايصاله فى الرد فأن أصبت فمن الله وان أخطأت فمن نفسى والشيطان وادعوا الله ان يتقبل عملى وان يكون خالصاً صواباً
.برجاء متابعة مقالة انتقال السلطة (دور الحراك الشعبى فى نقل السلطة) ومتابعة باقى المقالات القادمة ويسعدنى مشاركتك .
القاهرة فى 16/1/2012 صابر شهاب
****************************
رسالة ثانية:
ما شاء الله يا دكتور على الفكر الراقي . دعني هنا أحدد نقاط الإتفاق مع سيادتك :
1- أن الثورة ليست كما يقول الإمام الشيخ شعراوي عليه رحمة الله ورضي الله عنه وارضاه ، وأن الثائر الحقيقي
هو من تهدأ ثورته للإلتفات للبناء ، وإنما الثورة هى جزء من كيان الإنسان وجزء من تكوينه النفسي على وجه الخصوص
، فكلما ظهر الظلم ظهرت الثورة أو وجب عليها أن تظهر فكل منا عامل وثائر في نفس الوقت دون تخصيص لوقت أثور
فيه ووقت أهدأ فيه بل يجب أن نكون على أهبة الثورة كلما كان الظلم على أهبة العمل .
2- إن ثقتنا في البرلمان هى بالتأكيد ثقة مؤقتة بل إن ثقتنا في كل شيئ ما خلا الدين هى ثقة مؤقتة فإن أحسن آزرناه
وإن أساء فهي الثورة ولكن : هيا نثق في البرلمان المنتخب الآن لأن انعدام الثقة في البرلمان والعمل ضد انسياب حركته
معناه اعطاء الفرصة للنخبة العميلة لتعود من جديد ، هذا برلماننا الذي انتخبناه ليمثلنا بكل مفرداته حتي الكتلة المصرية
بعملائها تمثلنا الآن كجزء من البرلمان لأنها نجحت في حصد أصوات في دوائر شتي ، ولكن إن وصل الظلم أوالإهمال مبلغه في الثورة
3- كون الأخوان المسلمون قد حصدوا أغلبية " إلا قليلا " ، فهذا بلا شك يؤكد أن الشعب قد وثق بهم ، وربما في ظروف أخري
كان لهم أن ينالوا ثقة أقل أو أكثر حسب تلك الظروف ، ولكن : يبقي جيدا أن تجد فصيلا بعد ثلاثين سنة من تربية العملاء
يبقي جيدا أن نجد من نثق فيه ولكنه تحت أعيننا ، المهم هو عدم اقصاء الآخرين بل يبقي العمل لوجه الله والإخلاص لله
واعلاء صالح العباد فوق كل اعتبار والحمد لله أنهم موفقون حتي الآن ولكن متي وجدنا عوارا فيهم أو في اي فصيل آخر
فولله لنحاسبنهم ولا يقدح في ذلك كوني منهم أو على منهجهم لأن المنهج هو منهج الإصلاح وتكنب طريق الإصلاح لابد من مواجهته .
الحقيقة انا كنت مفكر ان فيه نقاط اختلاف لكن الحمد لله مفيش
الرد على الرسالة:
الاخ محمود
أحييك على أسلوبك البليغ ودعنى اذكًر البعض انه ليس لدى أى مشكلة أن اتفق أو أختلف مع أحد لانها طبيعة بشرية
ودورنا البحث و التعامل مع المشترك وهو كثير ومع بناء المجتمع يزيد المشترك ويقل المختلف عليه لكنه لا يتلاشى وهذه حقيقة.
الامر الثانى نحن قطعاً مع البرلمان لكننا نعرف أنه سيواجه ضغوطاً شديدة ويحاولون جعله مجرد ديكور وهو ما أردنا القاء الضوء عليه
من خلال سلسلة المقالات والتأكيد على دور الشعب فى استكمال المسيرة على أنها بدأت ولم تنتهى وهو ماأشرنا اليه ان شرعية الميدان قائمة
وساهرة وحارثة وبالتأكيد لابد من الضغط المتوازى من خلال مجلس الشعب ومن خلال الميادين حتى يرحل العسكر وتبدأ المسيرة
لا أن تنتهى الامر الثالث المقال بينشر فى عدة مواقع وصفحات ومنتديات ويخاطب شرائح مختلفة قطعاً بيكون منهم بعض النخب
فهذا مايجعل للحوارمساراً له طبيعة عامة وليس موجة لفئة محددة ويحتوى على رسائل هنا ورسائل هناك.
الامر الاخير اننى قصدت الاختصار على القارىء فوقعت فى أزمة عدم الوضوح وتعلمت منها الحرص على الوضوح ولو طال المقال
وربما أعيد كتابتة موضحاً اذاكنا فى حاجة الى ذلك
برجاء متابعة المقال القادم ان شاء الله وفى انتظار مشاركاتك
القاهرة فى 14/1/2012 صابر شهاب[/center]