لكل عقل يفكر وعين تبصر وضمير يستيقظ
بينما كان عبده يبحث فى الزبالة عن شىء يتقوت به، عثر على ملف أحمر مكتوب عليه بخط أحمر أيضا: الخطة السرية لشل الثورة. فتح الملف ونظر داخله، وصرفه ما وجد عن الشعور بالجوع. جلس على الأسفلت وبدأ يقرأ:
الخطة السرية لشل الثورة
هدف هذه الخطة ليس القضاء على الثورة أو قمعها، فهذا أمر غير ممكن، حيث أثبتت الدراسات أن الثورات حين تندلع لا يمكن إخمادها، بل لا بد لها من أخذ مداها. وإنما تهدف هذه الخطة، بناء على دراسة مقارنة لثلاث وخمسين حالة من الثورات، إلى إصابة الثورة ومن يؤيدها بشلل رباعى، بحيث لا يقوى على الكلام ولا الحركة، يلاحظ وجود تناقضات فى تعليمات الخطة، وذلك أمر أساسى، فمن التناقض سيأتى الشلل.
المحتويات:
- تأييد الثورة، واتهام الثوار بالعمالة والخيانة.
- رفض مطالب التغيير أطول مدة ممكنة، وتنفيذ الحد الأدنى منها عند الضرورة والتباهى فورا بهذه التغييرات كعلامة على تأييد الثورة.
- تنظيم استفتاء على تعديلات دستورية غير مفهومة، ثم تجاهله وإصدار إعلان دستورى جديد، مع التمسك بنتائج الاستفتاء -الذى لا يتذكر أحد بنوده بالضبط- كلما كان ذلك معوقا للتغيير.
- تحويل عدد محدود من رموز النظام القديم للمحاكمة بتهم غريبة، مع إبقاء الغالبية العظمى من وجوه النظام القديم على رأس مؤسسات الدولة، ولعن النظام القديم ورموزه طول الوقت.
- الحديث عن ضرورة إصلاح الأمن، وترجمة هذا الإصلاح إلى زيادة رواتب الضباط، وشراء معدات وأسلحة وذخائر وعربات مدرعة جديدة، وتجديد الأقسام ومديريات الأمن، ونقل القيادات من مكان إلى آخر بشكل عشوائى.
- ترك الشؤون العامة تتدهور حتى تقارب حافة الانهيار: الوضع الاقتصادى، التموين، النظام العام، الوحدة الوطنية، مطالب الموظفين والعمال، ومناشدة أهل الرأى المساعدة فى معالجة هذه المشكلات، ثم تجاهل كل ما يقولونه.
- إطلاق الرصاص والخرطوش على المتظاهرين مع التأكيد المتكرر أن الأمن لا يطلق النار، وأن رجال الأمن هم الذين يتعرضون للرصاص والخرطوش، وحين السؤال عمن يطلق هذا الرصاص يمكن الإجابة بأنه طرف خفى. كذلك التنكيل بالمتظاهرين أمام عدسات الكاميرات، ثم إنكار أن الأمن هو الذى نكل بهم، وعند السؤال عن هوية هؤلاء الناس الذين تم تصويرهم وهم ينكلون بالمتظاهرين يكتفى بالتحديق فى الفراغ وعدم الإجابة.
- تنظيم انتخابات تأتى بوجوه جديدة كثيرة، ثم تصرف هذه الوجوه بالضبط مثل الوجوه القديمة.
- رفض صياغة الدستور قبل إجراء الانتخابات البرلمانية، ثم الإصرار على ضرورة صياغة الدستور قبل إجراء الانتخابات الرئاسية.
- تشكيل لجنة تقصى حقائق فى كل أزمة دون إعلان نتائجها. ثم تشكيل لجنة تقصى حقائق فى اشتباكات تقع أمام سور مبنى الهيئة التى شكلت اللجنة.
- إحراق مبنى عام مهم فى كل أزمة، على أن يكون قريبا من وحدة إطفاء لا يتم تحريكها، مع التحذير المستمر من أن مصر تحترق.
- إصدار بيانات متتالية غير مفهومة، مع خلط التسلسل الرقمى لها من حين إلى آخر لتعظيم الأثر.
- محاكمة الرئيس السابق دون وضعه فى السجن، وتدليله وأبنائه أمام الكاميرات وتوفير أفضل رعاية طبية له دون أن يكون بحاجة إلى رعاية طبية أصلا، مع الامتناع عن علاج المصابين فى التظاهرات وتقييدهم بالحديد فى أسرتهم بالمستشفى. ثم الإعلان عن تجهيز مستشفى خاص للرئيس السابق فى السجن بنفقات خيالية.
- تبرئة الضباط المتهمين بقتل المتظاهرين واحدا واحدا، مع القبض على الداعين للتظاهر بتهمة التحريض.
- الاحتفال بعيد الشرطة فى يوم الثورة.
- إرسال وفد حكومى رفيع المستوى إلى واشنطن لطلب استمرار التمويل الأمريكى للدولة، وفى أثناء الزيارة يتم إحالة نشطاء حقوق الإنسان إلى المحاكمة الجنائية بتهمة تلقى تمويل أمريكى.
عند هذه النقطة، شعر عبده بأن أطرافه تتصلب، فأغلق الملف وقام يبحث عن شىء يأكله.
منقول