كل هذا الفساد ، وبدون إثبات ؟
هذا المقال | 02.03.12 | بقلم د.سرحان سليمان
لا أحد ينكر فساد النظام السابق ، حتى اعترف به بعض رموز الحزب الوطنى السابق،ومن مع الرئيس السابق ،
لان قضايا الفساد واضحة وكل من يعيش على ارض مصر يعلمها وتعايش معها ،
فما انكر الفساد معارضا او رفيقا للنظام السابق ، ومع ذلك لا يوجد ادلة اثبات على تلك الجرائم ،وهى مفارقة عجيبة ،فهل النظام السابق لم يترك ورائه اى مستندات او أدلة تثبت تلك الجرائم وقضايا الفساد ؟ وهل لا يكفى ثبوتها بأنها موجودة وثابتة للعيان لكل من يريد التعرف عليها ؟ كما ان المسؤولية المباشرة للنظام عن ادارة الدولة لا تكفى لمحاسبته ؟ كيف يعقل عدم القدرة على اثبات هذا الفساد !! وإذا كنا لا نستطيع الاثبات فما نفعل ونحن مؤمنين ومدركين وشاهدين على ما كان يحدث ؟ بل العالم الخارجى تحدث عن فساده فهل لا يكفى ايضا اما نطالبه بتقديم مستنداته للتحقيق ،والتأكد من المسؤولية للنظام السابق فى تلك الملفات !!؟
وللتأكيد على حيرتى وحيرة الشعب أتسائل : ألا يكفى مشاهد الفساد فى كل ممتلكات الدولة من اراضى زراعية وتبوير واستغلال وبيع لأشخاص بالأمر المباشر ؟ ألا يكفى نهب البنوك والشركات العامة والمشاريع القومية ؟ ألا يكفى نشر الجهل والتخلف والمرض فى المجتمع ؟ ألا يكفى القضاء على الاخلاق والثقافة والقيم ؟ ألا يكفى البطالة والبلطجة والمخدرات والعصابات الاجرامية التى ظهرت علينا فجأة وهم نتاج النظام السابق ؟ ألا يكفى المعتقلات والسجون ومن كانوا يقضون اعواما دون محاكمة ؟ ألا يكفى التخويف والرعب والظلم الذى كان ينتهجه جهاز امن الدولة فى حق المواطنين ؟ ألا يكفى انتشار السرطان والفيروسات والمبيدات والأدوية الغير صالحة التى قضت على صحة المصريين ؟ ألا يكفى الرشوة والمحسوبية فى التعيينات والوظائف حتى اصبحت مؤسسات الدولة ملكية خاصة ؟ ألا يكفى هجرة علماء وعقول مصر الى الخارج بحثاً عن فرصة عمل ؟ ألا يكفى ان تصبح مصر مستوردة لغذائها ودوائها وتتحكم فيها دول العالم ؟ ألا تكفى اهانة المصريين العاملين فى الخارج دون النظر اليهم ؟ ألا يكفى قتل المظاهرين وإحداث الفتن والصراعات بين العائلات وبين طوائف الشعب لتحقيق اهداف سياسية للنظام ؟ ألا يكفى تعاون النظام مع العدو اسرائيل وإعطاء ظهره للأشقاء العرب والدول التى يمكن ان تحقق مكاسب لمصر ؟ ألا يكفى ان يكون اكثر من نصف الشعب المصرى فقير ونحو خمس الشعب تحت خط الفقر ؟ ألا يكفى ان اكثر من ثلثى الشعب يعانى من الامية ؟ ألا يكفى .....ألا يكفى ............!!
إذا كان كل ذلك بالإضافة الى الملفات التى أعقبت الثورة ويسأل عنها النظام السابق ورموزه لا يكفى ، فما الذى يكفى ليكون دليلا على اثبات التهم وحقيقة الفساد ،فأما ان نعترف بهذه الجرائم السابقة ولا نتنازل عن محاكمة من قاموا بها !! وإما نعترف بعدم حدوثها وإنها لم تكن موجودة !! وأوجه سؤالى إلى القضاة الذين يحاكمون مبارك وأعوانه ،ألا تكفى تلك الجرائم ؟ مر عام ولم نسمع عن محاكمة شخص أو تأميم لممتلكات فساد أو استعادة أموال منهوبة ! فما الذى يحدث ؟ أنفرح بالثورة وفقط ؟ ولا نبحث فى تلك الملفات وعن أصحابها ، لكن هذه حقوق لشعب وحقوق دولة وإذا لم يتم استرجاعها سوف تكون نقطة سوداء فى تاريخ مصر ،وسوف يذكر التاريخ عجز المصريين والقضاء المصرى عن محاسبة الفاسدين أو إثبات التهم عليهم .
الصراع بين الحق والباطل مستمرا ومهما ضعف أو هان الحق لابد وأن يظهر، ولابد أن يعلو ولابد أن يتولى الأمر يوما رجال شجعان يعرفون الضمير والحق ، فيكون الحق ظاهرا على ايديهم ،فإن الحق لا يكون إلا بأيدى تعرفه وتؤمن به ، وهذه الايدى وإن غابت وطال انتظارها فلاشك أنها موجودة وأنها عندما تتولى الامر سوف تحقق العدل وتظهر الحق ،فنحن شعب وان اتصفنا بالمتسامح فانه يعرف متى يستثار ومتى يثور كما ثار على الظلم والقهر والاستعباد فغير ما كان لا يتوقعه اصحاب الباطل .
الكاتب:
د.سرحان سليمان