تفريغ الحلقة
المعنى الخطير للتدرج في تطبيق الشريعة
(نريد أن نحكم بغير ما أنزل الله لفترة من الزمن). هل هذه عبارة يقولها مسلم؟ هذه العبارة لا تختلف أبدا عن عبارة "نريد أن نتدرج في تطبيق الشريعة"، لأن هذا التدرج يعني: (نريد ألا نحكم بما أنزل الله في عدد من المسائل لفترة من الزمن)، وهي لا تختلف أبدا عن عبارة (نريد أن نحكم بغير ما أنزل الله لفترة).
فالذي سيصل إلى سدة الحكم لن يصل إلى فراغ. لو كان يصل إلى فراغ ليس فيه أنظمة ولا قوانين ولا أحكام لتصورنا أنه سيُطبق بداية 10% شريعة ثم 20% شريعة وهكذا إلى أن يصل إلى 100% شريعة، ودون أن يطبق قوانين وضعية خلال هذه الفترة. ولكان يمكن أن يقال هو يتدرج في تحكيم الشريعة ولا يَحكم بغيرها.
لكن الذي يصل إلى سدة الحكم سيصل إلى منظومة كاملة من القوانين الوضعية المحكَّمة في النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي والجنائي، وهذه القوانين الوضعية مخالفة لشريعة الله تعالى. فالذي يقول "أريد أن أتدرج في تطبيق الشريعة" كلامه يعني أنه سيحكم بداية بقوانين موافقة للشريعة بنسبة 50% مثلا بينما سيحكم بالقوانين الوضعية بنسبة 50%. هل لكلامه معنى آخر؟ أين يذهب حينئذ من قوله تعالى ((ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون))؟ ((فأولئك هم الظالمون))؟ ((فأولئك هم الفاسقون))؟
لن أدخل هنا في حكم من يحكم بغير ما أنزل الله ولن أناقش الاستحلال الفعلي والقولي ومسألة كفر دون كفر والفرق بين القضاء في المسألة مع الاعتراف بمرجعية الشريعة وتبديل الشرائع. بغض النظر عن ذلك كله، ألسنا نتفق على أن الحكم بغير ما أنزل الله حرام على الأقل، وبكل أشكاله؟ هل يقبل الإسلاميون أن يقولوا هذه العبارة؟ "نريد أن نحكم بغير ما أنزل الله لفترة من الزمن"؟ هل هناك آية تثني عليهم حينئذ؟ هل هناك آية تقول: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم المحسنون أو المعذورون؟
هل الحكم بغير ما أنزل الله كان حراما على حسني مبارك ثم أصبح حلالا للإسلاميين لأن قصدهم شريف؟ ولأن نواياهم طيبة؟ ولأنهم في المقابل يحكمون بشيء مما أنزل الله؟
أليس منهم من كان ينادي بأن من حكم بغير ما أنزل الله فهو طاغوت جعل نفسه مشرعا ليتخذه الناس أربابا من دون الله؟ إن حكم الإسلاميون بغير ما أنزل الله مرحليا بنسبة مئوية معينة فما الذي يعفيهم من هذه الأوصاف؟ هل النية الطيبة وبعض الشريعة الذي يحكمون به كاف في أن يعفيهم؟
- إذن إخواني عندما نسمع هذه العبارة "نريد أن نتدرج في تطبيق الشريعة" دعونا نفهم معناها ولوازمها. لا تختلف أبدا عن عبارة (نريد أن نحكم بغير ما أنزل الله لفترة من الزمن نقدرها نحن بناء على المعطيات).
الخلاصة: القول بالتدرج في تطبيق الشريعة معناه الحكم بغير ما أنزل الله[i]