الرابط
http://www.almesryoon.com/permalink/42202.html
جرت الإنتخابات الأمريكية عام 2000 بين حاكم تكساس جورج بوش ونائب الرئيس آل جور ، كانت تأكيدات آل جور بدعم اسرائيل وعاصمتها القدس تخيم على أمنيات العرب بنجاح جورج دبليوبوش باعتبار أنه لم يكن على نفس الدرجة من العنف والشدة في الحديث عن القضية الفلسطينية ، ومضي اثنا عشر عاما على نجاج بوش الإبن الذي أحرز واحدا من أسوأ السجلات في تاريخ العلاقات الإسلامية الأمريكية ، ولا يحتاج الأمر فطنة حتي تدرك أن العرب لم يكونوا محقين عندما أيدوا حينها واحدا من أعدي أعداء الإسلام في التاريخ الحديث .
في نوفمبر القادم تجري الإنتخابات الأمريكية بين المرشح الجمهوري رومني والمرشح الديمقراطي الرئيس أوباما ، ورغم تكرار اسم مصر واسرائيل وايران وسوريا وتونس فإنني لم أفهم - رغم محاولتي تكرار سماع المناظرات عدة مرات – نقاط الإتفاق والإختلاف بين المرشحين حول مسائل تتعلق بالشرق الأوسط والربيع العربي ، في الماضي كان من السهل تحديد ترتيب أهمية القضية الفلسطينية في الأجندة الأمريكية أما الآن فكثرة الأحداث والمفاجآت التي تجدها الولايات المتحدة في المنطقة كل يوم جعلت التعامل مع ملف الشرق الأوسط يتوقف على المدرج في دفتر اليوميات في المنطقة العربية ، وفقدت الولايات المتحدة زمام المبادرة خلال العامين الماضيين في المنطقة ، فمن ناحية خذل الليبراليون حلفاءهم في واشنطن فلم يستطيعوا رغم تأكيداتهم من قبل الحصول على أغلبية في أية انتخابات نزيهة في أي دولة عربية وبدلا من ذلك سيطر الإسلاميون على دولتين على الأقل هما مصر وتونس ، وأدركت الأقليات الدينية بعد التجربة العملية أن الإخوان المسلمين ليسوا على هذه الصورة البشعة التي كانوا يتوقعونها حالما وصلوا إلي الحكم بل على العكس وجدوا فرصة أكبر للحديث والتعبير وتمكنوا للمرة الأولي إدارة ملفاتهم الخاصة بكل شفافية وظهر لهم صوت مسموع في وضع الدستور المصري ، وعليه فقد ضعفت واحدة من أقوي الأوراق التي كانت تمسك بها الولايات المتحدة في مواجهة نظام حسني مبارك ، وكذلك فإن التقدم في ملفات حقوق الإنسان وحركة الحكومة المصرية في هذا الإتجاه لا تدع منفذا للخارج فمنذ نجاح الرئيس مرسي ومصر تعيش بلا قوانين استثنائية بل إن الحكومة امتنعت عن استعمال أي اجراءات قسرية حتي ضد المفردات الظاهرة للدولة العميقة والتي تتحصن بالحصانات والإمتيازات المالية والوظيفية .
يحاول رومني أن يظهر مختلفا عن أوباما في إدارة ملفات الشرق الأوسط ولكن الضغط الإقتصادي والعلاقات مع الصين لا تدع له الفرصة في بيان مفردات هذا الإختلاف ، ويبدو أن الرجلين لما يبلور أي منهما رؤية واضحة حول العلاقات مع الأنظمة الديمقراطية الجديدة خاصة مع الضغوط الشعبية التي تطل برأسها مع كل تقارب مصري اسرائيلي ولو كان ناشئا عن خطاب بروتوكولي أو مجاملات دبلوماسية ، فمن ناحية يحكم مصر أعداء اسرائيل من الإسلاميين ولكن يظهر منافسيهم في التيارات الإسلامية الأكثر تشددا متربصين بالسلطة حال خلو مقاعد الإخوان المسلمين من شاغريها وهو أمر يعطي الإخوان المسلمين فرصة أفضل في الحوار مع الأمريكين باعتبارهم الجناح المعتدل في النسيج السياسي الجديد .
الحرب الموعودة مع ايران ترجح كفة الأنظمة الجديدة فالفوضي في المنطقة التي يمكن أن تنشأ عن اضطرابات سياسية تصب في مصلحة إيران وتهدد استقرار أسعار النفط وحركة التجارة المرتبطين بمنطقة الخليج ومنطقة قناة السويس بما يجعل الحفاظ على الهدوء في المنطقة هو أخف الضررين بالنسبة لصانع القرار في واشنطن .
من ناحية اخري فإن التنافس الإقتصادي مع الصين يجعل من الإزدهار الإقتصادي في منطقة الشرق الأوسط المشروط بعلاقات طيبة مع أمريكا هدفا استراتيجيا من أجل تصريف البضائع الأمريكية في المنطقة سواء في مجال التسليح أو التكنولوجيا وهو ما يؤدي إلي خلق وظائف جديدة للخريجين هناك بعد الأزمة الإقتصادية وهو أمر تجد أمريكا نفسها مرغمة علي التنافس بشأنه بعد دخول الصين على الخط مع مصر والسودان على وجه الخصوص .
لن يسلح أوباما ثوار سوريا خشية أن تقع سوريا هى الأخري في يد الإسلاميين بينما يدعي رومني أنه سيتجه الي حسم الصراع هناك لإسقاط بشار الأسد بأي وسيلة ، الأمر الذي يجعلني أتذكر كيف بنينا مواقفنا من المرشحين عام ألفين على الخطاب الإعلامي في المناظرات الرئاسية بينما تخفي الأيام والأحداث ربما حقائق تغير كل شئ على أرض الواقع .