المحور الأول: الإرجاء التقليدي القديم
وهو القول بأن أصل الإيمان هو:
1- تصديق الخبر باللسان فقط. وهم الكرامية المرجئة :
عندهم حقيقة الإيمان هي إقرار خبري خالي من الالتزام وتنتسب إلى ابن كرام ت 255 وبعده إسحق بن محمشاد ت 383 وهو من الكذابين يضع الحديث على مذهب الكرامية وبعده محمد بن الهيصم وله مصنف قرر فيه أن الإيمان قول فقط ( فتاوى 13 /58 ) وابراهيم بن مهاجر ذكر البغدادي أنه ناظره سنة370 هـ
2- تصديق الخبر بالقلب فقط. وهم الجهمية والماتريدية والأشعرية المرجئة : عندهم الإيمان هو اعتقاد قلبي خالي من الانقياد وتنتسب الجهمية للجهم بن صفوان ت128 قال ابن كثير( أخذ عن الجعد بن درهم الجهم بن صفوان وأخذ بشر المريسي عن الجهم وأخذ أحمد بن أبي دؤاد عن البشر ) أما الأشعرية فتنسب لأبي الحسن الأشعري ت330 إمام المتكلمين قال ابن تيمية وأبو الحسن الأشعري لما رجع عن مذهب المعتزلة سلك طريقة ابن كلاب ومال إلى أهل السنة والحديث وانتسب إلى الإمام أحمد كما قد ذكر ذلك في كتبه كلها كالإبانة والموجز والمقالات ) ومن الأشعرية أبو بكر الباقلاني ت403 وذكر ابن تيمة أن له تصنيف في الإيمان نصر فيه أنه تصديق القلب فقط ولم يكد يستدل بالنقل إلا نادرا معتمدا على العقل وصار هذا منهج الأشعرية بعده مثل أ بو المعالى الجويني إمام الحرمين ت 478 وأبو عبد الله محمد الرازي المعروف بابن خطيب الري ت 606 قال عنه ابن تيمية وهو متناقض في عامة ما يقوله يقرر هنا شيئا ثم ينقضه في موضع آخر وقد خلط الفكر الفلسفي بالكلام وقد مات تائبا
3- تصديق الخبر بالقلب واللسان معًا. وهم عموم المرجئة تجمع بين المعنيين فالإيمان عندهم إقرار خبري خال من الالتزام واعتقاد قلبي خال من الانقياد ومنهم الكلابية قال ابن تيمية ( وابن كلاب إمام الأشعرية أكثر مخالفة لجهم وأقرب إلى السلف من الأشعري نفسه ) وابن كلاب تابعه الحسين بن فضل البجلي وأبو العباس القلانسي وكذلك أبو علي الثقفي وكان من تلاميذ ابن خزيمة لكن خالفه في مسألة القرآن وانتهى الأمر إلى أن ألزم بيته وقالوا في الإيمان أنه هو التصديق وقول اللسان لا يزيد ولا ينقص وأن مرتكب الكبيرة كامل الإيمان
فكلهم أخرجوا العمل بالكلية من الإيمان فأخرجوا عمل القلب وعمل الجوارح من أصل الإيمان فلا تشريع ولا ولاء وأنكروا توحيد العبادة فلا كفر غير الاعتقاد ( ترك الشرك ليس شرط صحة عندهم ) وزاد الجهمية فأخرجوا قول اللسان أيضا من الإيمان وزاد الكرامية فأخرجوا قول القلب من الإيمان فضلا عن إخراج العمل كله من أصل الإيمان
4- مرجئة الفقهاء أو فقهاء المرجئة
وهم طائفة من أهل العلم المنسوبين للسنة وغالبهم من فقهاء الكوفة وسبب ظهور هذا الإرجاء ( إنما أحدثه قوم قصدهم جعل أهل القبلة كلهم مؤمنين ليسوا كفارا , قابلوا الخوارج والمعتزلة فصاروا طرفا آخر ) فتاوى17/446
وقال 3/367 ( ولهذا دخل في إرجاء الفقهاء جماعة هم عند الأمة أهل علم ودين ولهذا لم يكفر أحد من السلف أحدا من مرجئة الفقهاء بل جعلوا هذا من بدع الأقوال والأفعال لا من بدع العقائد لأن كثيرا من النزاع فيها لفظي لكن اللفظ المطابق للكتاب والسنة هو الصواب فليس لأحد أن يقول بخلاف قول الله ورسوله لا سيما وقد صار ذريعة إلى بدع أهل الكلام من أهل الإرجاء وغيرهم وإلى ظهور الفسق فصار ذلك الخطأ اليسير في اللفظ سببا لخطأ عظيم في العقائد والأعمال ) ومن مرجئة الفقهاء إبراهيم بن يزيد بن شريك ت 92 وطلق بن حبيب العنزي البصري ت بين 90 و100 – وذر بن عبد الله الهمداني الكوفي ت99 وقيل أن أول من تكلم في الإيمان والإرجاء هو ذر- وحماد بن أبي سليمان الكوفي الأشعري ت120 وهو شيخ أبي حنيفة – وسالم الأفطس الحراني الأموي ت132 وكان يخاصم في الإرجاء داعية إليه ويجادل عليه – وعمر بن ذر الهمداني الكوفي ت156 وهو من شيوخ أبي حنيفة – وشبابة بن سوار الفزاري المدائني ت 206 وكان يدعو للإرجاء وقال شبابة ( إذا قال فقد عمل بجارحته أي بلسانه فقد عمل بلسانه حين يتكلم وقال أحمد هذا قول خبيث ما سمعت أحدا يقول به ولا بلغني ) – وأبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي أحد الأئمة الأربعة ت150 قال ابن تيمية ( إن أبا حنيفة على طريقة السلف في التوحيد والقدر وأن المأخذ عليه الثابت عنه هو في مسألة الإيمان )
فالكرامية بنوا على مثل الحديث الشريف ( من قال لا إله إلا الله دخل الجنة ) فقالوا إذا كان القول يدخله الجنة فنثبت له الإسلام حقيقة وحكما
والجهمية بنوا على بدعة اثبات الخبر النفساني الكاذب
فالإيمان عندهم إخبات قلبي ينقل المعرفة في القلب إلى تصديق قلبي خال من الانقياد – وفرقوا بين المعرفة والتصديق القلبي الخالي من الانقياد فزعموا أن الإنسان قد يكذب ما يصدقه وما يعرف يقينا صحته فاستيقنه قلبه فيكون في القلب تكذيب لما استيقن القلب من صحته عنادا لله سبحانه وتعالى .
من كتابي رد طوائف المرجئة
يتبع