الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد ,
قال الله تعالى : (يا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ .وَمَن لّا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء أُوْلَئِكَ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ( "الأحقاف 31 -32 "
أيها العلمانيون أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم ما فرط منكم من استحلال ورضى بالإباحية وتحكيم للجاهلية ..
يا أيها العلمانيون : (تعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) "آل عمران 64"
ولتشهدوا أيها العلمانيون بأننا مسلمون نتمسك بديننا ولا نساوم عليه لإيماننا بقول الله عز وجل : (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) "آل عمران 85"
ولتعلموا أيها العلمانيون أننا لن نطيعكم أبدا فيما تموهون به من شبهات وضلالات لتمرير الجاهلية , فقد حذرنا الله عز وجل من ذلك فقال : (وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) "الأنعام 121"
فاتقوا الله وارجعوا عن غيكم وباطلكم وجاهليتكم , فإن ما أنتم فيه إنما هو تزيين الشيطان وتلك هي صناعته .
قال الله عز وجل : (كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) "الأنعام 122"
فما أنتم فيه إلا غواية وتزيين الشيطان , لن نتابعكم عليه ولن نسايركم فيه .. قال الله عز وجل : ( وكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ .قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ قُل لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَاءكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ . قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبْتُم بِهِ مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ) "الأنعام 55-56-57"
تأملوا أيها العلمانيون هذه الآيات لتعلموا أن سبيل المجرمين في أوروبا مضل ومغرق ومهلك , وهو ذات السبيل الذي تدعوننا إليه , وقد نهينا أن نعبد ما يعبد المشركون , فنحن
علي بينة من ربنا , وإن كذبتم به , فإن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين , ولا يفتننكم الشيطان بتزيين الشرك لكم , وبهرجة الجاهلية , فتلك فتنة من كان قبلكم من الكفار والمشركين .
قال الله عز وجل : (ويَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ . ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ .انظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ) "الأنعام 22-23-24"
وها أنتم تضربكم هذه الفتنة , فتقسمون كما أقسم المشركون من قبلكم : والله ما نحن بمشركين , تكذبون على أنفسكم , ويستذلكم الشيطان فتفصلون بين الدين والدولة , وتردون الشريعة وتألهون الشعب بإفراده بالحكم والتشريع , وهذا افتراء وكذب وشرك , والعلة في هذا طمس بصائركم وغباء عقولكم , وغلبة شهوتكم .
قال الله عز وجل عن مثل حالتكم التي توافقكم تطابقا : (وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا حَتَّى إِذَا جَاؤُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ .وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ . وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) "الأنعام 25-26-27"
أيها العلمانيون ..اتقوا الله في أنفسكم , ارفعوا الأكنة عن قلوبكم , مزقوا الوقر الذي ضرب آذانكم , لا تجادلوا بالباطل لتنهوا عن الشريعة , وتنأوا عنها , فإنما تهلكون أنفسكم قبل غيركم بهذا الصنيع الباطل ,
ومن فات من الدنيا منكم فإنه لن يفوت من الآخرة كما بينت الآيات , واعلموا أنه لا يستجيب لشريعة الإسلام إلا الأحياء , أما الموتى فإلى النار يرجعون .. قال الله عز وجل : ( إنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) "الأنعام 36"
واعلموا أن صدكم عن سبيل الله وعن الشريعة يستوجب اللعنة , قال الله عز وجل : (وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُواْ نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَن لَّعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ .الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُم بِالآخِرَةِ كَافِرُونَ ("الأعراف 44-45"
فاتقوا الله في أنفسكم وتوبوا إلى ربكم , وأعرضوا عن الجاهلية والدساتير الشركية والقوانين الإباحية والزموا شريعة ربكم تفلحوا , فإن أبيتم إلا الضلال والإضلال , فإن سنة الله في أمثالكم ماضية , قال الله عز وجل : (ذَلِكَ أَن لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ) "الأنعام 131 "
ومتابعتكم لشياطين الغرب من أمثال "هوبز" و " لوك" و " مونتسكيو" و " جون بودان " و " بانتام " إنما هي من الفتنة وعاقبة لمكركم . قال الله عز وجل : (وكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ) "الأنعام 129"
وأنّى لنا أن نتبعكم على ما أنتم عليه وقد هدانا الله عز وجل بهداية النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم بهذا الدين العظيم دين الإسلام .قال الله عز وجل : (قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ.قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) "الأنعام 161-162"
فلن نكون معكم , ولن نسايركم على دربكم كما فعل الإخوان والسلفيون , لأن الله عز وجل قال لنا : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ ) "التوبة 119"
وليس من أهل الصدق من عزل الشريعة , وسعى في إطفاء أنوارها , وخطط لعزلها , وقدم عليها الشرائع الجاهلية والقوانين الإباحية , ورد الحلال والحرام , وحكّم شهوات الشعوب , وضمّن ذلك قانونا ملزما يسميه " الدستور " .
فلا ولن نكون معكم , بل نحن ضدكم على طول الخط , حتى يحكم الله بيننا وبينكم , ولن نصانعكم كما صانعكم الإخوان والسلفيون .
أفلا يرى الإخوان والسلفيون أنهم يفتنون في كل عقد أو عقدين مرة أو مرتين بأيدي العلمانيين ؟
ألم يُنكَبُوا على يد جمال عبد الناصر ؟!! ألم يُنكَبُوا على يد القذافي ؟!! ألم يُنكَبُوا على يد حافظ الأسد ؟!!
وكل هؤلاء علمانيون أقحاح , فلا خيار في العلمانيين بين علماني وآخر , كما أنه لا خيار في المشركين بين مشرك ومشرك , فلا ولاية بين مسلم وجاهلي , ولا ولاية بين من يريد الشريعة وبين من يعادي الشريعة , لا ولاية لمن يجعل الحكم خالصا لله ومن يجعل الحكم خالصا للبشر .
لقد أخطأ الإخوان والسلفيون , وهم يحصدون الآن ما بذرته أيديهم من المداهنة والتلون , وتغيير الحقائق وتقريب أهل الشرك ,وإبعاد أهل التوحيد ,
فما الذي يُنتظَر ؟
يُنتظر وعيد الله وقدره في أن يُنكب الإخوان والسلفيون بأيدي العلمانيين الذين قربوهم ونصروهم على الإسلاميين في كثير من المراحل وروّجوا لشرعيتهم ومشروعية نظامهم الجاهلي , بل وثبتوهم في السلطة , فليعتبر أولي الأبصار , وليتعلم الإخوان والسلفيون قول الله عز وجل : (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ . وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ) "المائدة 55-56"
إن الإسلامي الذي يعاجل بمداهنة العلمانيين والمنافقين إنما هو مريض , ومرضه قلبي , ولا يفيق إلا بعد أن تصرعه العلمانية على ملاعبها النجسة , قال الله عز وجل : (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ ) "المائدة 52"
ولو أيقن الإخوان والسلفيون لعلموا أن العلمانيين قد انطبق عليهم قول الله عز وجل : (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) "المجادلة 19"
فالعلمانيون خاسرون وإن وصلوا إلى السلطة , خاسرون وإن قدروا وإن ظلموا وإن قتلوا , فإن مردهم إلى النار مالم يتوبوا ويتابعوا النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم .
وكان الأولى بالإخوان والسلفيين أن يوقنوا بقول الله عز وجل : (إن الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ .كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ) "المجادلة 20-21"
فإن الغلبة بفضل الله وتقديره لرسل الله ولأتباعهم ممن يسيرون على صراطهم ويتمسكون بنهجهم , أولئك الذين قال الله عز وجل فيهم : (لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) "المجادلة 22"
لا نقول هذا شماتة بالإخوان والسلفيين , ولكن بيانا للحق , واستخلاصا للدرس , وهداية للأتباع الذين يتابعون على عماية قادة لا يحفلون بدينهم بقدر ما يحفلون بمناصبهم ومراكزهم السياسية .
وللعلمانيين أقول :
لا تخربوا بيوتكم بأيديكم وأيدي المؤمنين , واعتبروا إن كانت لديكم بصائر , فقد تغير الحال , وهيأ الله الأمة لتسترد مجدها وترتفع بدينها , وتحكم شرعها المنزّل من السماء , فلا يغرنكم الشيطان فتندفعوا إلى حرب خاسرة , وفي سبيل باطل , واعتبروا بتاريخكم , فإن الأمة مصممة على أن تسترد دينها بعد أن ذاقت الويلات في ظل العلمانية .
فتاريخ العلمانية في بلادنا مليء بالعار والمخازي , وهو سلسلة متصلة الحلقات من الخيانة والعمالة للغرب ,
أفلا تذكروا أيها العلمانيون في حزب الوفد مجيء مصطفى النحاس إلى الحكم على الدبابة الإنجليزية ؟
أولا تذكروا أيها العلمانيون صفقة الأسلحة الفاسدة في عام 1948 ؟ تلك الخيانة التي أدت إلى ضياع فلسطين إلى أجل غير مسمى ؟
أولا تذكروا أن شذاذ الآفاق من الصهاينة ابتلعوا فلسطين في ظل حكمكم وتمكنت عصابات يهود من هزيمة ست جيوش عربية علمانية؟
ألم يكن جمال عبد الناصر علمانيا ؟ أليس هو من عذّب وقتل شعب مصر حتى قال أنه يحكم مصر من خلال زر ؟
أليس العلمانيون بقيادة جمال عبد الناصر هم أبطال هزيمة 1956 و 1967 التي راح في آتونها عشرات الآلاف قتلى من شباب مصر , فضلا عن ضياع المقدرات وسرقة الأموال والممتلكات ونهب مقدرات الدولة , فضلا عن الإنحلال الأخلاقي والتهتك الإجتماعي , حتى غدت المخابرات في عهد صلاح نصر إلى ماخور كبير يكفي في الإشارة إليه ما كتب عنه من كتابات .
لقد عرفنا في ظل العلمانية دولة المخابرات في عهد عبد الناصر سرقة الأموال باسم التأميم , نهب الثروات باسم المعركة , وما تجار السلاح منا ببعيد ممن أثروا على حساب هذا الشعب المسكين .
ثم جاء السادات فملّك البلد لمجموعة من الرجال الفاسدين فيما عرف بالإنفتاح , فتزاوج الثلاثي الشيطاني السلطة والمال والإعلام , وظهر ما عرف باسم "القطط السمان " , فازداد الشعب فقرا وأثرى اللصوص بما لم يبلغه الخيال .
ثم جاء مبارك , فجمع عبد الناصر والسادات باسم العلمانية والديموقراطية , فكان الإعتقال والتعذيب والقتل والسرقة والخراب , وتدمير المصانع , وهدم المؤسسات واختطاف البلد لصالح أبناء حسني "علاء" و "جمال" , وغدا في خدمتهم كثير من العلمانيين وممن يسمون أنفسهم اليوم رموزا للثورة , والثورة منهم براء .
فهؤلاء الذين يدعون رمزية الثورة , ماهم إلا صبيان الأنظمة العلمانية السابقة الفاسدة المستبدة , وبعضهم كان خادما للمشروع الأمريكي في المنطقة , وبعضهم من بقايا الشيوعية المندثرة , يحاول اليوم أن يبعث الحياة في جثة الإشتراكية العفنة , وهيهات ثم هيهات لأمثال هؤلاء أن يكونوا رموزا لثورة تزيل الظلم , وتؤكد العدل , وتعنى بالقيم وتتسلح بالأمانة والشرف والكرامة .
إنهم فاقدون للشرعية الدينية كافتقادهم للشرعية الجماهيرية , فلا وجود لهم عند الشعب المصري المسلم الأبيّ , فهو يعرفهم وما زال يذكر أدوارهم , ويعرف كثيرا من خياناتهم .
ويعرف الشعب المصري أنهم تجار غير شرفاء , يتاجرون بالديموقراطية إذا كانت سببا لوصولهم إلى السلطة والمناصب وتحصيل المكاسب, وينقلبون عليها غوغاء أشرار لا يحتكمون إلا لأهوائهم , فلا ديموقراطية ولا صناديق ولا انتخابات إذا ما ضاعت مكاسبهم وصودمت أهواءهم كما هو الواقع .
وعلى هؤلاء أن يعلموا أن الشعب المصري نضج بما فيه الكفاية , وأنه لن ينخدع برموز نظام حسني مبارك , وإن غيّروا جلودهم وانقلبوا على سيدهم , وليعلموا أن الشعب المسلم في مصر يعرف أن معركتهم مع الإسلام لا على السلطة فحسب , ومن ثمّ سيسقطهم إلى غير رجعة .
ولكل العلمانيين نقول :
عقيدتنا وعقيدة الشعب المسلم في مصر أن الإسلام عقيدة وشريعة , شريعة مهيمنة وحاكمة على غيرها من الشرائع , وأنه لا شرعية لدستور أو قانون يخالف أحكام الشريعة الإسلامية , فالشريعة والسنة فوق الأمة والدستور , وهذه حقيقة راسخة لا يمكن تجاوزها , وكل من يتجاوز هذه الحقيقة أو يحاول القفز عليها فإنما هو محارب لله ورسوله , ومن حارب الله حُرب , ومن غالب الله غُلب , فللإسلام رب يحميه , وشعب يجاهد في سبيل الدفاع عنه , فليحذر الذين يخالفون عن أمر الله أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم .قال تعالى : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) "النور 63 "
فعلى جميع العلمانيين اللاعبين بالنار المؤججين للفتن أن يعلموا أن حقائق الإسلام ثابتة وقائمة ونافذة , وهذه الحقائق هي :
1. كل تحريض ضد الشريعة أو الحث على كراهيتها أو الطعن فيها يعد جريمة ردّة بإجماع علماء المسلمين , يستتاب صاحبها وإلا قُتل , وهذه حقيقة في الإسلام أنصع من شمس النهار .
2. التآمر على الشريعة لإسقاطها وعزلها وتحكيم القوانين الوضعية سواء كان ذلك بالدعوة أو تسيير المظاهرات أو بأي وسيلة من وسائل التعبير عن الرفض التام للشريعة يُعد جريمة ردّة .
3. قتل الشباب المسلم في الطرقات من أجل نصرته للشريعة جريمة تستوجب القصاص وقد تصل إلى حد الردّة .
4. لا تسقط الجريمة بالتقادم في الإسلام , ومن ثم فلا بد من محاكمة أركان الظام السابق ممن شاركوا في ارتكاب الجرائم العمدية بقتل الشباب المسلم في السجون والميادين قبل الثورة وبعد الثورة , على أن يحاكموا محاكمة إسلامية علنية عادلة .
وأقول لكل شباب مصر :
لا تسمعوا إلى هؤلاء العلمانيين المحركين للفتن , ولا تخرجوا معهم ولا تستجيبوا لخداعهم , فإنهم أعداء دينكم , وخصماء الإسلام , وأولياء الغرب وعيونهم في بلادنا .
كما أنني أحمّل قادة العلمانيين المحركين للفتن كل النتائج التي يمكن أن تترتب على ما يحيكونه من فتنة ومؤامرة , كما أننا نحمّلهم تبعة الدماء التي أريقت , والتي يمكن أن تراق .
وأقول لهم جميعا :
متى أعطى العلمانيون لأنفسهم الحق في أن يقاتلوا ويقتلوا في الشوارع في سبيل علمانيتهم وجاهليتهم , فإن للمسلمين الحق في إعلان الجهاد في سبيل الله ونصرة هذا الدين .
** وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }.
كتبه
أحمد عشوش