http://www.kfrelshikh.com/news_Details.aspx?Kind=7&News_ID=15896
من مفارقات الثورة المصرية بعد اسقاط الطاغية وكثير من كهنته وعامليه أن طليعة مطالب الثوار وهما تطهير القضاء وتطهير الإعلام لا تستطيع الثورة البدء فيهما إلا في نهاية مشوارها الطويل نسبيا ، وهذا يعني بالضرورة أن الأهداف الأخرى التي طالتها يد التغيير تحققت أو جلها في مواجهة مقاومة شديدة من القضاء والإعلام بسبب التأخر في تناولهما بمبضع العلاج ، نتحدث الآن عن ضياع دم الشهداء بين النيابة التي تعثرت كثيرا في العمل بما دعى في وقت من الأوقات رئيس الوزراء عصام شرف أن يصدر بيانا مضمونه أنه سوف ينتدب مجموعة من أكفأ رجال النيابة للتحقيق بعد أحكام البراءة الأولي التي طالت ضباط الشرطة في السويس والقاهرة وهو ما يعني أن أعضاء النيابة العاديين غير قادرين على ممارسة التحقيق بصورة متقنة ، وقالت النيابة أن المخابرات والشرطة لم يتعاونوا معها وضاعت الدماء التي خلقت لنا فجرا بعد ليل طويل بين الإتهامات المتبادلة وفشل أيضا ذلك الفريق من أكفأ أعضاء النيابة الذين تحدث عنهم عصام شرف الذي كان فاشلا أيضا بكل معني الكلمة ،من ناحية أخري قاومت المحكمة الدستورية عملية انشاء مؤسسات الدولة فأصدرت حكمها بعدم دستورية قانون اشترك أعضاء من المحكمة الدستورية في وضعه بل إن إحدى القاضيات ظهرت في التليفزيون لتؤكد أنه قانون منقول حرفيا من الدستور فكيف يوصم بعدم الدستورية على حد قولها ثم ما لبثت أن حكمت الدائرة التي كانت هى عضوا فيها بعدم دستوريته ، وانحل البرلمان بقرار من المجلس العسكري وظاهرت المحكمة الدستورية على حله بالغاء قرار الرئيس بعودته مؤقتا لحين كتابة الدستور ، وقام مجلس الدولة هو الآخر بلعب دور في مواجهة اللجنة التأسيسية لكتابة الدستور عندما بسط رقابته للمرة الأولي في النظام القانوني المصري إلي أعمال برلمانية حصر الدستور اختصاص مجلس الشعب بها ، فتصدت محكمة القضاء الإداري للجمعية التأسيسية بالحل ، أما النائب العام السابق فقد مثل بشخصه صداعا في ميدان التحرير وميادين الثورة لم يهدأ بعد اقالته إلا على صداع جديد في نفس الميدان في المطالبة بعودته من قوي التيار الشعبي والبرادعي وعمرو موسي وبعض الصبية الصغار من أتباعهم وانصارهم فضلا عن " ارزقية الثورة " .
أما الإعلام فقد بدا تطهيره مهمة أصعب حتي من تطهير القضاء ، ويبدو جليا مقدار المعاناة التي يعانيها الوزير الجديد في المبني العتيق في ماسبيرو الذي أنشأه صفوت الشريف على عينه واصطنعه لحسني مبارك وشيعته ، ورغم أني لم أدخله أبدا إلا أنني استشعر مقدار تلك المعاناة للوزير الجديد كلما رأيت المستوى المتدني لمذيعيه ومقدمي برامجه حتي أن المستمع لتقاريره يظن أن معديها وقارئيها لم ينالوا قسطا كافيا من تعلم القراءة الرشيده ودروس أمل وعمر وعمي حسن زرع الكرنبه بما يجعل التليفزيون المصري يحتل مرتبة متدنية في مبادئ العمل الإعلامي ناهيك عن فنياتها ، وهو ما يجعلنا نخرج عن المطالبة بتطهير التليفزيون إلي المطالبة بانشاء فصول محو الأمية للمذيعين والمذيعات والمعدين والمعدات كان الله في عونهم وعونهن ، أما نحن فقد انصرفنا إلي قنوات الفلول والقنوات العربية لعلنا نجد فيها ضالتنا فما وجدنا فيهاغير قليل من المنصفين .
إن ثورتنا التي بدأت لن تتم إلا بكسح وتجريف أو على الأقل تطهير العطب في القضاء والجهل في الإعلام ، وهذا قادم لا محالة والوقت في صالح الثورة ، سواء آمن الشعب بالهولوكوست أو كفر بها ، وسواء تواضع عمرو موسي فجعل الجماهير تحمله على الأعناق رافعا سبابته أو عاد الي كأسه وسيجاره ، وسواء تحقق الحلم الحمديني باعادة الإنتخابات ألف مرة على طريقة عجلة القمار أم لم يتحقق ، سيتطهر القضاء وسيتطهر الإعلام وسيغسلون بالثلج والماء والبرد وستعود مصر كما يعرفها العالم أم الدنيا وهبة النيل ومقبرة الغزاة