قف في ربوع المجد وابك الأزهرا
قف في ربوع المجد وابك الأزهرا واندبه روضاً للمكارم أقفرا
واكتب رثاءَكَ فيهِ نفثةُ موجَعٍ واجعل مدادَكَ دمعَك المتحدرا
المعهد الفرد الذي بجهاده بلغت بلاد الضاد أعراف الذُّرَى
سار الجميع إلى الأمام وإنه في موكب العلياء سار القهقرَى
لهفى على صرحٍ تهاوى ركنه قد كان نبعاً بالفخار تفجَّرا
من كان بهجةَ كل طرفٍ ناظرٍ عادت به الأطماع أشعث أغْبَرَا
ما أبقت الأيدي التي عبثت به من مجدِه عرضاً له أو جوهرا
لله ما أروي له في الشرق من مجد على الأيام واراه الثَّرَى
كم موكبٍ في مصر سار إلى العلا قد كان قائد ركبه المتصدِّرَا
عجباً أيدركه الأفول لدى الضحى من بعد ما نشر العلوم مبكرا
سل مهبط الثورات عنها إنه قد كان ناديها وكان المنيرا
المشعلون لنارها أبناؤه تَخِذوا به جنداً هناك وعسكرا
والمضرمون أوارها بلغاؤه في نشر روح البذل فاضوا أنهرا
من كل ذي حجرٍ لخير بلاده رسم المكيدة للدخيل ودبَّرَا
لا ينثني عن بعثها دمويةً أو يدرك النصر المبين مظفرا
سل موئل الأفذاذ من أشياخه عن معشرٍ كانوا به أسد الشَّرَى
العاملين لرفعة الإسلام ما منهم كهامٌ قد ونى أو قصَّرا
والمبتغين رضا الإله وما ابتغوا من حاكمٍ عرض الحياة محقرا
كانوا المنار إذا الدياجي أسدلت ثوب الظلام هدى الأنام ونورا
كانوا لمن ظلموا حصون عدالةٍ كانوا الشكيم لمن طغى وتجبَّرا
ردُّوا غواة الحاكمين، وغيرهم لتملق الأهواء كان مسخرا
لرضائها يبدي الحرام محللاً ويدك معروفاً ويبني منكرا
في وجهها وقفوا وهم عزّلٌ وما لبسوا سوى ثوب الهداية مغفرا
وإذا رأى منهم همام ريبةً ناداه داعي دينه أن يزأرا
ما قامروا بالدين في سبل الهوى كلا ولا تَخِذوا الشريعة متجرا
عاشوا أئمة دينهم وحماته لا يسمحون بأن يباع ويشترى
ثم انطوت تلك الشموس وإنها لأشد إيماناً وأطهر مئزرا
ولقد مضى دهرٌ ونحن مكاننا لا نبتغي في العلم حظاً أكبرا
إن كان مجد الأمس لم نلحق به أفلا نود غداً نصيباً أوفرا
هذي العلوم وحشوها لغو به من كل جيل لا يزال مسطرا
علم نعالجه بفكر جدودنا يبدو به الهذر القديم مكررا
إنا نريد من التقدم قسطنا ونريد للإسلام أن يتحررا
ونريد أن نسقي الفنون رفيعةً تجدي وليست طلسماً متحجرا
ما العلم إلاّ ما تراه لديك في لُجَجِ الحياة إذا مضت بك مثمرا
أنى لمن ألفت نواظره الدجى عند الخروج إلى السنا أن يبصرا
قد كان تنقيح العلوم وفحصها بالبحث من فرض العمامة أجدرا
للمخبر انتبهوا ولا يعنيكم من بعد هذا أن نبدل مظهرا
أنكون في دنيا الرقي نعامة نخفي الوجوه وقد عرانا ما عرا
ما ضرني إذ نحن نخدع نفسنا لو قلت ما أدري وفهت بما أرى
ليس التعصب للأبوة مانعي من أن أقول الحق فيه وأجهرا
أترى تعود إلى المريض سلامةٌ أم تصرع الأسقام من قد عُمَّرا؟