الحمد لله الذي منّ علينا بالإيمان، والصلاة والسلام على أفضل إنسان، وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه على دين الإسلام.
إن أعظم نعمة أنعمها الله سبحانه وتعالى على الإنسان هي نعمة الإيمان بهعز وجل ونعمة اتباع دينه العظيم الإسلام، فالله سبحانه وتعالى يقول:) بَلِ الَّلهُ يمُنّ عَلَيكُم أَن هَدَاكم للإيمانِ إن كُنتُم صَادِقِين(. فهو سبحانه وتعالى صاحب المِنة علينا جميعاً أن هدانا للإيمان ... وأن هدانا لاتّباع دين الإسلام.
وقد جرت العادة عند الناس أنّ غلاء الشيء عندهم يستدعي منهم المبالغة فيالمحافظة عليه، وهذه النعمة ـ نعمة الإيمان بالله تعالى ـ التي لا تعدلهاأيُّ نعمة على الإطلاق تستدعي منّا أنْ نحرص على المحافظة عليها وتقويتهابكل أسباب قوتها: مثل ذكر الله سبحانه وتعالى وتلاوة القرآن الكريموالدعاء الخالص والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفعل الخيرات .. وأهم منذلك أن نحفظ هذا الإيمان من النواقض التي تنقضه وتهدمه.
ولكن معرفة ما ينقُضُ الإيمان ـ أي ما يتسبب بكفر الإنسان المؤمن وخروجهعن ملة الإسلام ـ سلاح له حدّان: حَدٌّ نافع، وحدٌّ خطير جارح.
أما الحدّ النافع فهو يكمن في التعرُّف على ما يقتضي كفر المسلم وردته ـوالعياذ بالله ـ فيساعده ذلك على تجنُّب الكفر ونواقض الإيمان. وكلُّإنسان مسلم مطالب دائماً بالمحافظة على إيمانه، إذ الإيمان هو الأولوالركن المتين ويليه ثانياً العمل الصالح.
أما حدّه الآخر وهو الحدّ الجارح الخطير فإنه يكمن في التسرُّع بتكفيرالمسلمين مع ما فيه من خطورة كبيرة على دين المتسرع وعلى دين المُكفَّر،ومن هنا يجب أن نتثبَّتَ ونحتاط غاية الاحتياط في هذا الأمر فلا نتسرعبتكفير المسلم، لأن الأصل في المسلم بقاؤه على الإسلام ولا نخرج عن هذاالأصل إلا بدليل ثابت قاطع كما قرّر أهل العلم الثقات.
مخاطر التسرع بالتكفير في الجانبين الديني والاجتماعي
إن التسرع بالتكفير وعدم التثبُّت وترك الاحتياط فيه له مخاطر كبيرة تظهر في جانبين:
1. الجانب الديني.2. والجانب الاجتماعي. أما الجانب الديني فإن المتسرع بالتكفير هو على خطر عظيم... على خطر أنيقع هو في الكفر، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في روايات متقاربةالألفاظ في الصحيحَيْن وغيرهما أنه عليه الصلاة والسلام قال: "من قاللأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما، فإن كان كما قال وإلا حارَتْ عليه" ـأي رَجَعتْ عليه وحقّتْ عليه صفة الكفرـ ومن هنا نجد أن المكَفَِّر هو علىخطر أن يقع هو في الكفر إن لم يُصب الحقيقة. فعليه ـ إذن ـ أن يتثبَّتَويحتاط في تكفير المسلم ولا يتسرع بذلك حتى تقوم الحُجّة اليقينيةوالبرهان القاطع على كفره ورِدَّته.
أما بالنسبة للمكفَّر... فإنه من المعروف أن الحكم على المسلم بالردةيترتب عليه كثير من الأحكام في الدنيا والآخرة. أما في الدنيا فقد روىالإمام البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من بدّل دينهفاقتلوه" وقِيس على تبديل الدين كلُّ ما يُخْرِجُ المسلمَ من دين الإسلاملأنه بذلك يكون قد انتقل من دين الإسلام إلى دين الكفر.
فالحكم الأولأنه يُهدَر دمُه، أي يجب قتله إن لم يتُبْ، وقد اختلف أهل العلم في وجوباستتابته قبل قَتْله: هل تجب أم هي مستحبة فقط؟! على قولين. هذا أمر
وأمر آخرأنه يصير عقد زواجه في خطر، فعند الحنفية تَبينُ منه زوجتُه برِدَّته. أماعند الشافعية فيحرم على زوجته تمكينُه منها ويجب عليها أن تحتجب عنه ولكننتوقف في الحكم على عقد زواجه فسخاً أو إمضاءً، بمعنى أننا نتوقف في الحكمعلى بقائها في عصمته حتى نتبيّن: فإنْ رجع إلى الإسلام قبل انقضاء عِدّتهافإنها تحل له ولا حاجة لتجديد العقد، وأما إنْ قضَتْ عدّتها ولم يعُد إلىالإسلام فإنه يُحكم على عقد الزواج بالانفساخ من حين وقوع الرِدّة.
وأمرٌ ثالث أن المرتد لا يرث من أهله المسلمين، ولا يرثه أهله المسلمون.
وأمرٌ رابعهو أنّ الردة موجبة لحبوط العمل، فقد قال ربنا سبحانه وتعالى: (ومَنْيرتَدِدْ مِنكُم عن دِِِينهِ فَيَمُتْ وهو كافِرٌ فأوُلَئِك حَبِطَتْأعمالُهُم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هُم فيها خالدون).
فالردة إن اتصلت بالموت ـ أي مات المرتد على رِدّته ـ تُحبِط جميع أعمالهالصالحة التي أدّاها حال حياته لقوله سبحانه وتعالى: (وقدِمنا إلى ماعمِلوا من عَمَلٍ فجعلناه هباءً منثورًا)، وأما إذا ارتد ثم عاد إلىالإسلام فإن الأعمال الصالحة التي أدّاها يَحبُطُ ثوابها فقط عند الشافعيةوغيرهم. وعند الحنفية: الردة حتى وإن لم تتصل بالموت تُحْبِط الثوابويَبْطُل بها العمل أصلاً. لذلك أفتى السادة الحنفية أنه إن عاد من ارتدّإلى الإسلام وكان قد أدّى فريضة الحج ـ مثلاً ـ فعليه أن يُعيد هذهالفريضة.
وأمر خامس وسادس وسابع وثامن أن المرتد إذا مات لا تجوز الصلاة عليه ولا يُغسَّل ولا يُكفَّن ولا يُدفن في مقابر المسلمين،
وأمر تاسع أن المرتد مخلد في النار ـ كما في صريح الآية التي ذكرتُها قبل قليل ـ أجارنا الله تعالى منها.
هذه الأحكام وأحكام أخرى لا يتسع المقام لتفصيلها تدل على خطورة تكفيرالمسلم. فيجب إدراك خطورة هذا الأمر والتعرف على الأسباب التي تقتضيالتكفير مع وجوب تحرِّي ضوابط إطلاقه على من تلبَّس بسبب من تلك الأسباب.
هذابالنسبة لمخاطر التكفير في الجانب الديني. أما بالنسبة لمخاطره في الجانبالاجتماعي فإنها ترتدّ بلا شك بآثار كبيرة على واقع المسلمين الاجتماعي،وذلك للأسباب التالية: أولها أن التسرّع في التكفير من شأنه أن يمزقالمجتمع المسلم، ومن شأنه كذلك أن يُغذِّي الفُرقة والشَّحناء بينالمسلمين بل ربما أدى إلى إهدار المسلمين دماءَ بعضِهم بعضاً، وكل ذلكمخالف لأوامر الله تعالى وتعاليم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، فقد قالالله عز وجل: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا)، (إنما المؤمنونإخوة)، (إن الذين فرّقوا دينهم وكانوا شِيَعاً لست منهم في شيئ).
ومعلوممن الدين بالضرورة أن المسلمين إخوة في الدين. وهذا يوجب عليهم التراحموالتعاون والتعاضُد والتوادُد، والأصل الطبيعي في المسلمين أن يكونوا كماقال الله تعالى: (أشدّاءُ على الكفار رحماءُ بينهم).
فالله عز وجلّ يُحبّ أن يكون المسلمون فيما بينهم رحماءَ متعاضدينمتعاطفين متراحمين، وفي المقابل أن يكونوا أشداء على الكفار أعدائه سبحانهوتعالى، أما إذا انقلبت المعادلة فإن ذلك يُنبئ عن شذوذ في الفكر وانحراففي النفس وزَيغ عن هَدْي النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي اللهعنهم. بمعنى أنه إذا صار المؤمنون يتراحمون مع أعدائهم ويتملَّقون لهم وهمفيما بينهم أشدّاء متباغضون فإن ذلك أمرٌ خطير وهو النفاق بعينه والتولِّيلهم والله عزّ وجلّ يقول: (ومن يتولّهم منكم فإنه منهم).
والخطورةالثانية هي تأجيج التعصُّب للأهواء بين المسلمين، والأصل في التعصب أنيكون للصواب وللدليل الشرعي، بينما التسرع في التكفير يجعل من المسلمينفِرَقاً ومِزَقاً تتنازع فيما بينها ويكون ولاء كل فِرقة لشخص يقدسونهأولآراء يمجِّدونها أو لاجتهادات لا يخرجون عنها، فيتحول التعصب بذلك منالتعصب للدليل الشرعي إلى التعصب للاجتهادات البشرية، ومن هذا القبيل ماورد في كتاب "مناقب الشافعي وآدابه" للإمام الحافظ ابن أبي حاتم الرازيرحمه الله تعالى بسنده عن أحد أصحاب الإمام الشافعي رحمه الله قال: "كانالشافعي ينهى النهيَ الشديد عن الكلام ـ أي عن علم الكلام ـ وكان يقول:أحدهم إذا خالفه صاحبه يقول: كفرت! والعلم إنما يُقال فيه: أخطأت، لاكفرت".
فلا يقال ـ إذن ـ في مسائل العلم وفي النقاش الموضوعي بين المسلمين كفرت، لمن خالف رأي الآخر فالعلم فيه خطأ والصواب،
والكفرلا يُوَجَّه إلا لمن اختار الكفر ديناً أو وقع في مكفِّر مجمَعٍ عليه أوجَحَد معلوماً من الدين بالضرورة أو أنكر ما هو مجمع على كونه محرَّماً أوعلى كونه واجباً. ثم إن غلوَّ التعصّب للأهواء في المجتمع المسلم يحرفالمسلمين عن الجادّة ويحوّل تعصُّبَهم من التعصُّب المشروع إلى التعصُّبالمذموم.
أماالخطورة الثالثة ـ وهي ربما تكون أخطر الجوانب ـ هي حرف وِجهْة المسلمينعن الخط الطبيعي الأصيل في توظيف طاقاتهم ووِجْهة جهودهم، بمعنى استنفادجهودهم في غير المعركة الطبيعية.
إذالأصل أن تُُستنفد الجهود في نشر الدعوة والعمل الصالح والنافع وفي تجميعالصفوف وفي البناء الشامل للمجتمع المسلم في كل ميادينه ومجالاته وفيإدارة الصراع مع الأعداء، ولكن نتيجة هذه المسألة الخطيرة ما نرى فيواقعنا، فها هي وجهة المسلمين تنحرف عن الخط الذي أوجبه علينا رُّبناسبحانه وتعالى ـ حيث أوجب علينا أن نكون متآخين وأن يكون عَداؤنا موجَّهاًلأعدائه الحاقدين على دينه وأن نخوض الصراع جنوداً للإسلام في معركته معالجاهلية ـ لتتحول المعركة إلى معارك بين المسلمين .. بين فئاتهم ومذاهبهموهذا الأمر خطير للغاية وإننا نرى آثاره السيئة ونتذوَّق علقمَه المُرّ.
كلتلك الجوانب ـ الدينية منها والاجتماعية ـ تكشف لنا عن خطورة استعمال هذاالسلاح في غير محله، كما تكشف عن مدى أهمية الوعي لهذا الموضوع وضرورةالتعرف على ضوابط التكفير.
ولكنقبل الانتقال إلى الكلام على ضوابط التكفير أعزِّز بيان خطورة التسرّع فيالتكفير بنُقُول عن بعض أئمة أهل العلم تدل على ذلك، وعلى خطورة التعرُّضلدم المسلم وعرضه، وأبدأ بكلمة نفيسة غالية منقولة في كتاب ((الطبقاتالكبرى))13:1 للشَّعراني وفي الكتاب النفيس للعلاّمة جعفر بن إدريسالكَتّاني ((الدواهي المَدْهيّة في الفِرَق المحميّة)): عن الإمام المجتهدالجِهْبِذ تقيِّ الدين السُّبكي رحمه الله وهو من أئمة القرن الثامنللهجرة، فقد سُئِل عن حكم تكفير المبتدعة وأهل الأهواء فقال: (اعلم أيهاالسائل أن كل من خاف الله عزّ وجل استعظم القولَ بالتكفير لمن يقول: لاإله إلا الله محمد رسول الله، إذ التكفير هائل عظيمُ الخطر، لأن من كفّرشخصاً بعينه فكأنما أخبر أن مصيره في الآخرة جهنمُ خالداً فيها أبدالآبدين، وأنه في الدنيا مباح الدم والمال، لا يُمكَّن من نكاح مسلمة ولاتجري عليه أحكام المسلمين، لا في حياته ولا بعد مماته، والخطأ في ترك ألفكافر أهونُ من الخطأ في سفك مِحْجَمَة من دم امرئ مسلم، وفي الحديث:((لأَنْ يُخطئ الإمام في العفو أحب إليّ من أن يخطئ في العقوبة)). ثم إنتلك المسائل التي يُفتى فيها بتكفير هؤلاء القوم في غاية الدقة والغموض،لكثرة شُبهها واختلاف قرائنها وتفاوت دواعيها.
والاستقصاءفي معرفة الخطأ من سائر صنوف وجوهه، والاطلاع على حقائق التأويل وشرائطه،ومعرفة الألفاظ المحتملة للتأويل وغير المحتملة: يستدعي معرفة جميع طرقأهل اللسان من سائر قبائل العرب في حقائقها ومجازاتها واستعاراتها، ومعرفةدقائق التوحيد وغوامضه، إلى غير ذلك مما هو متعذّر جداً على أكابر علماءعصرنا فضلاً عن غيرهم. وإذا كان الإنسان يَعجِز عن تحرير معتقده في عبارة،فكيف يحرر اعتقاد غيره من عبارته؟! فما بقي الحكم بالتكفير إلا لمن صرحبالكفر واختاره ديناً وجحد الشهادتين وخرج عن دين الإسلام جملة، وهذا نادروقوعه، فالأدب الوقوف عن تكفير أهل الأهواء والبدع). اهـ . فهذا كلامه فيأهل البدع فماذا يكون كلامه في أهل السنة وبالأخص المعروفين منهم بالصلاحوالتقوى والعمل للإسلام والجهاد في سبيله؟!
ثمأُثنِّي بكلمة لإمامٍ قبله ـ من علماء القرن الخامس الهجري ـ هو حُجّةالإسلام أبو حامد الغزالي ـ رحمه الله تعالى ـ ذكرها في آخر كتابه((الاقتصاد في الاعتقاد)) وفي كتابه ((فَيْصل التفرقة بين الإسلاموالزندقة)) قال فيها: (والذي ينبغي أن يميلَ المحصِّل إليه: الاحترازُ منالتكفير ما وُجد إليه سبيلاً، فإن استباحة الأموال والدماء من المصلين إلىالقِبْلة، المصرحين بقول "لا إله إلا الله محمد رسول الله" خطأ، والخطأ فيترك تكفير ألف كافر في الحياة أهون من الخطأ في سفك مِحْجَمة من دم امرئمسلم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((أُمرتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا:لا إله إلا الله محمد رسول الله، فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءَهموأموالهم إلا بحقّها)) ).
وأثلِّثبكلمة للقاضي اليمني محمد بن علي الشوكاني ـ من علماء القرن الثالث عشرالهجري ـ في كتابه ((السيل الجرّار)) 578:4، يقول فيها: (اعلم أن الحكمعلى الرجل المسلم بخروجه عن دين الإسلام ودخوله في الكفر لا ينبغي لمسلميؤمن بالله واليوم الآخر أن يُقْدِم عليه إلا ببرهانٍ أوضحَ من شمسالنهار، فإنه قد ثبت في الأحاديث الصحيحة المروية من طريق جماعة منالصحابة أن من قال لأخيه: ياكافر، فقد باء بها أحدهما...) ثم أورد هناعدداً من الأحاديث، ثم قال: (ففي هذه الأحاديث وما ورد مَْورِدَها أعظمزاجر وأكبر واعظ عن التسرع في التكفير).
وأخيراًأختم هذه الكلمات بكلمة للإمام الفقيه الشافعي العلاّمة ابن حَجَرالهَيْتَمي من علماء القرن العاشر الهجري ـ رحمه الله ـ في كتابه ((تحفةالمحتاج في شرح المنهاج)) 88:9 يقول فيها: (ينبغي للمفتي أن يحتاط فيالتكفير ما أمكنه لعظيم أثره وغلبة عدم قصده سيما من العوامّ، ولا زالأئمتنا ـ يعني الشافعية ـ على ذلك قديماً وحديثاً) ثم نقل عن الإمامالزركشي ـ من علماء القرن الثامن الهجري ـ قوله: (فليَتَنَبّه لهذاولْيَحذر من يبادر إلى التكفير... فيُخاف عليه أن يَكْفُرَ هو لأنه كفّرمسلماً).
هذهكلمات قليلة من كثرة مبثوثة في كتب العقيدة والفقه لأئمةٍ كبار ـ رحمةالله عليهم ـ تؤكد على الحقيقة التي قدّمتُها وهي أن التكفير أمر خطيرينبغي أن يُحتاط فيه وأن يتثبَّت المسلم منه ولا يتسرع في تكفير الآخرين.
وعوداًإلى ضوابط التكفير فالحقيقة أني اعتنيتُ بتتبُّعها منذ زمن بعيد، وقرأتكثيراً من أبواب الردة في الكتب الفقهية، ولاحظتُ أن أهل العلم في هذاالباب يحتاطون كثيراً ويراعون عدة ضوابط في أحكامهم بالتكفير.
وقد استهديت في ذلك إلى بعض الضوابط وجمعتُها وهي ستة:
الضابط الأول: التثبُّت في نسبة الكفر إلى المسلم.
الضابط الثاني: لازم المذهب ليس بمذهب، أو التفريق بين الكفر الصريح والكفر الاستلزامي.
الضابط الثالث: القصد والاختيار فيما يحتمل وجوهاً عدة من التأويل.
الضابط الرابع: انتفاء الإكراه.
الضابط الخامس: ملاحظة ما إذا كان الكلام يحتمل غير الكفر ولو على وجه ضعيف.
والضابط الأخير:التفريق بين تكفير المقالة وتكفير القائل، أو بتعبير آخر التفريق بينتكفير النوع وبين تكفير الشخص بعينه (فيما يُعذر المسلم بجهله أو فيمايشتبه عليه دليلُه).
وسأتناولهذه الضوابط بالبيان والشرح ضابطاً ضابطاً، أبيّنها وأشرح معناها وأستدلّبأقوال العلماء عليها، مستعيناً بالله سبحانه وتعالى وسائلاً إياه جلّجلاله أن يهديني إلى الصواب ويعصمني من الزلل في هذا الموضوع.
أما الضابط الأول:فهو التثبُّت في نسبة الكفر إلى المسلم، حيث ينبغي قبل التسرع في تكفيرالمسلم التثبُّت والتحقق فيما يُنقل عنه من قول أو فعل أو اعتقاد يقتضيتكفيره، وينبغي أن يتأكد المنقولُ إليه من أمانة الناقل، ودينه، وورعه،وصدقه.. وأن يُراعي ـ كما نبه عليه الإمام تاج الدين السبكي ـ احتمالالعداوة بين الناقل والمنقول عنه، أو ما إذا كان يوجد هناك نوع حساسية أواختلاف في المشرب العلمي بينهما، أو اختلاف في المذاهب، أو اختلاف فيالاجتهاد الفقهي.
ويضاف في عصرنا مراعاة احتمال التحامل بسبب اختلاف الاجتهاد الحركي الإسلامي...فينبغي أن يُراعي المسلم كل ذلك لأن العداوة أو اختلاف المشرب في كثير منالأحيان تكون سبباً للتحامل. فالمسلم قبل أن يتسرع بالحكم على مسلم بعينهنُقل إليه أنه وقع في الكفر، لا بد له أن ينظر في حال الناقل، وأن لايتسرع بتكفير ذلك المسلم قبل أن يتأكد من دين الناقل وورعه وإنصافهوموضوعيّته.
وهناأنصح كل مسلم فيما لو نُقل له عن آخر ما يقتضي تكفيره: أن يقتصر على تكفيرمقالة القائل لا تكفير الشخص المنقول عنه، حتى يتثبَّت هو شخصياً من ذلك،أو حتى يقرأ هو بنفسه كلامه إن كان مكتوباً، أو ينقل له ثقةٌ فاهِمٌ مأمونمتثبِّت، بعد أن يُحيط ويُلمّ بجميع جوانب الموضوع الذي تكلم فيه ذلكالكاتب، هذا إنْ كان هو من أهل العلم، خاصة إذا كان المنقول عنه معروفاًبعدالته ودينه وحبه للإسلام وجهاده في سبيل الله ـ سبحانه وتعالى ـ، أماإذا لم يكن من أهل العلم فلا يجوز له أن يُقدم على هذا الأمر البتّةوليسأل أهل العلم الثقات ويلتزم بكلامهم.
ومنالمعلوم بالمناسبة أن القاضي إذا نُقل إليه ما يقتضي تكفير المسلم.. فإنهلا يكفّره إلا بأحد أمرين: إما بإقرار المكفَّر، وإما بشهادة عَدْلينمُنْصِفَين وبعد أنْ يستفصلهما عن سبب الردة لأنهما ربما يكفِّرانه عن هوىأو حتى بحسب مذهبهما ولم يُجمع عليه العلماء، فإذا استفصلهما وقام عندهالدليل على أن ذلك موجِبٌ للردة، فإنه يستدعي المكفَّر ويستتيبه، فإن أبىفحينئذٍ يَحْكُم بردته وبما يترتب عليها من أحكام.
إذاً هذا هو الضابط الأول.
الضابط الثاني:هو القصد والاختيار، أي التحقُّق من قصد واختيار المنقول عنه الكفر، ولكنهذا الضابط ليس على إطلاقه، إنما فيما يحتمل وجوهاً عدة من التأويل، أمافيما ليس له إلا معنى واحد كفري، ولا يحتمل تأويلاً ولا معنىً آخر فإنالإنسان يُحاسب على ظاهر كلامه، وهذا محلّ اتفاق أهل العلم. ولذلك أؤكدعلى خطأ سمعته من أحد العلماء المشهورين عندما سُئل عما يصدر من بعض الناسمن سبّ الله عزّ وجل فأفتى بعدم تكفيرهم !! لأن سبَّ الله مجمع على كفرالمتفوِّه به ولا يُقبَل أنه لم يقصد المعنى الكفري لأن ذلك يفتح الباب واسعاً أمام الزنادقة ليخرِّبوا الدين ويهدموه من الداخل.إذاًالكلام الذي يتفوه به المسلم أو الفعل الذي يقع فيه إذا احتمل وجوهاً منالتأويل يجب اعتبارُ قصده والتيقُّن من أنه أراد المعنى الكفري. وهذاالضابط لاحظه كثيراً علماء مذاهب الأئمة الأربعة الكبار وركّزوا عليه
لئلا يتسرع المسلم بتكفير المسلمين وخاصة العوام فيما يتعارفون عليه من عبارات قد تكون خطأً يجب تحذيرهم منهاإلا أن كثيراً منها يحتمل كثيراً من المعاني .. فلا بد من تأويل كلامهمعلى أحسن المحامل حتى لا نقع في تكفير مسلم خطأً، اللهم إلا إذا صرّح هوأنه أراد المعنى الكفري وارتضاه لنفسه فإنه يكفر.
وأنقل تأييداً لهذا الضابط كلاماً لكبار العلماء من مختلف المذاهب:
قالالإمام القاضي عياض رحمه الله ـ وهو أحد كبار الأئمة المالكية من علماءالقرن السادس للهجرة ـ في كتابه الحفيل النفيس ((الشفا بتعريف حقوقالمصطفى)) صلى الله عليه وسلم، في آخره حيث عقد فصلاً في جملة ألفاظ تقتضيالتكفير، وفي ثنايا هذا الفصل خاض في هذا الموضوع ولاحظ عدة ضوابط، ومنجملة ما قاله رحمه الله: (وأما من أضاف إلى الله تعالى ما لا يليق به ليسعلى طريق السبّ ولا الردّةِ وقَصْدِ الكفر ولكن ذلك عن طريق التأويلوالاجتهاد والخطأ المُفضي إلى الهوى والبدعة... فهذا مما اختلف السلفوالخلف في تكفير قائله ومعتقده). قال الشهاب الخَفَاجي تعليقاً على كلامهـ في 472:4 من شرحه لكتاب الشفا: (فذهب الأشعري إلى عدم تكفير أهل الهَوَىوالمذاهب المردودة وعلى ذلك أكثر العلماء من الحنفية والشافعية). وقالالعلاّمة ابن حجر الهَيْتمي في كتابه ((الفتاوى الكبرى)) 229:4: (الذي صرحبه أئمتنا أن من تكلم بمُحْتَمِل للكفر لا يُحْكَم عليه حتى يُسْتَفْسَر)أي حتى يُسأل عن قصده، فإن قال: قصدت هذا المعنى وكان المعنى المذكورصريحاً في الكفر يكفّر، أما إن قصد معنىً غيرَ كفري فإنّه لا يكفَّر.وبالطبع لا يعني كلامه وكلام القاضي عياض ترك التشنيع عليه وتعزيره.
ولابنحجر كلام نقله عنه العلاّمة مُلاّ علي القاري وهو من علماء الحنفية فيالقرن الحادي عشر الهجري في كتابه ((شرح المشكاة)) كما نقله عنهالمُبَارَكْفُوري في ((شرح سنن الترمذي)) في هذا المعنى 362:6 قال: (والصواب عند الأكثرين من علماء السلف والخلف أنّا لا نكفّر أهل البدعوالأهواء إلا إنْ أتَوْا بكفر صريح لا استلزامي، لأن الأصح أن لازم المذهبليس بمذهب، ومن ثَمّ لا يزال المسلمون يعاملونهم معاملة المسلمين فينكاحهم وإنكاحهم والصلاة على موتاهم ودَفْنِهم في مقابرهم لأنهم وإن كانوامخطئين غير معذورين حقت عليهم كلمة الفسق والضلالة، إلا أنهم لم يقصدوابما قالوه اختيار الكفر). وجاء في كتاب ((ردّ المُحتار)) للإمام ابنعابدين، علاّمة الحنفية في القرن الثالث عشر للهجرة ومن أكابر المحققينللمذهب الحنفي: (إذا كان في المسألة وجوه ـ أي احتمالات ـ توجب التكفيرووَجْهٌ واحد يمنع التكفير، فعلى المفتي أن يميل إلى الوجه الذي يمنعالتكفير تحسيناً للظن بالمسلم) وقد زاد في البزّازية ضابطاً مهماً (إلاإذا صرّح بإرادة موجِبِ الكفر فلا ينفعه التأويل حينئذٍ) أي لا نؤوِّلكلامه وقد صرّح بقصد المعنى الكفري. وقد ضرب مثلاً لذلك فقال: )إذا شتمرجلٌ دينَ مسلم فيحتمل أن يكون هذا السبّ استخفافاً في الدين فيكفر،ويحتمل أن يكون مراده أخلاقه الرديّة ومعاملته القبيحة، لا حقيقة دينالإسلام، فينبغي أن لا يكفَّر حينئذ كما حرر ذلك بعض الحنفية).
وقال العلاّمة ملاّ علي القاري في ((شرح الفقه الأكبر)) للإمام أبي حنيفة رحمه الله ص 162: (ذكرواأن المسألة المتعلقة بالكفر إذا كان لها تسعة وتسعون احتمالاً للكفرواحتمالٌ واحد في نفيه، فالأَوْلى للمفتي والقاضي أن يعمل بالاحتمالالنافي لأن الخطأ في إبقاء ألف كافر أهون من الخطأ في إفناء مسلم واحد)،وذكر أيضاً في الصفحة نفسها: (إذا كان اللفظ محتملاً، فلا يُحكم بكونهكفراً إلا إذا صرح بأنه نوى المعنى الكفري).
ولتوضيح المراد أضرب بعض الأمثلة من كتاب ((روضة الطالبين)) للإمام النوويـ رحمه الله تعالى ـ في باب الرِدّة، أريد منها بيان ملاحظة العلماء لقصدالمسلم، وهذا تأكيد على هذا الضابط الذي أنا بصدد شرحه. قال ـ رحمه الله ـفي 67:10: (واختلفوا فيمن نادى رجلاً اسمه "عبد الله" وأدخل في آخره حرفالكاف، الذي يُدخَل للتصغير بالعُجْمية، قيل: يكفر، وقيل: إن تعمّدالتصغير كُفِّر، وإن كان جاهلاً لا يدري ما يقول أو لم يكن له قصد لايكفَّر)، وكذلك قال الإمام النووي: (لو قيل لمسلم قلِّمْ أظافرك فإنهاسنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجاب: لا أفعل وإنْ كان سنّة!المختارـ أي في المذهب ـ أنه لا يكفَّر بهذا إلا أن يقصد الاستهزاء).
ومثالآخر أنقله من كتاب ((شرح الفقه الأكبر)) للعلاّمة ملاّ علي القاري: (منضحك على وجه الرضا ممن تكلم بالكفر: كفر، وأما إذا ضحك لا على وجه الرضا،بل بسبب أن الكلام الموجب للكفر عجيب غريب يضحك السامع منه ضرورةً فلايكفر).
فكلهذه الأمثلة تتضافر على ضرورة التأكُّد من قصد المسلم من كلامه إذا كانيحتمل وجوهاً متعددة وضرورة تأويله ولو كان ظاهره الكفر طالما أنه يحتملالتأويل ولو على وجه ضعيف، وذلك مراعاة لحُرمتِه وإبقاءً على إسلامه ماأمكن.
الضابط الثالث: وهو أن لازم المذهب ليس بمذهب، أو التفريق بين الكفر الصريح والكفر الاستلزامي.
ذلك أنّ الإنسان أحياناً يقول كلاماً أو يفعل فعلاً ليس صريحاً في الكفرولكن يلزم منه ويترتب عليه الكفر، فهل نحاسبه على لازم كلامه وفعله أمنحاسبه على صريح كلامه وفعله؟ بعض علماء أهل السنة ـ وخاصة علماء ما وراءالنهرين ـ يكفّرونه على ما يلزم من كلامه، ولكنّ المحققين من علماء أهلالسنة وجمهور السلف والخلف: أن لازم المذهب ليس بمذهب، وعلى ذلك جرتتطبيقاتهم، فما يلزم من قول المسلم أو من فعله إن لم يكن صريحاً في الكفرـ ولو كان يؤدي إليه ـ لا يكفّرونه عليه. وليس معنى ذلك السكوت على ذلكالقول أو الفعل بل يُغَلَّظ عليه ويُعاقب ويُبيَّن له خطر كلامه ولكن لايُطلَق عليه حكم التكفير.
الضابط الرابع: انتفاء الإكراه، وهذا أمر لن أطيل في شرحه لأنه معروف بين طلبة العلم، فقد قال الله سبحانه وتعالى: )إلا من أُكره وقلبُه مطمئنٌ بالإيمان(،فمن أُكره وأُجبر على الكفر فتلفظ به وقلبُه مطمئن بالإيمان بالله وأحقيّةالإسلام فلا يكفر، وقصة سيدنا عمّار بن ياسر ـ رضي الله عنه ـ معروفةوثابتة في الأحاديث الصحيحة، نعم الأخذ بالعزيمة والأفضل في ذلك، والأفضلأن لا يتلفظ وينطق بالكفر وأن يثبت في وجه الكافرين ما استطاع، ولكن إنْضَعُفَتْ نفسه أو وصل إلى حد لم يعد يُطيق معه التعذيب فأخذ بالرخصة لايكفر طالما أن قلبه مطمئنّ بالإيمان.
الضابط الخامس:أن لا يكون الكلام محتملاً لوجه من الوجوه التي تمنع التكفير، وهذا الضابطذكرته في ثنايا الكلام عن ضابط القصد والاختيار، فإن كان الكلام يحتملوجهاً ـ ولو ضعيفاً ـ من وجوه عدم الكفر لا يكفَّر، إلا إذا صرح باختيارهللمعنى الكفري كما سبق بيانه والتأكيد عليه.
الضابط السادس والأخير:وهو ضابط مهم ويحتاج إلى انتباهٍ وتفهُّم، وهو التفريق بين المقالةوالقائل، وهذا الضابط أيضاً ليس على إطلاقه، وإنما فيما يُعذَر المسلمبجهله، أو فيما يشتبه عليه دليلُه.
وللإمامالكبير ابن الهُمام، من كبار فقهاء الأحناف، كلام في هذا الضابط نقله عنهالإمام ملاّ علي القاري في ((شرح الفقه الأكبر)) ـ ص154ـ وأقرّه عليه، وقدنقله من كتابه ((فتح القدير)) الذي شرح فيه كتاب ((الهداية)) للمَرغِيناني من متون المذهب الحنفي، في معرض الكلام عن تكفير أهلالأهواء حيث قال: (اعلم أن الحكم في كفر من ذكرنا من أهل الأهواء مع ماثبت عن أبي حنيفة رحمه الله والشافعي رحمه الله من عدم تكفير أهل القِبلةمن المبتدعة كلهم: محملُه أنّ ذلك المُعتَقَد في نفسه كُفْر فالقائل بهِقائل بما هو كفر وإن لم يكن يكفر). وهذا رأي الإمام ابن تيمية كما صرح بهفي كتاب ((المسائل المارِدِينية)) قال: (وحقيقة الأمر في ذلك أن القول قديكون كفراً فيُطلق القول بتكفير صاحبه فيُقال: من قال كذا فهو كافر، لكنّالشخص المُعيَّن الذي قاله لا يُحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة التي يكفّرتاركها)، وفي ((منهاج السنّة)) 27:3: (ولا يلزم إذا كان القول كفراً أنيكفَّر كلُّ من قاله مع الجهل والتأويل).
وأستطيعأن أجمع كل مشتملات القاعدة فأقول بتوفيق الله عزّ وجلّ: إذا كان الأمرمما يُعذر المسلم بجهله أو مما يخفى مثله على أمثاله أو حصل له اشتباه فيدليله وهو من أهل النظر في الدليل لا يُكفّر، وقد استفدت هذه الضوابط مماكتبه الإمام القَرَافي في كتابه ((الفروق)) في الفرق الرابع والتسعين: بينقاعدة ما لا يكون الجهل عذراً فيه وبين ما يكون الجهل عذراً فيه، وكذلك منالرسالة التي كتبها شيخنا العلاّمة الشيخ عبد الله الصِّديق الغُماري رحمهالله: ((القول الجَزْل فيما لا يُعذر فيه بالجهل)).
هذهستّة ضوابط للتكفير، فإذا توفّرت فلا بدّ من حماية الدين وتحصين سياجهوتكفير من يتطاول عليه أو يريد هدمه كمن يتلفّظ بكلام صريح في الكفر أويعتقد معتقداً كفرياً أو يستهزئ بالشريعة أو يفضّل غيرها عليها أو يتهمهابأنها رجعية أو ظلامية أو يبدِّل دين الله ويشرِّع الحلال والحرام أويستبيح ترك الشريعة ويحكم بغير ما أنزل الله أو يستهزئ برسله ويحتقرهم أويعتقد أنهم بُله ـ حاشاهم بل هم أذكى البشر وأزكاهم وأفضلهم ـ أو يتطاولعلى القرآن العظيم أو يتطاول على فريضة الجهاد في الإسلام... وما إلى ذلكمما انتشر في عصرنا من كفريات قولية أو اعتقادية أو فعلية، بمعنى أنه كمالا يجوز التسرع بالتكفير فلا يجوز أيضاً التهاون في تكفير من يستحق أنيوصف به شرعاً أو من وصفهم الوحي بالكفر.
وفيالختام أرجو من الله أن أكون قد اهتديت إلى الصواب فيما لاحظته من ضوابطالعلماء في موضوع التكفير، وأن أكون قد بينت مسائل العلم في هذا الموضوعالخطير بجلاء، وساهمت في التخفيف من البلبلة المستحكمة في الساحة الدينيةوالعلمية سائلاً الله عز وجل أن يجمع صفوف المسلمين وأن لا يجعل بأسهمفيما بينهم.