تـرى ماذا في نفوس بقية الطغاة العرب في هذه اللحظات بينـما صديقهـم وحبيبهـم _ الذي كان يجتمـع عنـده كـل عام وزراء الداخلية العرب لتبادل الخبرات في قمع الشعـوب ! _ هههههه يهـرب من شعبه خائفـا من أن يسحلـوه ؟!
وأحسب أن منهـم من لم يستوعب الصدمـة حتى الآن ، فقـد طال الأمـد منذ أن سمعنـا بإزاحـة حاكم عربي على يـد غيـر ( ملك الموت) عليه السلام ،
ومنهـم من ملأ أرجاء صدره الخـوف ، وبدأ يتذكر جرائمه ويتحسس رقبته !
ومنهـم من هـو خائف أن يـتم الاستيلاء على وثائق تثبت تورطه في أمر ما مع الطاغية الهـارب ، ثم ينفضـح أمـره !
ومنهـم من لم يزده ما جـرى إلا غيـّا ، فأمـر بتشديد الرقابة على الشعـب ، وإحكـام القبضة لئلا يثور شعبـه كما ثار الشعب التونسي !
ومنهـم من أمـر بزيـادة العلـف للشعب حتى يهدأ ! لأنه _ كما هي نظرية الحكم في النظام العربي _ لايرى الشعب إلا قطيعا ، أهمـله بن علي فتمرد ، ولو أطعـمه لتعبد!!
ومنهـم من أمـر بتجهيـز خطة للهروب ، ومأوى للمنـفى !
ومنهـم من هـو في غمـرة غروره ، فهو يظن أنه الإمام العادل ! الذي في (ظل الله يوم لاظل إلاّ ظـله)!، من كثرة ما يردد عليه (شيوخ بني أمية ) أنه ولى الأمر الذي طاعته من طاعة الله ، وتوقيره من توقيـر الله ! تعالى الله عما تقول ( اللحى المستأجرة ) علــوا كبيـرا .
فهو يقول لمن حوله : ( الحمد لله الذي عافاني مما ابتلى به بن علي وفضلني تفضيلا ) !!
وما يعلم أنه هـو ممن قال الله تعالى فيهم ( قل هل ننبّئكم بالأخسرين أعمالا ، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعـا ) !
بل هم والله يعلمون في قرارة أنفسهـم أنهـم طغاة ، ما لهم في الإسلام حـظ ، ولا في العـدل نصـيب.
ومنهـم من يفكـر : بماذا أسخـط (بن علي) سادتنا الغربيين حتى تخلوا عنه!! خشية أن يـقع في مثـل وقعـته !!
وأحسب أن أكثـرهم هذا هـو هاجسـهم الأكبـر !
والأحرى بهم أن يخافوا من الله تعالى الذي يؤتي الملك من يشاء ، وينزع الملك ممن يشاء ، ويأخذ الظالم فلا يفلـته ، ليتقـوا الله في شعوبهـم ، في إقامة العـدل ، ونصرة الضعيف ، والملهـوف .