وسط الفرحة العارمة التى يعيشها المصريون بنجاح ثورة ٢٥ يناير، تمتزج رياح التغيير والحرية بنسائم الربيع اللطيفة لتدخل برداً وسلاماً على قلوب شعب اكتوى لسنوات طويلة بنيران الكبت والقهر والفساد.. احتفال المصريين بعيد الربيع سيكون له بالتأكيد طعماً ولوناً ورائحة مختلفة، وبالطبع ستطغى عليه الأحداث السياسية التى عاشتها مصر وعدة دول عربية أخرى خلال الشهور الماضية.
تقول المخرجة السينمائية كاملة أبوذكرى: شم النسيم هذا العام عبيره أجمل بكثير من السنوات الماضية، فقد أتى بعد عدة أحداث كثيرة رائعة وقعت فى مصر والوطن العربى بشكل متسارع ومتتابع لدرجة تجعلنى إلى الآن غير قادرة على التعبير عن مشاعرى تجاهها، ولكن كل ما يمكننى قوله هو أننى أشعر هذا العام باختلاف كبير لم أكون فكرتى الكاملة عنه بعد، فقد قمنا فى شهرين بأشياء يحتاج إنجازها لسنوات، وقد أستوعب كل هذه الأحداث عندما أجلس مع نفسى فى إجازة العيد، والذى سأقوم فيه بممارسة كامل طقوسى، حيث سأسافر فى يوم شم النسيم بصحبة ابنتى «أبيّة» إلى الجونة لأمارس طقوس الاحتفال بعيد الربيع مثل تناول الفسيخ وتلوين البيض وهو ما أعشق القيام به، وكنت أتمنى أن تكون أمى بصحبتنا ولكنها ستتغيب عن احتفال هذا العام لظروف مرضها.
وأضافت: لن يمنعنى أى شىء من الاحتفال بشم النسيم فى هذا العام، خاصة وأننى بطبيعتى أعشق هذا اليوم وأراه من الأعياد المميزة، لأنه لكل المصريين وليس لديانة محددة وسأسعد به جدا رغم أن نتائج الثورة لم تتحول بعد لواقع ملموس فى مجالات التعليم والصحة والأجور وحتى نظافة الشوارع وهى الأمور التى ما إن تحدث ستشعرنا جميعاً بربيع مصرى متجدد.
ويقول السيناريست بشير الديك: على العكس مما كان يحث كل عام أشعر أن ربيع هذا العام حقيقى وسيستمر طوال العام.. حتى «شم النسيم» مختلف ففى السابق كنت دائما أردد أننا نشم ثانى أكسيد الكربون لأن المناخ المحيط بنا فاسد، لدرجة أننى كنت أؤكد أن من ينجو بنفسه من دائرة الفساد يصبح بطلاً، فكلنا كنا فاسدين حتى ولو بالصمت على المفسدين، لكن هذا العام تغير الحال وسنخرج جميعا فى شم النسيم لنتنفس أكسجين محملاً بالمعانى السامية والحرية، الشعب يعيش الآن حالة استثنائية من المشاعر غير المسبوقة والتى دفعتنى للقيام بتغيير فى طقوسى للاحتفال بشم النسيم، حيث سأقوم هذا العام ولأول مرة بكسر القاعدة والسفر للاحتفال به خارج القاهرة، وتحديداً فى الغردقة حيث سنقضى اليوم على البحر، فأنا سعيد جداً هذا العام ومهيأ للاحتفال لأن النفس راضية جدا عما يحيط بها.
ويقول الكاتب الصحفى جمال فهمى: جاء ربيع ٢٠١١ على مصر حاملاً نسمات حرية لشعبها العظيم ورياحاً عاتية على الفاسدين واللصوص الذين نهبوا خيرات البلد لعقود طويلة، مما أعطى لعيد «شم النسيم» هذا العام طعما مختلفا عما كنا نتذوقه فى «سنوات الجمر» الماضية، وهو عنوان استعرته من فيلم «وقائع سنوات الجمر» للمبدع الجزائرى محمد الأخضر، وذلك لما أراه من تشابه بين ما يرويه الفيلم عن احتلال الجزائر على يد الفرنسيين وبين ما كنا نعيش فيه من احتلال محلى جعلنا نشعر بالفعل أننا فى جمر، وهو إن لم يكن قد انطفأ حتى الآن فهو فى سبيله للخمود بمحاسبة الفاسدين، ليترك مجالا لعيد «شم نسيم» جديد يستنشق عبيره المصريون ويمحو ذكريات السنوات الماضية التى كانت رائحتها عفنة تفوح بالفساد والإفساد وإهانة كرامة المصرى لثلاثة عقود هى الأسوأ فى تاريخ البلاد.
وأضاف: كل هذا قد انتهى الآن وأنا متفائل بأن عيد الربيع المصرى سيستمر رغم ما يقال.. فما يحدث الآن من وجود بعض الاضطرابات البسيطة أمر وارد فى كل ثورات الشعوب واعتبره الدفعة الأخيرة من الثمن الذى اشترينا به حريتنا، وهذه طبيعة الأحوال لأننا كنا كمصريين مثل المريض الذى اضطر لاستئصال ورم كاد يفتك به ومن الطبيعى أن يعانى قليلا بعد الجراحة.. لهذا أنا غير قلق وسأحتفل هذا العام بشم النسيم كعادتى فى منزلى مع بعض الأصدقاء المقربين الذين أستمتع بتواجدهم السنوى معى فى هذه المناسبة