ضباط الشرطة يطلقون عليه لقب "الصندوق الأسود لوزارة الداخلية" وعندما يختلف اثنان علي رأي أو موقف أو سر من أسرار
الوزارة، فإنهم يحتكمون إليه ويقولون: عند "هلال" الخبر اليقين.
اللواء "هلال أحمد هلال" أحد القلائل الذين نفذوا إلي خفايا الداخلية، وأتاح له عمله بكلية الشرطة ثم كلية تدريب وتنمية الضباط أن يري بعينيه ويسمع بأذنيه كل ما يدور في كواليس الشرطة.
التقيت به ففتح لي خزائن أسراره.. قال:< حبيب العادلي وزير الداخلية السابق يواجه اتهامات عديدة منها تضخم ثروته ووصولها الي 8 مليارات جنيه، وبحكم كونه ليس رجل أعمال، فمعني ذلك أنه لم يكن له سوي راتبه..
أليس كذلك؟- نعم.
< إذن راتبه الشهري خلال الأربعة عشر عاما التي تولي فيها الوزارة كان يزيد علي 47 مليون جنيه؟- في وزارة الداخلية هذا ممكن جداً.. فهناك مكافآت وبدلات بلا حصر وبدون سقف بخلاف الأراضي التي يمكن الحصول عليها بسهولة.
< معني ذلك أنك غير مندهش من وصول ثروة "العادلي" الي 8 مليارات جنيه؟- طبعاً غير مندهش.
< ولكن أي بدلات تلك التي تجعل وزيراً مصرياً يصل دخله إلي 47 مليون جنيه شهرياً؟- بدلات من كل شكل ولون منها البدلات المعروفة مثل بدلات الاجتماع وبدل الجلسات وبدلات الحراسة الخاصة إضافة الي بدلات ومكافآت اخري يحصل
عليها من المحافظات والوزارات والمحليات والمرافق كالكهرباء والمرور حتي
الشباب والرياضة يحصل منها علي بدلات لتأمين مشجعي كرة القدم في الماتشات، هذا بخلاف الحصول علي أراضي الدولة مقابل أسعار زهيدة وستكشف التحقيقات
التي يجريها النائب العام مع وزير الداخلية السابق مفاجآت مثيرة.. وبالمناسبة "العادلي" ليس الملياردير الوحيد في الداخلية.
< ماذا تقصد؟- هناك مليارديرات آخرون يتولون حالياً مناصب قيادية في الداخلية.
< مثل من؟- القائمة طويلة وعلي رأسها اللواء جهاد يوسف مساعد الوزير للشئون المالية واللواء حسن عبد الحميد مساعد الوزير لقطاع التدريب وتدريب المجندين ونبيل خلف مسئول الادارة المالية بالوزارة واللواء أسامة المراسي مدير أمن الجيزة السابق، واللواء اسماعيل الشاعر مدير أمن القاهرة واللواء عماد حسين رئيس أكاديمية الشرطة واللواء مجدي تهامي مساعد الوزير لشئون الافراد واللواء وجدي صالح مدير شئون الضباط واللواء عدلي فايد مدير الأمن العام السابق واللواء عاطف الشريف رئيس قطاع السجون السابق واللواء احمد رمزي مساعد الوزير للأمن المركزي واللواء دكتور معتصم عبد المعطي مساعد الوزير للخدمات الطبية.
< كل هؤلاء مليارديرات؟!- نعم وثرواتهم تتراوح ما بين مليار الي 2 مليار جنيه واسألوا نبيل خلف مدير الشئون المالية بوزارة الداخلية.
< وأين الاجهزة الرقابية؟- في وزارة الداخلية 3 أجهزة رقابية وتضم أمن الدولة وادارة التفتيش التي يرأسها اللواء عادل الصعيدي والأمن العام الذي يرأسه اللواء عدلي فايد وكل هذه الادارات لا تنصر مظلوما ولا يستطيعون القضاء علي نصاب أو مخطئ وحتي عندما يتم ضبط مخالفة فإن الهدف من ورائها يكون الحصول علي مكافأة وليس مواجهة الفساد أو تنمية العمل.
< كلامك يحمل نغمة تشاؤم.. ألا
تتوقع تحسنا في الفترة القادمة خاصة بعد تغيير شعار الداخلية وعودة شعار "الشرطة في خدمة الشعب"؟- تغيير الشعار كلام فارغ والشرطة لكي تعود كما نتمني فيجب إزالة طبقتين من قيادات الشرطة وهما كل مساعدي الوزير وكل المديرين وبدون ذلك مفيش فايدة فالشرطة الآن خرابة والانتماء بها مات.
< الداخلية خرابة؟- نعم والانتماء مات والكثيرون يقولون "خليها تخرب" و»إنشاء الله تولع«، وحتي عندما يتحدث ضابط أو أحد من قيادات الداخلية عن الشفافية فهذا معناه أنهم يقصدون »أزنق واسرق«.
< وما الذي فعل بالشرطة كل هذا؟- السبب الوحيد هو بقاء حبيب العادلي علي رأس الوزارة لمدة 14 عاماً وهذه كارثة الكوارث، فأكثر وزراء الداخلية بقاء في مناصبهم كان اللواء النبوي إسماعيل الذي ظل وزيراً لمدة 5 سنوات وهي فترة كبيرة جداً فيجب ألا يزيد بقاء وزير الداخلية في منصبه أكثر من 4 سنوات.
< لماذا؟- لأنه إذا طالت المدة عن ذلك فإنه يختار مساعديه حسب هواه، وتصبح له حاشية خاصة تفصله عن كل ما يدور في الوزارة وهذا ما حدث مع اللواء حبيب
العادلي الذي صار بسبب بقائه 14 عاماً »الديك« الوحيد في الوزارة بعدما اختار مساعديه حسب هواه ومد لهم سنوات خدمتهم وكان يترك الوزارة يومياً الساعة الثالثة عصراً ويترك لمساعديه التصرف في الوزارة علي هواهم ومن هنا جاء الخراب بعدما سيطرت قلة علي وزارة الداخلية، وانفصلت عمن هم أسفل منهم وكل من كان يعرف حقيقة ما يجري في الوزارة كان يتوقع حالة الانهيار التي نعيشها حالياً.
< وبرأيك ما سبب هذا الانهيار؟- السبب سيطرة القلة علي الوزارة ثم عدم وجود فكر استراتيجي للقيادات الأمنية وهو ما انعكس مثلاً في قطع خدمة التليفون المحمول يوم جمعة الغضب الشهيرة، فهذا القطع أضر بقيادات الشرطة الذين انقطعت بهم سبل الاتصالات والتواصل، ثم حدث الانسحاب الشهير وهذا الانسحاب يحتاج إلي تحقيق واسع.
< لماذا؟- لأنه لم يكن عادياً، فالمعروف أن أي انسحاب يتم بترك منطقة المواجهة إلي منطقة تمركز أخري وهذا ما لم يحدث، حيث اختفت قوات الأمن المركزي اختفاء تاماً وأيضاً اختفت قوات الأمن المكلفة بحماية مراكز الشرطة والسجون وهذه كلها تصرفات مريبة تحتاج إلي تحقيق واسع وشامل ودقيق،خاصة أن وزارة الداخلية كانت علي علم بأنها ستواجه حالة شغب عامة.
< كانت علي علم؟- نعم، فمنذ عام 2006 عقد وزير الداخلية حبيب العادلي اجتماعاً حضره عدد كبير من مديري عموم وزارة الداخلية وكل مديري المصالح ومديري الأمن ودارت مناقشات حول الأوضاع الأمنية، وقال اللواء عبدالحميد الشناوي محافظ الغربية حالياً وكان وقتها مدير أمن الدقهلية »عايزين ننسق بين الأمن المركزي وقوات الأمن لكي يكون لدينا خطة لمواجهة شغب عام«.
< وبماذا رد اللواء حبيب العادلي؟- رد قائلاً: إيه انتو عايزين تقولوا إن فيه شغب عام، فلم يعلق
أحد فتابع الوزير: إحنا عارفين إن فيه شغب عام والقيادة السياسية - يقصد الرئيس مبارك وقتها - عارفة إن فيه شغب عام.
< كانوا عارفين ومع ذلك حدث الانهيار الذي حدث في الأيام الأخيرة!- نعم.. والسبب حبيب العادلي وحاشيته الذين خربوا الوزارة والخراب بدأ من باب الوزارة.
< ماذا تقصد من باب الوزارة؟- من الالتحاق بكلية الشرطة.. مثلاً ابن أحد قيادات الداخلية (أ. ر) تم ضبطه متلبساً بواقعة غش في امتحانات كلية الشرطة وحسب القواعد كان يجب أن يحال هذا الطالب إلي المحاكمة وغالبا ما يتم حرمانه سنة من الامتحانات ولكن اللواء أحمد رمزي وكان وقتها مدير الكلية قرر معاقبة الطالب بتهمة الإخلال بنظام الامتحان ولهذا تم إلغاء امتحانه في المادة التي ضبط يغش في امتحاناتها، ولم يمض سوي أيام حتي تم ضبط نفس الطالب يغش في امتحان آخر وللمرة الثانية تم إلغاء امتحانه في هذه المادة، ثم غش ذات الطالب في مادة ثالثة وعندها فقط تمت إحالته للمحاكمة.. وليت الأمر اقتصر عند هذا الحد.
< وماذا حدث أكثر من ذلك؟- ذات الطالب تم ضبطه متلبسا بحيازة مخدرات وتمت محاكمته وصدر حكم
بفصله ولكن الحكم لم يتم اعتماده وعاد الطالب إلي الكلية وتخرج الطالب وصار
حالياً ضابطا بقسم الهرم.وأيضا ابن القيادي بوزارة الشرطة »ع. ح« تقدم لكلية الشرطة ولم يكن لائقا بالمرة فهو أقصر من الطول المطلوب وقوامه ووزنه أكبر من المسموح به ومع ذلك التحق بالكلية وهكذا بدأ الفساد في وزارة الداخلية من باب الوزارة أي كلية الشرطة حتي أعلي منصب.
المصدر : جريدة الوفد