الفصل الأول: توحيد الربوبية
المبحث الأول: معناه وأدلته من الكتاب والسنة والعقل والفطرة.
س: مالحكمة من خلق الجن والإنس مع الدليل؟
الحكمة من خلق الجن والإنس هي عبادة الله وحـده، الدليل :كما قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ الذاريـات: 56].
س: مالمراد بالحكمة هنا ومعناها؟
الحكمة المرداة هنا، هي الحكمة الشرعية، و معناها:أي أن الله تعالى أراد من خلقه هذا الأمر وأحبه، شرعه لهم على ألسنة رسله، وضمنه كتبه.
س: هل يلزم وقوع الحكمة الشرعية؟
لا يلزم من الحكمة الشرعية أن تقع، إنما يقع فيها الاختبار والابتلاء، الله سبحانه وتعالى يحبها ويرضاها، والخلق بعد ذلك إما يفعلونها بتوفيق الله لهم، وإما يعرضون عنها ففيها الاختبار والابتلاء، إذًا ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ فيه فكر الحكمة الشرعية، ولذا كان التوحيد العقيدة الصحيحة المأخوذة من منبعها الأصلي وموردها المبارك كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم هي الغاية لتحقيق تلك العبادات، قربا وهي الوسيلة لتحقيق تلك العبادات.
س: مالمنبع الأصلي للعقيدة؟
المنبع الأصلي للتوحيد والعقيدة الصحيحة ، كتاب الله وسنة رسوله
س: مالذي يترتب علي فقد العقيدة في الكون ومالدليل؟
يترتب علي فقد العقيدة في الكون ، فساده وخرابه واختلاله، الدليل:كـمـا قال الله تعـالى: ﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ [الأنبياء: 22]، وقال سـبحانه: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ [الطلاق: 12]، إلى غير ذلك من الآيات.
س: هل يمكن للعقول أن تستقلَّ بمعرفة تفاصيل الشرائع والأخبار عن الله وتفاصيل أمور العقيدة ؟
لا يمكن للعقولأن تستقل بمعرفة التفاصيل، ولكن العقول تصل إلى الحقائق الإجمالية، فالعقل قد يصل بصاحبه إذا أعمله أن لهذا الكون خالقًا، والعقل قد يصل بصاحبه إذا أعمله وصفى عن المعارض أن لهذه الأجساد معادًا ومآبًا، أي أنها ترجع للبعث مرة أخرى للحساب، أما تفاصيل الشرائع وتفاصيل الأخبار عن الله سبحانه وتعالى وتفاصيل أمور العقيدة فلا يستقل العقل بها.
س:لماذا بعث الله عز وجل الرسل وأنزل الكتب مع الدليل؟
بعث الله عز وجل الرسل وأنزل الكتب لأنه لم كان من غير المكن للعقول أن تستقلَّ بمعرفة تفاصيل الشرائع بعـث الله رسلَه وأنـزل كتبَه؛ لإيضاحه وبيانه وتفصيله للناس حتى يقوموا بعبـادة الله على علم وبصيرة وأسسٍ واضحةٍ ودعائم قويمةٍ، فتتابع رسلُ الله على تبليغه، وتوالوا في بيانه كما قال سبحانه: ﴿ وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ ﴾ [فاطر: 24]، وقال سبحانه: ﴿ ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى﴾ [المؤمنون: 44]، تترى: أي يتبع بعضُهم بعضًا،.
س: هل أكمل النبي صلى الله عليه وسلم شرائع الدين قبل موته مع الدليل؟
نعم النبي صلى الله عليه وسلم بُعث بالدين، والدين كًمُلَ قبل موته صلى الله عليه وسلم فما مات حتى أكمل الله به الملة، وأقام به الحجة، وأتم به النعمة r فالنبي r ما ترك خيرا يقرِّب إلى الجنة ويقرب إلى الله إلا ودل الأمة عليه أتم بيان وأوضح بلاغ وما ترك شرًا وما ترك سبيلاً يباعد الأمة عن الله أو عن الجنة، إلا ووضحه لهم أتم بيان وأوضح بيان، الدليل من الكتاب قولـه: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ومن السنة كما في الحديث النبي صلى الله عليه وسلم يقول،(تركتكم على مثل البيضاء، أو على المحجة البيضاء،ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك)،
س:بعض الناس وهم أعداء الإسلام يريدون أن يُبّغِضوا الناس في الدين، بحجة أن الدين كله افتراقات اختلافات، فما العمل؟
نقول له : قال تعالى: ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ولَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم﴾ [هود: 118] فهذا اختبار وابتلاء من الله تعالى لخلقه، ولا يزال الناس يختلفون على أنبيائهم، والنبي صلى الله عليه وسلم يملك الحق والحجة وهناك بعض الناس، لم يؤمنوا به، فالاختلاف هذا سنة كونية، أما أن يكون الاختلاف والتعدد مصوِغ لعدم إتباع الحق، ومبرر لعدم إتباع الحق، هذا كلام في غاية البطلان.
س:هل الاختلاف والتعدد مصوغ لعدم إتباع الحق؟
هذا كلام في غاية البطلان لماذا؟ ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فلا عذر لأحد أن يضل ولا عذر لأحد أن يزيغ.
س:بيَّن النبي صلوات الله وسلامه عليه الدين كلَّه أصوله وفروعه فماذا قال الإمام مالك في ذلك؟
يقول الإمام رحمه الله(مُحال أن يُظنَّ بالنبي صلى الله عليه وسلم أنه علَّم أمتـه الاستنجاء ولم يعلمهم التوحيد،)يقول لهم مستحيل،أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم علم المسلمين كيف يستنجوا في الخلاء؟ولم يعلمهم التوحيد،.
س: كل الرسلَ متَّفقون على الدعوة للتوحيد ، بل هو منطلقُ دعوتهم وزبدة رسالتهم وأسـاس بعثتهم هات ما يدل علي ذلك؟
يقول الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾ [النحل: 36]، وقال: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 25]، وقال تعالى: ﴿وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا َجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ ﴾ [الزخرف: 45]، وقال تعـالى: ﴿ شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ ولَا َتَفَرَّقُوا فِيهِ ﴾ [الشـورى:13 ومن السنة كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَنه قال: «الأنبياء إخوة لعلَّات، أمَّهاتُهم شتَّى ودينُهم واحد» .