رأيت دموع الطفل تنزل على خديه وهو يتكلم مع والدته وبدا الوجوم على وجهه فقد خيل لى من نظرتى الى وجهه ان والدته باغتته بوابل من كلمات اللوم والعتاب وكأن بى اسمعها تقول له
الام : كده برده يا علاء تحرق قلبى انا وابوك عليك حرام عليك يابنى ارجع البيت
الطفل : معلش يا امى مصر محتجانى
الام : يا حبيبى انت لسه صغير واحنا قلقانين عليك
الطفل : متقلقيش عليا يا ماما وسلميلى على بابا واخواتى
الام : يابنى ارجع البيت متتعبش قلبى احنا منمناش من يوم ما غبت
الطفل : انا مش هارجع غير لما يمشى واطمنوا عليا احنا كلنا هنا فى الميدان عيله واحده
الام : خلى بالك من نفسك وابقى طمنا عليك كل شويه
الطفل : ان شاء الله ... مع السلامه
هكذا تصورت الحوار الذى دار بين علاء ووالدته من خلال ردود علاء عليها اعطيت الجوال لصاحبه وشكرته ووجدت الطفل يقترب منى
الطفل متأثرا : متشكر اوى يا عمو
شرد ذهنى قليلا ونظراتى تجوب الميدان وانا انظر الى المصريين فى الميدان وقد اجتمعوا على قلب رجل واحد وكأنك تشعر حقا انهم عائله واحده فهناك من يجهز الطعام للاخرين ومن يوزع الماء على المتظاهرين ومن يجهز اماكن النوم للمرهقين ومن يدواى الجرحى والمصابين . الميدان ينبض بالحياه ويعج بالمتظاهرين كأنه خلية نحل كل فرد يؤدى دوره على اكمل وجه ياله من سحر عجيب ومشاهد اشبه بالخيال هكذا دائما هم المصريين رجالا اشداء وقت المحن تشعر ان من فى الميدان كلهم اخوة واخوات اباء وابناء من بيت واحد وعائله واحده افقت من شرودى على دوى طلقات الرصاص الحى تنزل على رؤوسنا كالمطر وقنابل الدخان المسيلة للدموع وجدت الطفل يحتضننى بحرارة وانا اتمسك به وسألته
الراوى : انت خايف ولا ايه
الطفل : لا انا مش خايف انا مستعد للتضحيه بروحى عشان مصر
انا باحب مصر اوى ونفسى بجد اعيش فيها حياه كريمه بس لو مش هاقدر اعيش فيها حياة كريمه يبقى افضل اموت فداها
الراوى : ان شاء الله هتعيش وتحقق كل احلامك مصر بتحب اللى يحبها
اخذت الطفل وتنحيت به جانبا بعيدا عن الدخان وطلقات الرصاص ثم عاودنا الكره وانطلقنا صوب المتظاهرين المتكتلين وسط الميدان وبدأت الهتافات من جديد
تشعر وكأن كل طلقة رصاص تصوب نحو المتظاهرين او قنبلة تقذف عليهم كأنها حبات الشجاعه تنزع الخوف من قلوبهم وتشد من اذرهم
مع كل صرخه وهتاف نشعر ان الامل قد اقترب وان المعجزه يمكن ان تتحقق بدأت قوات الشرطه والامن المركزى الاحتكاك بالمتظاهرين من جديد ويضربونهم بكل قسوة وعنف وكأنهم قد نزعت من قلوبهم ادنى درجات الرحمة والانسانيه حاولت الابتعاد بالطفل بعيدا عن تلك المواجهه الشرسه ولكنه كان يمتلك شجاعة غير عاديه وبدأ بالاشتباك معهم واستطاعوا ان يخطفوه من بين يدى ويجرونه على الارض وانا احاول منعهم بكل ما اوتيت من قوه وتدخل بعض المتظاهرين وبعد محاولات مضنيه استطعنا تخليصه من بين ايديهم التى لا تعرف معنى الرحمة كانت عصاهم تنهال على وجوهنا واجسادنا ولو انهم يحابون العدو الصهيونى ما ضربوه بهذه القسوه اصاب الطفل الاغماء من جراء ما حدث حملته بين يدى وجعلت اركض به تجاه المستشفى الميدانى وهو يردد بتمتمه تحيا مصر تحيا مصر فداك يا مصر كلمات استحوذت على كل مشاعره حتى اصبح يرددها وهو غائب عن الوعى واذا بطلقة طائشة من الطلقات العشوائيه التى تطلقها الشرطة تصيب رجلى اليسرى فوقعت على الارض ولكنى اثرت تحمل الالم ونذيف الدم حتى اصل الى مكان الاسعافات وبمساعدة بعد المتظاهرين استطعت الوصول بعد جهد وعناء اخذوا الطفل على وجه السرعه وتم اسعافه بعد تركيب انبوبة اكسجين وامر الطبيب بنقلى الى مستشفى القصر العينى بسيارة الاسعاف لان الحالة كانت خطيرة وتحتاج لعمليه جراحيه لاستخراج الطلقه كان كل ما يهمنى فى تلك اللحظه هو الاطمئنان على الطفل وشعرت وانا افارقه ان روحى تسحب منى فهو الاخر مازال لا يستطيع الحركه ولكنه بدأ يفيق قليلا واشار الى ان اقترب منه وبمساعدة الموجودين انحنيت لاودعه فطبع قبلة على خدى وقال لى بصوت خافت ( انت مصرى بجد ) طلبت ورقه كتبت فيها رقم موبايلى واعطيتها له وطلبت منه ان يتصل بى عندما يشعر بتحسن
الى اللقاء مع الجزء الخامس مع تحياتى ابو باسل
موضوعات متعلقة
لماذا تقتلون هذا الامل ( حكاوى الميدان )
لماذا تقتلون هذا الامل ( حكاوى الميدان ) الجزء الثانى
لماذا تقتلون هذا الامل ( حكاوى الميدان ) الجزء الثالث
لماذا تقتلون هذا الامل ( حكاوى الميدان ) الجزء الخامس
لماذا تقتلون هذا الامل ( حكاوى الميدان ) الجزء السادس
لماذا تقتلون هذا الامل ( حكاوى الميدان )الجزء الاخير