إن فترة تطبيق قانون الطوارئ على النحو الصحيح هى فترة محنة في حياة الناس ، فالقائمون عليه يجدون أنفسهم بلا رقيب على فعلهم ، والخاضعون له يجدون أنفسهم بين يدي القائمين عليه إن شاءوا شدوا وثاقهم ظلما وعدوانا وان شاءوا أنزلوا القانون منزلته المرجوة منه حتي تضع الحالة الطارئة أوزارها .
كتب الفيلسوف الفرنسي مونتسيكو كتابة ( روح القوانين ) في منتصف القرن الثامن عشر والذي وضع فيه الإطار النظري لمبدأ الفصل بين السلطات التي حددها بالتشريعية والتنفيذية والقضائية وفاصلا بالقول أن ( السلطة تحد السلطة ) ، ورغم محاولات الإنكار فإن التشريع الإسلامي هو أول من وضع هذا المبدأ والقول الشائع فيه أن السلطة مفسدة والسلطة المطلقة مفسدة مطلقة . وبعيدا عن التأصيل التاريخي للفكرة فإن أحدا لا يختلف عليها اليوم .
- تعتمد فكرة الفصل بين السلطات على أن كل سلطة تستقل بشأن ما من شئون الحكم تتداخل اختصاصاتها مع السلطة الأخري عند التخوم وتمتلك كل ضد الأخريين بعض السلطات فلا تنفرد واحدة دون الأخريين بشأن بكامله إلا وكان للأخري عليها فيه رقيب عتيد .
- وسلطات الدولة على ما قال به المفكرون هى سلطة التنفيذ وسلطة التشريع وسلطة القضاء ، فأما الاولي فالشكل الشائع منها هى الوزارات ، والتشريعية هى البرلمان بمجلس واحد أو بمجلسين وتقف السلطة القضائية حكما عادلا مستقلا طبقا للقانون . وعليه فإن التداخل واضح بين السلطات الثلاث ، فالقانون يضعه البرلمان والسلطة التنفيذية تقوم بالعمل الإداري طبقا للقانون والقضاء يطبق القانون عندما يقوم طرف باقامة دعوى أمامه يدعي مخالفته من قبل أفراد أو من قبل القائمين على سلطة التنفيذ .
- وتمتلك كل سلطة أنياب وأظافر تشهرها في وجه السلطة الأخري عند الحدود الفاصلة بينهما فالسلطة التشريعية تمتلك حق الإستجواب وطرح الثقة في الحكومة والحكومة تملك حل البرلمان وقانون السلطة القضائية يضعه البرلمان ولكن القضاء يراقب دستورية القوانين فيضع البرلمان في وضع المخالف للدستور كلما استبد البرلمان بسلطته ويقلم البرلمان أظافر القضاء بتعديل قانون السلطة القضائية عندما يستبد القضاة محتمين بالحصانة او بالإنحراف عن أهداف استقلالهم .
- الدستور والقانون واللوائح الإدارية على الترتيب هى النصوص التشريعية توضع بآليات مختلفة ولكنها متناسقة فالدستور هو القانون الأعلي وهو عبارة عن نصوص قليلة العدد موجزة توضح الأسس التي يقوم عليها المجتمع في عبارات عامة ودقيقة يجمعها كتاب صغير يضعه المشرع الدستوري في الذي هو في الغالب مجموعة من المفكرين في شتي المجالات وبعض القانونين المختصين للتنظيم والصياغة تسمي هذه المجموعة جمعية تأسيسية وتكون منتخبة طبقا لألية معينة ، ثم يأتي القانون بتفصيلاته الواسعة للشئون المدنية والعقابية والتجارية والضريبية والإدارية ... وغيرهم على نحو يعالج احتياجات الشعب التنظيمية وبما لا يخالف نصوص الدستور وإلا حكم القضاء الدستوري بعدم دستورية القانون وتأتي اللوائح الإدارية وهى قواعد تشريعية تضعها كل وزارة في مجال اختصاصها الدقيق مفصلة ما أجمله القانون ولكن طبقا للدستور والقانون . إذن هناك تدرج في التشريع فالدستور هو القانون الأعلي ثم القانون مصدقا لما بين يديه من الدستور ثم تأت اللوائح في المركز الأخير ويكون تعديل الدستور طبقا لقواعد صعبة تشترك فيها كل سلطات الدولة حتي لا يصبح سهل التطويع في يد البرلمان او السلطة التنفيذية أو القضائية ولأنه يحكم هذه السلطات فلا تستبد أي منها بوضعه وتعديله أما القانون فالبرلمان يقره بأغلبية الحاضرين من اعضائه .
ولما لحالة الطوارئ من شأن عظيم فإن تنظيمها يكون بالنصوص الدستورية لأنها تتعلق بالحريات فلا يمكن لسلطة ما أن تستبد بها فتتخذ منها ذريعة لإنفرادها بالسلطة التي يجب أن تظل دائما في يد الشعب .


موضوعات متعلقة

قانون الطوارئ وفلسفة التطبيق
قانون الطوارئ وفلسفة التطبيق الجزء الثانى
قانون الطوارئ وفلسفة التطبيق الجزء الرابع والأخير

الله يفتح عليك يا مستشارنا
بس انا ليه سؤال لولبى استفسار كده بيقول علل ؟؟
اذا كان دورالمجلس او البرلمان هو الدور الرقابى على الحكومه وعلى رئيس الجمهوريه فبأى منطق تكون سلطة حل المجلس ضمن صلاحيات رئيس الجمهورية والحكومه ؟؟

قشدة

حبيبي الأستاذ الكبير محمد عز العرب
لو ترك المجلس بدون تهديد بالحل ( طبعا بشروط معينة ) فإنه يتحول الي سلطة مطلقة في مواجهة السلطة التنفيذية بل تصبح السلطة التنفيذية مجرد منفذة لأوامر المجلس وقوانينه رغم ان كثيرا من اطرافها منتخبين من الشعب مباشرة ، وكذلك لو تركت السلطة التنفيذية بدون الرقابة من البرلمان فإنها أيضا تستبد خصوصا فيما يتعلق بالمسائل التي تخص الحكم وتداول السلطة .
وهنا تظهر فائدة فهم مبدأ الفصل بين السلطات فيما يتعلق بقانون الطوارئ أن السلطة التنفيذية تأمر بتطبيقه ويعرض على البرلمان فور انعقاده ويقوم القضاء برقابة مشروعية القرار من حيث مطابقته للدستور وأن الباعث عليه ابتغاء مصلحة عامة .

تسلم سعادة المستشار

تسلم سعادة المستشار

وهنا مربط الفرس بمعنى ان الحكومه تسن القانون بمراقبة القضاء وباقرار المجلس وهنا ياتى دورنا احنا فى الاختيار الامثل للمجلس وللنائب المثقف والذى يعرف ماهية دورة وميكونش العضو دوره انه يسقف وينام ويشخر ويحابى فى الوزير وكده تبقى رجعت ريما لعادتها القديمه
واستحملنى بقه مقدمناش غيرك ههههه يعنى ما هى تلك الشروط المعينه لحل المجلس وهل للقضاء دور او راى فيها ؟؟

قشدة

تسلم ايديك يا سعادة المستشار اشعر كلما اقرأ مقالا من مقالاتك اننى تلميذ بليد فى بحر ثقافتك الواسعه الرائعه

حبيبي الأخ الفاضل محمد عز العرب :
طبعا مسألة حل البرلمان من المسائل الخطيرة جدا وتعتبر بمثابة رصاصة في رأس السلطة التشريعية تطلقها السلطة التنفيذية ، حل البرلمان يمكن أن يؤدي إلي ثورة في البلاد الديمقراطية إن كان غير مبرر ولأسباب تصل احياا الي حد المستحيل ولكن من هذه الأسباب مثلا أن يحكم بعدم دستورية نصوص القوانين التي تنظم الإنتخابات او بطلان عضوية اعضائه بطلانا وبائيا بمعني أن قسم كبير من الأعضاء تبطل اصواتهم بحيث تصبح نتخاباتهم في دوائرهم غير معبرة عن توجه مجتمعي على مستوي القطر كله ، ولكن من الناحية القانونية البحتة فإن حل الببرلمان يختلف في النظام البرلماني عنه في النظم الرئاسي ، فالنظام الرئاسي يقوم على مبدأ الفصل الجامد بين السلطات ومثاله الشائع جدا هو الولايات المتحدة فرئيس الدولة لا يملك حل البرلمان ولا يملك الدعوة لإنتخابات تشريعية مبكرة وهو ما يعني حل البرلمان وكل ما يملكه تجاه البرلمان هو الفيتو ضد القوانين التي يصدرها المجلس التشريعي فتتم اعادة القانون الي المجلس التشريعي ليقره بأغلبية أعلي من الأغلبية العادية وإلا لا يصبح القانون نافذا ، أما في النظام البرلماني فالوزارة التي تخرج اساسا من البرلمان تصبح هى والبرلمان ضدان ففي كل يوم تسمع مثلا في اذاعة اسرائيل عن تصويت على الثقة في الحكومة وأن البرلمان كان على وشك طرح الثقة في الحكومة لولا صوت واحد او صوتين طبعا لو ده بيحصل عندنا كانوا قالوا الإستقرار والهدوء ودولاب العمل وكل هذه مبررات حتي يبقى الفاسدون في مراكزهم لا يغادروها قط حتي يذوقوا الموت ....هههههههههههه. وفي نفس الوقت تمتلك الحكومة الحق في الدعوة الي انتخابات برلمانية مبكرة وهو بمثابة حل للبرلمان والوضع السياسي في االدولة في النهاية هو الذي يحدد ان كان ملائما اتخاذ القرار أم لا، الدستور المصري الحالي خليط من الرئاسي والبرلماني حتي أن البعض يقول عنه البرلماسي وكان دستور 71 في بداياته دستورا ديمقراطيا نموذجيا تصالح به السادات مع القوي السياسيةوهو ينظم سحب الثقة من رئيس الجمهورية كآلية تملكها السلطة التشريعية ضده تطبيقا لمبدأ أن السلطة تحد السلطة بعد محاكمة سياسية لإتهامه الخيانة العظمي او ارتكابه جناية وكان الدستور أيضا يحدد مده بقاء الرئيس في السلطة بفترتين فقط وتم تعديله قبل مقتل السادات ليمهد الطريق لإنتخابه للمرة الثالثة ولكن خالد الإسلامبولي قرر أن يكتفي السادات بفترتين فقط وظل حسني مبارك خمس فترات مرتديا القميص الواقي ومنهم ثلاث فترات قضاهن في شرم الشيخ ، كل هذا طبعا والسادة النواب يسبحون ويمجدون ويكبرون ويهللون له ولكمال الشاذلي وليوسف والي ولأحمد عز .

الأخ الحبيب الأديب الكبير محمد ابو بكر : يا عم ما تقولش كده دا انا اللي بأتعلم منك ولعلمك انا متأثر جدا بأسلوبك لانه اولا فطري ومن القلب وثانيا لانه متأثر ببئتنا وجذورنا ، وانا ليه عندك طلب عايزك تكتب قصة تانية عن طفل بيروح الفرقة ينقي لطع ، انابتكلم جد

والله يا سعادة المستشار انت بتقرى افكارى انا والدى عندى فى السعوديه فى زياره ودى كانت فرصه كويسه انه يقعد معايا يحكيلى عن التراث والذكريات وخطرت على بالى فكره على خلفية حكاياته انى اكتب قصه عن الريف وجماله والفرقه والغيطان وان شاء الله يتم المطلوب

ههههه لا كد خلى الحاج عرفه هو اللى يحكيها يا معلم ولا ايه يا مستشار
وسلام كبير للحاج عرفه وحج مقبول ان شاء الله

خالص شكرى وتقديرى لشخصكم الكريم سعاد ة المستشار حبيبى صاحب الذكاء الاجتماعى الخارق يعنى نقدر نقول ابن خلدون العصر ههههه

قشدة