مقال للدكتور طارق عبدالحليم (هام جدا جدا جدا)
لم يحرص نظام حسني مبارك ومجلسه العسكري برأسه طنطاوي على شيئ, كحرصهم على اجراء هذه الانتخابات التشريعية بعد الثورة وفي موعدها المحدد! فهي بالنسبة لهم بر الامان, ودرع وصولجان!
اخرج الاخوان المسلمين النظام من عنق الزجاجة اثناء ثورة 25 يناير في لحظة تاريخية حاسمة كان يؤول فيها للسقوط, وها هم اليوم يقبضون جزءا من ثمن دعمهم له من هذه الانتخابات! ثم كانت خديعة الاستفتاء التي اقدم عليها النظام له طوق نجاة, وتجديدا لشرعيته التي اسقطتها الثورة ولسلطته العسكرية!
واليوم يجذر النظام بقائه في السلطة واستمراره بالحكم, ويقضي بشكل تام على الثورة وعلى امال الشعب واهدافه, عبر اجراء هذه العملية الانتخابية التشريعية, ومن ثم تسليم العسكر السلطة الى حكومة للنظام مشرعنة انتخابيا!
هذا لم يدبر بليل كما قد يظن البعض ولا بدهاء, ولكن بعلم واتفاق النظام مع حركة الاخوان المسلمين, وتيارات سلفية, والجماعة الاسلامية. وحزب الوفد وبقية الاحزاب, طبعا اضافة الى القوى والحركات التابعة للنظام والمنبثقة عنه والمرتبطة بوجوده, مثل الحزب الوطني,, وشريحة من يسمون برجال الاعمال, وقيادات الجيش والطغمة العسكرية والاجهزة الامنية, وشعب الكنيسة وجيشها السري, وقيادتها الدينية والسياسية ممثلة في نظير جيد والمجمع المسكوني الذي يسيطر على 30% من الاقتصاد المصري. فهؤلاء هم اركان النظام الاساسية وادواته ومرتكزاته!
فالمجرم الصهيوني ممدوح شاهين صرح قبل يومين, بان الانتخابات ستجري في موعدها, وان حزمة التعديلات الدستورية, ووثيقة السلمي للمبادئ فوق الدستورية باقية, وبان الدستور سيوضع وفقا لها لا لشيئ اخر! وان صلاحيات الجيش كما تنص عليه الوثيقة ستكون فوق الدستور وفوق كل شيئ, وان المجلس البرلماني المنتخب لن يكن له صلاحية اقالة وزارة او محاسبتها, حتى وان حصل احد الاحزاب على اغلبية المقاعد في المجلس!...هكذا اعلنها صراحة باسم المجلس العسكري, مباشرة وبوضوح تام بلا مواربة! ومن قبله صرح المجرم الصهيوني حسين طنطاوي ذات الشيئ, موضحا بان المجلس العسكري لم ينفرد في اتخاذ قرار! وان قرارته واجراءاته كانت بعد لقاءات وتشاور مع القوى والاحزاب المشتركة في العملية السياسية! وقد صدق بهذا وهو كذوب!
صريح قول المجلس, ان ما يجري من خداع للشعب والتفاف على ثورته, وسرقة لارادته وقراره, انما تم بالاتفاق والتنسيق بين المجلس العسكري, والقوى والاحزاب التي وافقت على الاستفتاء, وعلى حزمة التعديلات الدستورية, وعلى وثيقة المبادئ فوق الدستورية. وسكتت واغمضتت عينيها عن تهريب الاموال, ومسرحية المحاكمة, وشهادة الزور التي قدمها طنطاوي وعنان وبقية رموز الدولة, وتبرئه سوزان مبارك والسماح لها بمغارة مصر وتهريب ما تبقى من مليارات, وكذالك هروب رموز النظام ورجالاته وعوائلهم والاموال التي سرقوها من الشعب الى الخارج, وسكوتهم عن عدم المطالبة باسترجاع المليارات الـ 700 التي هربها النظام ورجالاته, واعتقال شباب الثورة الـ 14000 ومنذ عشرة اشهر بتهم ملفقة, ومحاكمتهم محاكمات عسكرية, وسكوتهم على استمرار بيع الغاز الى اسرائيل باقل من سعر التكلفة, وعلى عودة السفير الاسرائيلي الى القاهرة بعد ان طرده الشعب المصري, الذي قدم ثلاث شهداء في سبيل ذالك وفي سبيل اغلاق سفارة العدة الصهيوني, قضوا برصاص قوات الامن الاسرائلية داخل السفارة. واخيرا وليس اخرا, سكوتهم على المذبحة التي قام بها النظام, وما تزال وقائعها جارية منذ يوم 19 فبراير بحق الشعب, واستخدامه للرصاص الحي والمطاطي, والغاز السام ضد المتظاهرين! هذا هو مضمون تصريح المجرمين طنطاوي وشاهين وهي الحقيقة بلا شك!
واتماما لفصول الجريمة ودفن الشعب, حرص مجلس حسني العسكري بزعامة طنطاوي, بالاتفاق مع الاخوان المسلمين وتيارات سلفية وحزب الوفد, على اجراء الانتخابات التشريعية دون تاخير, رغم قيام الثورة الثانية, وحمامات الدم المراق في التحرير وفي بقية ميادين المحافظات. كون النظام ضمن سلفا نتيجة الانتخابات, بتواطؤ الاخوان والسلفين والوفد معه, وسكوتهم على جرائمه, وموافقتهم على الية تزوير الانتخابات التي اعدها.
الاخوان المسلمين والسلفين وحزب الوفد لم يصنعوا الثورة, ولم يدعزا اليها, ولم يقوما بها, ولم يلتحقوا بها الا لجني ثمارها, وتجيرها لمصالحهم الحزبية والشخية, لا نصرة للشعب ومطالبه. وبناءا عليه فعلى الشعب ان لا يعول على الاخوان المسلمين, او يتوقع منهم موقفا لصالحه, او معاديا للنظام. فهم كانوا وما زالوا جزءا مكملا للنظام ومشرعنا له, ويجاهرون بان ولائهم فقط لجماعتهم وذاتهم, ولمصالحهم التي لا يرونها الا مع النظام!
ففي سياق تحالفهم مع النظام, اخفى الاخوان المسلمون عن الشعب قي خطابهم وفي مواقفهم السياسية ما يعلمونه جيدا, بان اي عملية انتخابات في مصر لا يمكن ان تاتي الا بحزب النظام, او رموزه ومرشحيه, حتى وان اتسمت بالنزاههة والشفافية 100%! وبأن نتائج هذه الانتخابات الجارية ستكون كسابقاتها, ولن تاتي الا بمن يريده النظام, رغم ان المجلس المنتخب بالمحصلة لن يكن له صلاحيات حقيقية, ومجرد واجهة شكلية وغطاء للنظام وشهاد زور. بعبارة اخرى اعادة انتاج نظام حسني مبارك ومجالسه التشريعية والبرلمانية الزائفة من جديد على ما كانت عليه, مع اختلاف في توزيع المقاعد وكأن شيئ لم يكن!
فـ 50% من مقاعد البرلمان المخصصة للعمال والفلاحين كما هو منصوص عليه بموجب الدستور, محسومة سلفا للنظام ومرشحيه وقوائمه! فالجميع يعلم واولهم الاخوان والوفد, بان من يدخلون الى البرلمان تحت مسمى العمال والفلاحين, لا ينطبق عليهم تعريف العمال والفلاحين. وبان غالبيتهم من الفلاحين أصحاب الأراضي وممن سرقوا أموال الدولة, وأصحاب المصانع ورجال المال، وبعض المهنيين. وان النظام ورجال اعمله والحزب الوطني, دأب تاريخيا على استخدام المال لشراء اصوات وممثلين العمال والفلاحين, وله روابط وثيقة مع الاعيان والاقطاع ووجهاء العشائر, لاكثر من اربعة عقود, حرص الطرفين فيها على توطيد العلاقة واستمراراها اثناء الثورة وبعدها حفاظا على مصلحهما! وظمان دخولهم تحت سقف البرلمان, يحقق أرباح طائلة ومصلحة مشتركة للطرقين بطرق مشروعة وغير مشروعة. وبناءا عليه فان نظام مبارك ومجلسه العسكري ظمن سلفا 50% من مقاعد البرلمان بممثلين العمال والفلاحين.
والخمسين بالمئة الباقية من مقاعد البرلمان, اعد لها النظام تزويرا من نوع اخر, عن طريق قانون توصيت المصرين في الخارج عبر الانترنيت, والذي يستطيع من خلاله تغير الارقام او الترشيحات دون دليل, لانه غير موثق على ورق وانما في جهاز كمبيوتر يتحكم به النظام بمفرده دون رقيب او حسيب! وايضا عن طريق ترشيح فلول النظام الى الانتخابات, وعدم تفعيل قانون العزل السياسي بحقهم. هذا طبعا اضافة الى عملية شراء الذمم, وربط التصويت بلقمة العيش والعمل, اضافة الى التزوير المباشر للاصوات او غير المباشر, اعتمادا على ارتفاع نسمة الامية والجهل في الشعب, وخاصة في القرى والارياف.
هذه هي حقيقة الانتخابات في مصر, وهذه هي نتائجها التي لا يمكن ان تخرج عنها, وكما هو معلوم نتائج الاحداث والتفاعلات والصراع ليست عفوية, ولكن محكومة بقواني تفاعلها وضوابطها.
ان العملية الانتخابية الجارية للبرلمان التشريعي اليوم والية اعدادها, تعكس حقا نظام الحكم القديم الجديد والية عمله, وتامر الاحزاب معه وغدرهم للشعب والثورة. ومن الحقائق والمسلمات, ان الانظمة الدكتاتورية القمعية المستبدة, والعسكرية بصقة خاصة كنظام مبارك-طنطاوي, لا تسقط ولا تسلم السلطة للشعب نزولا عند مطالبه, ولا من خلال عملية انتخابية! وبناءا عليه فان النشعب المصري الذي ثار على النظام واسقط رئيسه, ليس امامه خيار الا الاستمرار في ثورته بالتظاهر والاعتصام, في جميع الساحات والميادين, والارتقاء باسلوب عمله وما تقتضيه الاوضاع, من اعتصام الى عصيان مدني الى اعلان ثورة مسلحة, على جيش النظام وقوات امنه وادواته القمعية الارهابية الضاربة
لا سبيل لتحقيق اهداف الثورة الا بوسائل الثورة والتي صناديق الاقتراع ليست منها.
لا سبيل لاسقاط حكم العسكر, الا بتصنيف وتحديد الجيش كعدو اول للشعب والثورة, والتصدي لعنفه بالمثل, واعلان حالة النفير العام,
ما عدى ذالك..فأنا لا نخدع الا انفسنا.
ثورة 25 يناير - القيادة الشعبية الميدانية للثورة
الاثنين 28 نوفمبر 2011