أعتقد أن تقويم أي منهج لأي جماعة إسلامية يخضع لمدى قربها
وابتعادها من مصادر التشريع الإسلامي (قرآن/سنة/إجماع/قياس..إلخ) فالسؤال الذي يطرحه مخالفو منهج الإخوان: عن مشروعية منهج الإخوان منذ
نشأة الجماعة عام 1928م وحتى وقتنا الحاضر؟ وما الضابط الذي يجعلنا نحكم على منهج جماعة إسلامية بالفشل أو بالنجاح؟ كما أن قادة الإخوان لم
يردوا على الحقائق التاريخية والواقعات التي قاموا بها منذ نشأة حركتهم.
وأسرد لكما أمثلة على سبيل المثال لمن قدمتم لهم التحية:
(أ) قال الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح عضو مكتب الإرشاد لجريدة العربي الناصري بتاريخ 28/9/2003م العدد 878 :
لا مانع لديه أن يكون رئيس الدولة مسيحياً ولا مانع من وجود حزب شيوعي.. ورغم ذلك لم تصدر جماعة الإخوان بياناً ي
ستنكر هذه التصريحات ويقوم بتجميد عضوية عبد المنعم أبو الفتوح على الأقل من مكتب الإرشاد! لكنهم لم يفعلوا!
(ب) وهناك تصريح آخر للمراقب العام لللإخوان المسلمين في سوريا الأستاذ علي صدر الدين البيانوني في شهر يونيو 2005
م في إحدى القنوات الفضائية العربية التي يمولها الإتحاد الأوربي برضا الأمريكان لنشر الديمقراطية الأمريكية في
العالم الإسلامي!! يقول البيانوني إجابة على سؤال المذيع: هل تقبلون أن يكون رئيس الدولة في سوريا امرأة أو مسيحياً؟
قال: ما يقرره الشعب نقبله فإذا اختار الشعب مسيحياً أو شيوعياً أو امرأة فسنقبله لأن من يختار الديمقراطية يقبل
نتائجها!
أقول: لو أن هذا الكلام قد صدر من علماني لقلنا إن هذا العلماني متناغم مع نفسه حيث لا يرفع شعاراً دينياً ولا حتى
أخلاقياً! أما أن جماعة ما تقوم على أساس ديني وينتسب إليها الناس على أساس هذا الدين الذي يرفض أي شريك له في
كافة المناحي الحياتية؛ أعلاها السلطة، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق! وهذا ما تقوم قيادة الإخوان المسلمين حيث
تمارس تقية سياسية وسفسطة يونانية بالية يريدون أن يقنعوا الناس بالشئ وضده كأن تقول لشخص أنت مسلم بوذي!
أومسلم شيوعي! أو مسلم نصراني أويهودي!
لذلك استمرأوا هذه التقية السياسية ووقعت تصريحاتهم في مواطن الزلل فعلى سبيل المثال:
(ج) نشرت جريدة الشرق الأوسط بتاريخ 25 مايو 2005 م : قال عبد المنعم أبو الفتوح "إن شعار الجماعة «القرآن دستورنا»، هو شعار
عاطفي وأدبي يعبر عن مرجعية الجماعة، ولكنه لا يعبر عن منهجها في العمل السياسي الذي تحترم فيه القانون والدستور الوضعي للدولة، مؤكداً أن
الجماعة تؤمن بحقوق المواطنة وأن الامة مصدر السلطات". ولم يكتف أبو الفتوح بتصريحه السابق بل إنه إبان الإنتخابات التشريعية المصرية التي عقدت
مؤخراً لعام 2005م صرح في عدة قنوات فضائية أن مرجعية الإخوان هي الإسلام الحضاري "شعار الإسلام هو الحل شعار حضاري وليس شعاراً
عقدياً أو دينياً"! أقول: أي مرجعية هذه التي يشدد عليها أبو الفتوح بل ويعتز بها (الإسلام الحضاري)! لا ندري ما المقصود بالإسلام الحضاري اللهم
إن كان المقصود هو إسلام المتاحف! إسلام التكايا! أبو الفتوح يتكلم عن إسلام خال من العقيدة والدين! إسلام (مودرن)! إسلام لا يعرفه رسولنا
الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم! وللأسف الشديد لم يستنكر الإخوان ولو على استحياء على طامات أبي الفتوح المتكررة!!
(د) وقيادي آخر في جماعة الإخوان المسلمين يقول: إنه لا يدعو إلى تطبيق الشريعة! فقد نشر موقع شهود بتاريخ 22/5
/2005م: "من جهة أخرى أعلن خالد الزعفراني العضو السابق في الإخوان أنه تقدم بطلب رسمي للجنة شؤون الأحزاب
للموافقة على تأسيس "حزب الإصلاح والعدالة والتنمية". وأوضح الزعفراني (53 عاما) أن الحزب الجديد يقتدي بتجربة
حزب العدالة والتنمية في تركيا، وقال إنه لا يدعو إلى تطبيق الشريعة مؤكدا أن القوانين الوضعية في مصر كافية لأن
المفترض أنها مستمدة من الشريعة. وأضاف أن الحزب يشجع على منح المرأة جميع الحقوق السياسية والمساواة مع
الرجل وأنه إذا تولى السلطة لن يفرض ارتداء الحجاب على النساء"أهـ.
أما عن تصرفات جماعة الإخوان المسلمين عالمياً فحدث عنها ولا حرج:
أولاً: دخول جماعة الإخوان المسلمين في تحالف الشمال في أفغانستان مع قوات الإحتلال الأمريكي على دولة أفغانستان
المسلمة إبان حكم الطالبان2001م.. ومن أبرز رموز هذا التيار ممن دخلوا كابول تحت حماية الطائرات الأمريكية وعلى
متون دباباتها ومصفحاتها الأستاذان: برهان الدين رباني، وعبد رب الرسول سياف؛ وهما عضوان بالتنظيم الدولي
للإخوان المسلمين. ورغم ذلك لم تصدر جماعة الإخوان المسلمين بياناً تستنكر هذا التحالف المخزي ولم تتبرأ من فعلة
هذين الحزبين (رباني ـ سياف)!
مع العلم أن برهان الدين رباني الذي كان من كبار قادة المجاهدين قديماً أول ما تولى رئاسة أفغانستان بعد خروج الشيوعيين السوفييت قبل تفككه،
ذهب إلى مصر وأعلن متنفلاً أنه على استعداد أن يسلم المجاهدين المصريين الذين يعيشون في أفغانستان رغم أن الأحداث لم تكن بهذه السخونة على
المستوى المصري ولا على المستوى العالمي في ذلك الوقت! وطبعاً لم نر بياناً لقيادة جماعة الإخوان يستنكر هذا التصرف الأرعن والتزلف الممجوج من
قبل الرئيس برهان الدين رباني (سابقاً) فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان! وماذا حصد الشعب الأفغاني من مشاركة جماعة الإخوان المسلمين
(رباني/فهيم/سياف) في التحالف مع قوى الاحتلال إلا الفشل والموت والخراب وعلو الباطل؟!
ثانياً: في الجزائر: تحالف زعيم جماعة الإخوان المسلمين الأستاذ محفوظ نحناح مع طغمة العسكر ضد جبهة الإنقاذ التي
قبلت بخيار صناديق الإقتراع على غرار المنظومة الغربية مثل الإخوان المسلمين فبدلاً من أن يتوحد معهم إذ به يتحالف مع
سلطة العسكر (العماري/خالد نزار) ضدهم ثم قام بحملة دعاية لتبييض وجه النظام العسكري القمعي في الجزائر ولا يزال
حزبه مستمراً على نفس النهج.. ورغم ذلك لم تصدر قيادة الإخوان بياناً تستنكر فيه هذا التحالف النحناحي مع
الفرنكوفونيين الذين خربوا ديار برباروسا! ومع ذلك هل حكمت الجزائر بالشريعة الإسلامية أم أن تجفيف منابع التدين
وصار التنصيرعلى قدم وساق في ظل بعض وزراء الإخوان! فماذا حصد الشعب الجزائري من مشاركة الإخوان إلا الفشل؟!
ثالثاً: احتلال الأمريكان وحلفائهم (العراق.. وإذ بنا نرى الحزب الإسلامي (إخوان مسلمين) يتحالف مع قوى العدوان الأنجلو أمريكي! ونرى
قادتهم الدكتور محسن عبد الحميد والدكتور صلاح الدين بهاء الدين أعضاء في مجلس الحكم المؤقت المعين من قبل قوات الإحتلال بالإضافة إلى
مشاركة حاجم الحسني عراب مشاريع بريمر الذي تم تعيينه رئيساً لما يسمى الجمعية الوطنية! ولا يزال طارق الهاشمي مستمراً في هذه اللعبة السخيفة
ومتحدياً مشاعر المسلمين بسبب إصراره على المشاركة في الانتخابات التي شرعها الإحتلال لتحسين صورته ولتقزيم المجاهدين ومحاصرتهم وتشويه
صورتهم! ورغم هذه الجريمة التاريخية الكبرى التي اقترفها ولا يزال يقترفها الحزب الإسلامي لم تصدر قيادة الإخوان المسلمين في القاهرة بياناً جامعاً
مانعاً حاسماً يتبرأون فيه من الحزب الإسلامي وقيادته ويستنكرون دخول هذا الحزب في تحالف مع قوى العدوان على الرافدين. بل كان من الأجدى
والأنجع تطبيقاً لعقيدة الولاء والبراء أن يتم فصل محسن عبد الحميد وصلاح الدين بهاء الدين ومعهم حاجم الحسني وطارق الهاشمي الذي صار نائاً
لرئيس الدولة! وكل من شارك في جريمة احتلال العراق أياً كانت حيثيته وأياً كان تبريره وأياً كانت طائفته. لكن للأسف الشديد كل ذلك لم يحدث!
فماذا حصد الشعب العراق من جراء مشاركة الإخوان المسلمين للتحالف مع قوى الاحتلال الأمريطاني إلا الفشل والموت والخراب؟!
رابعاً: في ماليزيا: وقفت جماعة الإخوان المسلمين مع وزير المالية أنور إبراهيم المتورط في قضايا فساد ضد محاضر
محمد رئيس وزراء ماليزيا السابق الذي ترك منصبه طواعية وأعلى من شأن بلاده اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً. فماذا
عسانا أن نفسر هذا التصرف الإخواني قبل محاضر محمد؟! أعتقد أن الأمر بكل بساطة أن محاضر محمد لم يكن إخوانياً
وهذا يكفي للوقوف ضده وإن كان مخلصاً وإن كان خبيراً ومتقناً في عمله! والعجيب أن الإخوان يشتكون من الأنظمة
الحاكمة أنها تقدم أهل الثقة (وهم المحسوبون والموالون للنظام) على أهل الخبرة (وهم المستقلون الذين لا يريدون من
أي طرف جزاءً ولا شكوراً)! وفي نفس الوقت نرى الإخوان المسلمين منغلقين على أنفسهم وعلى الشباب الذين يربونهم
في الأسر حيث نرى غراً صغيراً يرتقي بين عشية وضحاها إلى قيادة نقابة مهنية مثلاً أو رئاسة تحرير جريدة أو مسئول
في بنك ..إلخ كل مواصفاته أنه عضو من الإخوان وأنه لا يرى .. لا يسمع .. لا يعلم! المهم ألا يجادل ولا يناقش.. فقط
ينفذ أوامر أهل الحكمة في مكتب الإرشاد وإلا تعرض للعزل والفصل والحرمان من الخير الكثير والمستقبل الزاهر الذي كان
ينتظره!!
خامساً: بيانات التأييد والتعزية لأنظمة وأحزاب دكتاتورية ظالمة متآمرة على الأمة الإسلامية كما في رسالة التعزية إلى مسعود برزاني وجلال
طالباني وهما أكبر عميلين للتحالف الصهيو أمريكي في العالم العربي! كما أنه مع كل عملية مسلحة تحدث هنا أو هناك تبادر قيادة الإخوان بالتنديد
والإستنكار وتبالغ في تعنيف من قاموا بهذه العلمية ضد قوات الإحتلال أو قوات الظلم والبطش في العالم الإسلامي والأمثلة على هذا لا تحصى وصار
هذا دأب الإخوان منذ حادثة النقراشي وحتى وقتنا المعاصر!
(سادسا) تصريح خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس (فرع الإخوان المسلمين) عندما سئل في موسكوعن الشيشان قال: إنها
مسألة روسية محلية!!
(سابعا) فتاوى الإخوان المسلمين في الغرب بإباحة التعامل بالربا لشراء المنازل! وطامات أخرى! عن طريق سيطرتهم
على المجلس الأوروبي للافتاء بزعامة الدكتور يوسف القرضاوي!! الغاية تبرر الوسيلة! نعم الصمود ونعمت التضحية!!
(ثامنا) صرح قادة حماس (فرع الإخوان المسلمين) بعد أن مكنهم الله في بقعة صغيرة من الأرض (غزة) أنهم لا يريدون أسلمة غزة! ولا يزالون
يتعاملون بقوانين مرجعيتها اتفاقية أوسلو!! وشنوا حملات أمنية مستعرضين قوتهم على الفصائل الإسلامية الأخرى وعلى من يخالفهم في الرأي! فأي
نضال هذا الذي تمدحانه؟! بارك الله فيكما!
(تاسعا) في غزة قبيل شهر رمضان1430هـ / 2009م اعتدت حماس (فرع الإخوان) على مسجد ابن تيمية في مدينة رفح وضربته
بقذائف الآربي جي وقتلت الشيخ الدكتور عبد اللطيف موسى (أبا النور المقدسي) أمير جماعة جند أنصار الله!!
(ط) في مقابلة خاصة مع محطة العربية بتاريخ 30/9/2009م قال إسماعيل هنية رئيس ما يسمى بالحكومة المقالة في
غزة: "إننا لا نفرض الحجاب على النساء في غزة" أهـ وكأن آيات فرض الحجاب في النور والأحزاب محل نزاع وتخضع
لحرية الاختيار!!