يقال على سبيل الدعابة أن الأندية المصرية عندما تستضيف الفرق الأوربية في مباريات المئويات وتخفيفا من حدة الهزيمة المتوقعة فإنهم يصطحبون نجوم هذه الفرق في جولة سياحية قبل المباراة مباشرة يحضونهم فيها على تسلق الأهرامات وهو الامر الكافي لانهاك قواهم مما يسهل على الفريق المضيف المهمة في مباراة صعبة ، ورغم أني لا أزعم أبدا أن الصهاينة قد سرقوا هذه الفكرة منا إلا أنني أجدهم يطبقونها علينا بمنتهي البساطة .
في مقابلة مع قناة ايه بي سي قبل ساعات من خلع حسني مبارك قال ايهود باراك إن تنظيم انتخابات في مصر خلال تسعين يوما سوف تؤدي لا محالة إلي فوز الإخوان المسلمين وهو ما يجر المنطقة الي كارثة ، وإن لم أك مخطئا في الترجمة أو الفهم فقد أضاف أنه على بقية العالم أن يخبروهم – أي المصريين - ولكن من خلف الأبواب المغلقة أن الحوار مع حسني مبارك هو السبيل للتغيير وأن العالم يتفهم رغبتهم في التغيير ويتفهم خطورة أن يحكم الإسلاميون مصر . ونظرا لأن مشاعر المصريين كانت في هذه الأيام في أعلي درجات النشوة والفرحة بعد أن زال أصعب كابوس في تاريخ مصر الحديث كله فلم يأخذ أحد تصريحات الوزير الإسرائيلي الذي كانت يتكلم بتشنج مأخذ الدراسة والتحليل وربما لم تعرها مراكز التحليل السياسي اهتماما يليق بجلال الموقف المهيب .
- قبل خلع حسني مبارك بعشرة أيام كان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي قد طلب من الوزراء عدم تناول الأزمة في مصر بالتعليق ، ولذلك جاء حوار وزير الدفاع مع قناة ايه بي سي خارقا لقرار الوزير الأول في الحكومة الصهيونية ، وجاء التصريح من وزير الدفاع بالذات ربما لبث رسالة إلي القوي المتعاطفة مع العلاقات الخاصة بين مصر واسرائيل ، بأن انتخابات سريعة معناها ( اسلامية سريعة ) وانتخابات بطيئة معناها نضج للأحزاب التي تعارض المشروع الإسلامي في مجموعه يقابله ضعف للأحزاب التي تتبني المشروع الإسلامي وهنا يمكن البدء في الإنتخابات التي تكون نتيجتها متوازنة وبالتالي لا تتعرض العلاقات المصرية الإسرائيلية للخطورة التي تهددها .
- هذا التقدير للأمور يبدو للوهلة الأولي لمن يعيش الحدث من المشتاقين للحكم ، والخائفين على زوال المناصب والهائمين في دنيا المال والأعمال الأمريكية والصهيونية يبدو وكأنه خيار مثالي فهو من ناحية يبعد القوي الإسلامية عن المشاركة في العملية السياسية لمدة من الزمن يقوم هؤلاء فيها باعادة ترتيب أوراقهم بسرعة ربما تعوض السرعة والمفاجأة التي حدث التغيير في مصر خلالها ومن ناحية أخري تمد فترة حكم المجلس العسكري وربما تكون هذه ايضا فرصة لإنتاج نظام مشابه لنظام حسني مبارك يحافظ لهم فيها على أعمالهم ومصالحهم خاصة وأن هيكل النظام لم يزل بالكلية وانما زالت بعض رؤوسه ولم تزل أي من أدواته في الإعلام والشرطة والقضاء والجهاز الإداري والخارجية فضلا عن بقاء المجلس العسكري بكامل هيئته التي شكلها حسني مبارك . غير اسرائيل في نصيحتها للقوي الصديقة لها في مصر لم تكن مخلصة تماما فالواضح أنها استخدمتهم كأدوات للفترة الإنتقالية وهى ترمي ولا شك لهدف أكبر ومقصد أكثر خطورة على مصر وأمنها القومي .
- لعل اسرائيل كانت أكثر دول العالم اهتماما بوضع سيناريوهات زوال حكم مبارك وكيفية التعامل مع هذه الفروض بدءا بالتوريث الهادئ وانتهاء بالإنقلاب العسكري ، و ربما لم تكن الثورة الشعبية بوضعها الذي تمت به مباشرة بعد الثورة التونسية هى الإحتمال الأقرب ولكنها كانت واردة في الخيال البحثي الإسرائيلي على كل حال وهو ما يفسر التعامل الإسرائيلي الرصين مع معطيات الأحداث على عكس التعامل الأمريكي الذي اتسم بالتخبط والتضارب بين تصريحات البيت الأبيض وتصريحات الخارجية في بعض الأحيان . ولعل حوائط الصد التي افترضت اسرائيل أنها منيعة على الثورة المصرية لن تسطيع تخطيها وإن تخطت احداها فلن تتخطي الأخري كانت ( البطيخة الصيفي ) في بطن صناع القرار في اسرائيل بدءا بحالة الإنفلات الأمني والوقوع في براثن البلطجية وتجار المخدرات والسلاح ( وقد حطمت اللجان الشعبية هذا المانع ) ومرورا بالتشويش الإعلامي وحملات غسيل المخ ( وقد قابل الشعب المصري هذه الحملات بودن من طين وودن من عجين ) وانتهاء باستغلال حالة الصدام بين الجيش والشعب عندما يحاول الجيش تحصين مؤسساته الإقتصادية من المحاسبة الشعبية عن طريق نصوص دستورية تجعل منه سلطة فوق الشعب والدستور والبرلمان والحكومة ( وهو المانع الأخير الذي تم تحطيمه في مليونية 18 نوفمبر والأحداث التي تلتها ) . فإن استطاعت الثورة المصرية أن تتخطي هذه الحواجز وتصل إلي وقت الإنتخابات فإنها ولا شك سوف تصل منهكة إقتصاديا لا يقوي كيانها على مواجهة عسكرية مع الكيان الصهيوني كما أن النسيج المصري الذي كان في أعلي درجاته المعنوية يوم 11 فبراير يصبح أكثر تفككا بعد عملية الطرد المركزي الذي يقصي البعض بملياراته وفضائياته وشركاته واتصالاته من الحياة السياسية فيصبح هذا البعض أكثر تقبلا لفكرة الإنقلاب على الثورة ومواجهتها بكل ما يملك من مليارات وفضائيات وشركات واتصالات .
- للأسف الشديد لم يفطن المجلس العسكري بأجهزته المختلفة ومراكزه الإستراتيجية لهذا التصور وربما فطن ولكن حرصه -على عدم جعل المرحلة الإنتقالية إنتقالية الي الحكم المدني وإنما إنتقالية إلي وزارة الدفاع جعله أقل حرصا الأوضاع الإقتصادية في مصر وجعله أقل حرصا على الإبقاء على تلاحم قوي الشعب وجعله أقل حرصا في المجمل على مصلحة مصر . نظر المجلس العسكري إلي قوة الشعب فوجدها أقوي من الجيش داخل المدن فلم يك مناصا من الإستجابة لمطالب الشعب وإلا دمر الشعب الجيش ومجلسه العسكري وظل المجلس العسكري ينهك الشعب في مليونيات ما كان أغناه عنها لتحقيق مطالب مفهومة بالضرورة وظل المجلس العسكري ينهك الشعب في مطالب فئوية كان يستطيع الإستجابة لها فورا بتطبيق قانون العزل السياسي على المفسدين من الحزب الوطني الامر الذي كان يطال ثرواتهم الملوثة بدماء الشعب ويوقف نزيف الأجور التي تتعدي الملايين لفئات ضالة مضلة من مستشارين في الوزارات بالكاد يجيدون القراءة والكتابة وحبك المؤامرات والقيام عليها ، حتي جاءت الإنتخابات وظهر أمر الله وهم كارهون .
- اليوم يظهر ايهود باراك مرة أخري متجاهلا أمرا اصدره رئيس الوزراء الإسرائيلي بعدم تعرض وزرائه للأزمة في مصر للمرة الثانية ليقول أن اسرائيل قلقة من ظهور الإسلاميين بمظهر قوي في الإنتخابات البرلمانية ، ويبدو أن أصدقاء اسرائيل في مصر قد خيبوا ظنها في ( تنويم الشعب المصري ) ولكنهم وللحقيقة لم يخيبوا ظنها في اضعاف الإقتصاد و النيل من اللحمة الوطنية عبر آلة الإعلام التي بثت سمومها على مدار العام الماضي ليلا ونهارا مستغلة عدم الفهم وضعف الإمكانيات التي طالت المجلس العسكري في تسعة اعشار قراراته السياسية والإقتصادية .
- إن الحوائط والجدر التي وضعتها اسرائيل في مصر انهارت على مدار العام إلا من فلول هشة ظهرت على السيل المصري زبدا رابيا وسوف تبني اسرائيل جدرا جديدة تستغل في بنائها ضعاف النفوس والمرجفون في المدينة ، غير أن تلك الجدر سوف تتزلزل عندما يصيح مجموعة من الأشبال أن الموت في سبيل الله أغلي أمانينا .

سيادة المستشار أولا أسعد الله مساك بكل خير ..
ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين صدق الله العظيم
للأسف كما هو واضح أن إسرائيل مازالت تتحكم بالريموت كنترول .. فلقد تعودت على أن تضع الخطط المنهجية لسير الحياة اليومية لمصر .. خطط سريعة المفعول ولو على المدى الطويل ولكن سرعان ما يثبت الشعب المصري وبتوفيق من الله أن قادر على المستحيل .. وإن شاء الله نصره لقريب فقد بدأت مصر تسير على صراط مستقيم وفق الله إخواننا وجعلهم قادرين بإذن الله على أن يضعونا على طريق مستقيم

تحياتى يا مستشار مقال رائع ووجهة نظر سليمة

قشدة

حبيبي الأستاذ الكبير حمادة غلمش جزاكم الله خيرا على الكلام الجميل والمجاملة الكبيرة ، ان شاءالله ربنا ينصرنا
أخي وحبيبي الأستاذ ياسر الكاشف ابو عز جزاكم الله خيرا على المداخلة الجميلة والولد شبهك بالظبط سبحان الله ربنا يخليه ويبارك فيه آمين .
حبيبي الأستاذ الكبير محمد عز العرب كالعادة مجامل ومتألق ومحترم ، جزاكم الله خيرا على المداخلة الرقيقة .
أخي وحبيبي الأستاذ عبد الرحمن ماضي جزاكم الله خيرا ، أمال انت فين يا باشا واحشني خالص

المفروض أننا ندرك أهمية توحدنا وتماسكنا لآكتمال ما بدأناة
ولا ننظر خلفنا حتى لا تتحقق أهدافهم الدنيئة بدلا من الآقاويل والخلافات
حفظ الله مصر حفظ أهلها
شكرا لك أستاذ محمود / حشلة

يا استاذ محمود نفسى والله اشوف لك مقاله يوميه فى المنتدى رائع والله .
بارك الله فيك
وربنا يكثر من امثالك فى الغيره الشديده على البلد وحبك لها
اطال الله فى عمرك واتم عليك نعمته
امين