هل يصح الإيمان في القلب بدون القول والعمل ؟
متى وجد الإيمان في القلب أو تكلم به قبل أن يمضي فيه عزيمة لم يكن مؤمنا
ومن تكلم بالكفر ولم يمض ِ فيه عزيمة كان كافرا
فإذا أمضى بالإيمان عزيمة فهذه لحظة إيمانه ليس قبل ذلك فإن مات لحظتها ولم يفعل شيئا فقد فعل ترك الشرك عزيمة وقد هم بما حال الموت بينه وبينه كما في الحديث ( من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة ) فقد أتى بما هم به من الإقرار والدخول في التوحيد المستلزم للعمل مع القدرة.
يقول القرطبي في تفسير قوله تعالى[يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ(70) وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ(71) ]. {الأنفال}. ,
قال ابن العربي: لما أسر من أسر من المشركين تكلم قوم بالإسلام ولم يمضوا فيه عزيمة ولا اعترفوا به اعترافا جازما ويشبه أنهم أرادوا أن يقربوا من المسلمين ولا يبعدوا عن المشركين قال علماؤنا : إذا تكلم الكافر بالإيمان في قلبه وبلسانه ولم يمض ِ فيه عزيمة لم يكن مؤمنا وإذا وجد ذلك من المؤمن كان كافرا إلا ما كان من الوسوسة التي لا يقدر على دفعها فإن الله قد عفا عنها وأسقطها ) ا.هـ
وقال ابن تيمية في الفتاوى 3 / 235 :
(وَزَعَمَ جَهْمٌ وَمَنْ وَافقهُ أنهُ يَكونُ مُؤْمِنا فِي البَاطِنِ وأنَّ مُجَرَّدَ مَعْرفةِ القَلبِ وتصْدِيقِهِ يَكونُ إيمَانا يُوجبُ الثوَابَ يَوْمَ القِيَامَةِ بِلا قوْلٍ وَلا عَمَلٍ ظاهِرٍ وَهَذا بَاطِلٌ شَرْعًا وَعَقلا كمَا قدْ بُسِط فِي غيْر هَذا المَوْضِع وَقدْ كفـّر السَّلفُ كوَكِيع وَأحْمَد وَغيْرِهِمَا مَنْ يَقولُ بِهَذا القوْلِ... وَبِهَذا يَنفصِلُ النزَاعُ فِي مُؤَاخَذةِ الْعَبْدِ بالهمة فَمِنْ الناسِ مَنْ قالَ يُؤَاخَذ بهَا إذا كانتْ عَزْمًا وَمِنهُمْ مَنْ قالَ لا يُؤَاخَذ بهَا وَالتحْقِيقُ أنَّ الْهمَّةَ إذا صَارَتْ عَزْمًا فَلا بُدَّ أنْ يَقترِنَ بهَا قوْلٌ أوْ فِعْلٌ ؛ ( يعني يؤاخذ بها ) فإِنَّ الإرَادَة مَعَ الْقدْرَةِ تسْتلزمُ وُجُودَ الْمَقدُورِ ).ا.هـ