أوقات الازدحام أو الفوضى وأوقات التهاب المشاعر وأوقات اشتداد المنافسة وأوقات الثورة وأوقات الحروب هى أنسب الأوقات لتطبيق نظرية الأعلام المزيفة ، إنها الأوقات التي يتخذ فيها القرار تحت تأثير العواطف الملتهبة بينما تكون العقول مغيبة ، هى نظرية نشأت في الحرب العالمية الثانية أسست على فكرة خداع الألوان وهى أن تعطي لونا خلاف لونك أو ترفع راية ليست رايتك وإنما هي راية آخرين تعذر وجودهم في مسرح العمليات وذلك إما لاستدراجهم لتلك المعركة أو احتماء بذلك العلم إن كان علما يحظي بحصانة أو يخشي بطش أصحابه .
خلال فترة حكم المخلوع ومن قبله كانت راية الظلم هى راية القوة ، وكان على من يخشي الظلم أن يرفع راية ظالم على ساريته ، فانتشرت عبارات المبالغة " أنت مش عارف أنت بتكلم مين ؟ " و " انت متعرفش أنا أقدر أعملك ايه ؟ ". وعرفنا الرايات المزيفة في عهد المخلوع عندما رأينا رجب حميدة من " زعماء “ المعارضة في مجلس الشعب بأمر من مباحث أمن الدولة.. ورفع زكريا عزمي راية رجل من آل فرعون يكتم إيمانه وكان وزراء الداخلية يمسكون بمسبحة ويحتفظون " بعلامة صلاة " كبيرة على وجوهم ورفع هشام وطارق طلعت مصطفي رايات البر والإحسان وانتظمت صفوف الدعارة تحت لواء الفن الراقي وتجملت العمالة والجاسوسية تحت علم التطبيع وحسن الجوار وتخفي الإحتكار خلف الصناعة إلي آخر رايات أولياء الله الصالحين التي رفعها رموز الفساد وكان آخرها راية اصلاح عاجل رفعها حسام بدراوي آخر أمين للحزب الوطني في صحبة وائل غنيم إلي منزله بعد الإفراج عنه ، وكانت آخر راية مزيفة رفعها حبيب العادلي هي راية جيش الإسلام الفلسطيني عندما قام مع جمال مبارك بتفجير كنيسة القديسين .
عرفنا الأعلام المزيفة من القرآن الكريم الذي نبهنا لها قبل الحرب العالمية الثانية ، عندما نبه لرافعي راية الإيمان بينما هم منافقون " إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله ، والله يعلم إنك لرسوله ، والله يشهد إن المنافقين لكاذبون " ، وقد يكون الخداع في درجة تركيز اللون " قالت الأعراب آمنا ، قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا " وأطمأن المؤمنون على أنفسهم ألن ينخدعوا بتلك الرايات المزيفة بفهمهم قول الله جل وعلي " وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله .. ... "
يعتبر المشهد الثوري المصري هو الأقل حدة من ناحية تأثير الثورة علي الأمن مقارنة مثلا بالعراق بعد سقوط صدام حسين ونظامه أو باليمن أو سوريا – مع استثناء تونس – غير أنه ليس اقلها حدة في عدد الرايات المزيفة ومع الإقرار بأن العراق تتصدر المشهد ترفرف فيها رايات مزيفة لتنظيم القاعدة مثلا عند كل انفجار في أحد المراقد الشيعية المقدسة ثم سوريا التي ارتفعت فيها رايات للمندسين والمندسات في مطلع الثورة رصدتهم كاميرات للجيش المزيف الفاشل هناك إلا أن الرايات المزيفة في مصر بعد الثورة كان لها شأن مختلف ، ذلك أن تلك الرايات في مصر لم ترفع على ساريات من خشب أو حديد أنشئت على عجل كما في العراق وسوريا فكانت هناك بائنة التزوير ، بل رفعت على أشجار ضخمة زرعت قبل ثلاثين عاما ونمت لها جذور و فروع وسقيت بمياه مختلفة وآتت أكلا مختلفة لأنها زرعت بأيد مختلفة ولخدمة أطراف مختلفة في أماكن متنوعة .
ليس المقام مقام توزيع اتهامات جزافية تجعل الجميع يتحسس " بطحة " على رأسه في أوقات يحتاج مجتمعنا فيها إلي الوحدة والتماسك أكثر من احتياجه لسبر أغوار النفوس وكشف مستور النوايا ، غير أن أوليات اجتماعية تحتاج منا جميعا بعض المواجهة بقدر ما تحتاج منا الحرص على التماسك ووحدة الصف .
كانت الثورة المصرية عملا جماعيا تحت راية واحدة هى العلم المصري الذي إنضوي الشعب تحته مجمعا علي أن حسني مبارك ومفردات نظامه قد خانوا الأمانة وانحازوا للأعداء ضد الشعب ونهبوا البلاد ، غير أنه بمجرد سقوط المخلوع ونظامه والبدء في العملية السياسية ظهرت أعلام متمايزة انتظم تحتها ثوار حقيقيون ، و أصحاب مصالح مرتبطة بالنظام السابق ، وعملاء وجواسيس ، وفوضويون ، ومن يحب المجتمع حبا زائدا إلي حد مزعج ، ومن يبغض الناس ويبغض نفسه معهم ، وأصحاب فكر وأصحاب مرض ، واختار كل منهم لنفسه راية يرفعها ولم تكن الرايات بالضرورة دالة على من يحملها ، ففي مشهد وضح لي – وهذا رأي شخصي – أنه تم التدريب عليه من قبل ، سقطت فتاة على الأرض وتظاهر شاب بمحاولة مساعدتها فانتزع سترتها قبل أن تلحق بها جموع من قوات الصاعقة وتحت المؤثر النفسي المتوتر أكملوا سحلها وتعريتها ، لا شك أن علما مزورا للثورة كان يرفرف فوق الفتاة وفوق الشاب الذي نزع سترتها وانطلق مهرولا ، ولا شك أن علم حماية مؤسسات الدولة كان يرفرف فوق الجنود عندما سحلوها وأهانوها ، رأينا جاسوسا اسرائيليا يتحرك بمنتهي الهدوء يحمل لوحة مكتوب عليها " مبارك أيها الغبي .. هذه ثورة كرامة " .
ومع اقتراب يوم الإحتفالات بالثورة ، والتصميم على استكمال مسيرتها ، بل وإحيائها عن طريق وضع الشعب في وضع الإستعداد الأقصي إلي أن يتم تسليم نهائي للسلطة إلي المدنيين ، أتوقع أن تظهر الأعلام المزورة في الميدان من جديد ، سوف نري من وضعوا مشروعا اقتصاديا للدستور الجديد من كبار لصوص البزنس يحملون علما للحرية التجارية التي تمكنهم من تحويل مصر إلي دولة مستوردة حتي لا تتهدد ضخامتهم التجارية غير المبررة وغير العادلة ، ، سوف نري أعلاما لحماية حرية الإبداع ينضم تحت لوائها تجار السينما التي كان يشرف على سيرها صفوت الشريف لمدة زادت على الأربعين عاما ، ربما نجد رايات للرحمة واحترام الشيخوخة والمرض تحث على تبرئة حسني مبارك ، ولاشك أن البرادعي سوف يحمل راية ثورية جديدة بعد أن ثارت عليه الثورة الأولي ، وسوف تظهر رايات للعلم المصري يحملها المنافقون من الفلول والعملاء يحاولون التسلل من خلالها إلي الثورة والثوار ظنا منهم أن ذاكرة الثورة قصيرة وأن الثوار " ناس طيبون " تستطيع أن تعتدي عليهم ثلاثين عاما ثم تصالحهم بقطعة من القماش مرسوم عليها ألوان العلم الثلاثة . لاشك أن أمن الدولة سوف يحضر بقوة ببلطجيته وأتباعه المخلصين يحاولون إفساد جلال المشهد المهيب . إن شرعية مجلس الشعب الذي خرج له ثلاثون مليونا لابد وأن تكون حاضرة في المشهد باعتبارها الشرعية الوحيدة بين مجلس عسكري بات غير مرغوب في بقائه دقيقة واحدة بعد منتصف آخر ليلة من شهر يونيو وبين مدعين للشرعية في الميدان تم استئجارهم ليكونوا طليعة عمل ما طبقا لمخطط ما يهدف إلي تحدي الثورة وشرعية الإنتخابات ، وبين ثوار حقيقيين إمتلأت قلوبهم حبا لبلادهم مستاءين من تأجيل نقل السلطة للمدنيين وليس لهم انتماءات سياسية ولا يخضعون لقيادة فهم يثورون استكمالا للثورة وهؤلاء في الغالب يكون منهم الشهداء والمصابون وهم غالبا لا يحملون أعلاما ولا ترفرف فوقهم رايات مزورة صنعت في العهد السفيه .
محمود حشله

اكتر من رائع استاذ محمود وجزاك الله خير

الأخ الفاضل الأستاذ محمد ابو زهرة جزاكم الله خيرا على التحية الجميلة دي ، بس لو تديني الديك ده .. يا سلااااااااام .
الأخ الحبيب الأستاذ الفاضل أبو خالد .. جزاكم الله خيرا على الكلمات الرقيقة والمجاملة المحترمة بارك الله فيك يا أخي

إن شرعية مجلس الشعب الذي خرج له ثلاثون مليونا لابد وأن تكون حاضرة في المشهد باعتبارها الشرعية الوحيدة بين مجلس عسكري بات غير مرغوب في بقائه دقيقة واحدة بعد منتصف آخر ليلة من شهر يونيو وبين مدعين للشرعية في الميدان تم استئجارهم ليكونوا طليعة عمل ما طبقا لمخطط ما يهدف إلي تحدي الثورة وشرعية الإنتخابات ،
هاى دى هو الكلام يا ريس وهى دى الزتونه بردك

من وجهة نظرى ما اتوقعه ولا اتمنى حدوثه يا مستشارنا هو اننا هنشوف جميع الاحزاب تحمل علم مصر
ولكن كل حزب هيشيل النسر ويستبدله بشعاره هو الخاص به ويحيا الوطن وعاشت مصر حره مستقله وسعد سعد يحيا سعدهههههه سعد مين ده سعد مات من زمان بس بردك فيه ناس عاوزه تركب الموجه على امجاد الماضى ما علينا
المشهد بقى استعراض عضلات وتخوين وتشويه للمعارض والجمييييع ضارب بعرض الحائط مواطن مصرى مش لاقى تمن انبوبة الغاز فضلا عن انه مش لاقيها اصلا هووووووووجه سياسية فعلا ( تزوير فى رايات رسميه)
تحياتى يا مستشار

قشدة

اخي الحبيب الأستاذ محمد عز العرب
جزاكم الله خيرا على المرور الكريم ، يا أخي انا بأستغرب والله من طولة بالك على المقال وتقرأه إلي نهايته هههههههههههه.
عموما هما حرين اللي حيشيل قربة مخرومة حتخر على دماغه ، بس الحمد لله الامور كلها مكشوفة يعني الفلول معروفين وأغلب العملاء والجواسيس معروفين لانهم لم يدخروا جهدا للمرحلة القادمة وإنما لعبوا بالفريق كله في هذه المرحلة الِإنتقالية لأنهم كانوا مستعجلين على إفساد هذا الوقت بالذات ، الحمد لله انها عدت على خير والآن عندنا برلمان نثق في خمسين في المائة من أعضائه .. والحمد لله رب العالمين

مشكور استاذ محمود على الابداع والمقالات المبتكرة والرائعه
ولا شك ان النفاق السياسى لا ينتشر بين الافراد او بين المنظمات او المجتمعات فحسب بل بين الدول وبعضها وهو من اخطر الامراض التى تصيب المجتمعات فى مقتل لانه يعمل على تزيف الحقائق وسلب ارادة الشعوب من خلال غسيل العقول بالاكاذيب المنمقه والمزينه والمبهره ولانه ايضا يستغل الفقر والجهل والحاجه فى تحقيق مأربه .ولكن احب ان اطمئن حضرتك ان الشعب المصرى لديه من الذكاء ما يأهله لمعرفه الخبيث من الطيب مهما حاول الخبيث تجميل صورته اوحاول التشكيك فى نزاهه الطيب او حاول رفع لواء الفضيله والنضال.

حبيبي الأستاذ الكبير حسام الكاشف ، مش بقولك انت اللي مبدع . ايه الصور الجميلة دي والله انت موهوب ، جزاكم الله خيرا يا أخي لفاضل على المرور الجميل الكريم المتألق