أصل العبادة
يقول الشاطبي جـ 2 موافقات :
( الأصل في العبادات بالنسبة للمكلف التعبد دون الالتفات إلى المعاني وأصل العادات الالتفات إلى المعاني )
ويقول ( كل ما ثبت فيه اعتبار التعبد فلا تفريع فيه وكل ما يثبت فيه اعتبار المعاني دون التعبد فلابد فيه من اعتبار التعبد ).
ويقول: ومعنى التعبد عندهم أنه ما لا يعقل معناه على الخصوص وأصل العبادات راجعة إلى حق الله وأصل العادات راجعة إلى حقوق العباد ..
ويقول : أن الشريعة وضعت لإخراج المكلف عن داعية هواه حتى يكون عبدا لله اختيارا كما هو عبد ا لله اضطرارا...
وفي تفسير قوله تعالى[يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ] {البقرة:21} ,
قال ابن عباس : كل عبادة في القرآن فهي توحيد احتج عليهم بأنه خالقهم وخالق من قبلهم لأنهم كانوا مقرين بذلك فقيل لهم إن كنتم مقرين بأنه خالقكم فاعبدوه ولا تعبدوا غيره ..
وقال القرطبي : العبادة هنا توحيده والتزام شرائعه حيث الخطاب للناس كافة والكافر لا يخاطب بالفروع وإنما يدعى إلى الأصل أولا..ا.هـ
معنى العبادة في الاصطلاح الشرعي
معني العبادة كأصل الدين أو التوحيد 5 معاني
( 1 ) العبادة هي غاية الحب = الولاء
والحب أصل الولاء وينقسم إلى ولاء نصرة- ولاء نسك – ولاء إتباع
والتوحيد هو إفراد الله بالولاء والنسك والإتباع
( 2 ) العبادة هي كمال الطاعة ( غاية الذل والخضوع والاستسلام والانقياد )
ولا تتحقق إلا بقبول الأحكام
فعندما دخل عدي بن حاتم رضي الله عنه على الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يتلو قوله تعالى [اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ وَالمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ] {التوبة:31}
, قال عدي رضي الله عنه: يا رسول الله ما عبدناهم
فقال صلى الله عليه وسلم : ( ألم يحلوا لكم الحرام ويحرموا عليكم الحلال فاتبعتموهم- فتأخذون بقولهم - فأطعتموهم. قال بلى قال: فتلك عبادتكم إياهم ),
قال الشافعي في الرسالة ( 1/33):
فكل من قبل عن الله فرائضه في كتابه قبل عن رسول الله سنته بفرض الله طاعة رسوله على خلقه وأن ينتهوا إلى حكمه ومن قبل عن رسول الله فمن الله قبل لما افترض الله من طاعته فيجمع القبول لما في كتاب الله ولسنة رسول الله القبول لكل واحد منهما عن الله وان تفرقت فروع الأسباب التي قبل بها عنهما كما أحل وحرم وفرض وحد بأسباب متفرقة كما شاء جل ثناؤه لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون ) أ.هـ
فالعبادة شرعا هي الطاعة المطلقة في التشريع أي قبول الشرع ورفض ما سواه والتوحيد هو إفراد الله بالطاعة بقبول شرعه ورفض شرع ما سواه .
( 3 ) العبادة هي حق الله الخالص مطلقا
( في العبادات أو النسك الظاهر- وفي الولاء – و في الحكم – وفي الأعمال والأقوال القلبية المتعلقة بها أو المستقلة عنها التي يتأله بها القلب ربه )
والتوحيد هو إفراد الله بحقه الخالص مطلقا في الولاء والنسك والحكم وفي الأعمال والأقوال القلبية
( 4 ) العبادة هي حق الله الخالص في التعبدات :
أ ــ في العبادات ( بإخلاص قصد التوجه بها لله وحده ــ وقبول شرع الله فيها ــ وموالاة أهلها عليها )
ب ــ في العادات والمعاملات ( بقبول شرع الله فيها ــ وموالاة أهلها عليها ) والتوحيد هو إفراد الله بحقه الخالص في التعبدات ( عبادات وعادات و معاملات )
( 5 ) العبادة هي مطلق القصد والإرادة
يقول ابن تيمية :
( وقد فسر إسلام الوجه لله بما يتضمن إخلاص قصد العبد لله بالعبادة له وحده , وهي الإرادة : أن يقصد الله بالعبادة ويريده بذلك دون ما سواه...) أ هـ ,
ويقول في النبوات 91:
« والإرادة إرادة ما أمروا به، وذلك عبادة الله وحده لا شريك له فهذه هي السعادة وذلك إنما يكون بتصديق رسله وطاعتهم فلهذا كانت السعادة متضمنة لهذين الأصلين: الإسلام والإيمان، عبادة الله وحده وتصديق رسوله، وهو تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ).ا.هـ.
والتوحيد هو إفراد الله بالإرادة والقصد والطلب : التوحيد الإرادي القصدي الطلبي وهو تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله .
يقول ابن كثير
في تفسير قوله تعالى[وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا] {النساء:125}
: والحنيف هو المائل عن الشرك قصدا أي تاركا له عن بصيرة ومقبل على الحق بكليته لا يصده عنه صاد ولا يرده عنه راد ) ا.هـ
وللعبادة معنيان يشملان فروع الدين وأصوله :
( 6 ) العبادة ( بالمعنى الخاص ) هي العبادات الظاهرة أو النسك الظاهر
من صلاة وصيام وزكاة وحج ووضوء واغتسال ...الخ
( 7 ) العبادة ( بالمعنى العام ) هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة كالصلاة والصيام والزكاة والحج وصدق الحديث وأداء الأمانة وبر الوالدين وصلة الأرحام والوفاء بالعهد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد للكفار والمنافقين والإحسان إلى الجار واليتيم والمسكين والمملوك من الآدميين والبهائم والدعاء والذكر والقراءة وأمثال ذلك من العبادة وكذلك حب الله ورسوله وخشية الله والإنابة إليه وإخلاص الدين له والصبر لحكمه والشكر لنعمه والرضا بقضائه والتوكل عليه والرجاء لرحمته والخوف لعذابه وأمثال ذلك من العبادات لله.( العبودية لابن تيمية )
أو فعل المأمور كل المأمور وترك المحذور كل المحذور.
والمقصود في العبادة هي الراجعة لأصل الدين ( أعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ) والتي عليها مدار النجاة يوم القيامة والمخالفة فيها شرك وكفر مخرج من الملة
***