كتبت هذا الموضوع قبل ستة اشهر وقد تم نشره اليوم على موقع اخوان كفر الشيخ وهو الرابط ادناه
http://www.kfrelshikh.com/news_Details.aspx?Kind=7&News_ID=14140
نظرة على التقسيم الإداري للإقليم المصري ( مقترحات في الدستور الجديد )
قسم نابليون بونابرت مصر إلي ست عشرة مديرية ، بينما قسم الاحتلال الفرنسي الجزائر إلي اثنتي عشرة عمالة " إقليم " ، وبمقارنة عدد سكان مصر في ذلك الوقت وعدد سكان الجزائر وقت الاحتلال الفرنسي لها ، ربما نستنتج الغرض السياسي والغرض الإداري من التقسيم إذ تجب مراعاة ما كان من بطء شديد في الحركة والمعلومات ، فقد كانت إشارات السلطة المركزية مثلا تصل إلي الأقاليم عن طريق الخيول ، وكان نقل البضائع بواسطة الجمال وعبر نهر النيل لذلك كان التقسيم الإداري لمصر إلي وحدات كثيرة تبرره طبيعة المرحلة ، كما أنه أيضا كان وسيلة للسيطرة من قبل الحكومة المركزية فلا يقوي إقليم إلي الدرجة التي تجعل منه تجمعا بشريا واقتصاديا مقاوما للسلطة المركزية حالة كون ما يجمعه الوالي من ضرائب وما يسيطر عليه من بشر ضعيف جدا بالمقارنة بالمجموع .
تنقسم الولايات المتحدة إلي خمسين ولاية بينما تبلغ مساحتها تسعة أضعاف مساحة مصر ولو قسمنا عدد الولايات على تسعة لوجب أن نقسم مساحة تعادل مساحة مصر داخل الولايات المتحدة إلي خمسة محافظات ولو راعينا أن سكان مصر يتركزون في أقل من سبعة في المائة من مساحتها لوجب أن تكون مصر ولاية واحدة لو اعتمدنا نفس المعامل الأمريكي في التقسيم ، ورغم أن سكان جنوب إفريقية ينتشرون على مساحة تعادل ثلث مساحة الدولة التي تبلغ تقريبا مرة ونصف مساحة مصر إلا أنها مقسمة إلي تسعة أقسام إدارية ثلاثة منها تدور حول رأس الرجاء الصالح والستة الباقون تم تقسيمهم على أساس يحقق المصالح المشتركة للسكان في الأقاليم بما تحمله كل مجموعه من مشكلات تخص الإقليم .
إن تقسيم مصر إلي ست وعشرين محافظة هو – في رأيي – تقسيم معيب لا يستند إلي أساس فني وأغلب الظن أنه استند الي اعتماد طريقة إضعاف السلطات المحلية ، والسيطرة الأمنية كما أنه نشأ في بيئة كانت الناس يرسلون بريدهم فيها بإعطاء الرسالة لريس مركب تمر بدسوق عبر بحر " سيدي إبراهيم " .
إن المصالح المشتركة بين سكان بلطيم ودمياط ورشيد أكبر من المصالح التي تربط بين بلطيم وقلين والتشابه بين برج مغيزل ورأس البر يفوق التشابه بين برج مغيزل والكراكات وإن مصلحة بورسعيد والإسماعيلية والسويس ترتبط من حيث التنمية مع نفس خطة تنمية جنوب وشمال سيناء كما أن للبحر الاحمر طموحا يفوق معاملته على أنه محافظة وكذلك الأمر في محافظات الصعيد التي يجب أن يتم تنميتها على أنها مركز الكرة الأرضية من حيث إقامة المطارات ومركز التاريخ العالمي من حيث الآثار والسياحة كما أنها بوابة إفريقيا إلي التجارة مع أوربا خلال مناطق التجارة الحرة التي يجب أن تقوم السودان وتشاد والكونغو بتصريف بضائعهم من خلالها إلي مصر والعالم . ولا شك أن لكل منطقة من هؤلاء خطة مختلفة تماما تجعل من سكانها محلا لتدريب مختلف نسبيا وتجعل لمراكز البحث فيها طبيعة إقليمية تعتمد مناهج دراسية وبحثية بيئية مختلفة بعض الشيئ وهو ما لا يمكن تحقيقه من خلال كيانات صغيرة ومحافظين قضوا أغلب حياتهم يقودون حملات أمنية في حقول القصب لملاحقة المتشددين الإسلاميين
لذلك فإنني أقترح أن تقسم مصر بفكر إداري جديد مختلف يعتمد على الإحصاءات ليس فقط من حيث عدد السكان وانما من حيث خطط استغلال الأرض والمهن الغالبة على السكان والقرب والبعد من البحر واستغلال الموقع الجغرافي المتفرد لمصر مع العالم بحيث يكون لكل إقليم منطقة حرة تجارية عالمية واستغلال كل شبر في مصر سياحيا بناء على التوافق المشترك للمكونات والمعطيات داخل الإقليم الكبير وحتي تكون الميزانية الخاصة بالإقليم مستوعبة للحد الأقصي من الطموحات والأفكار . .
إن معاملة إقليم يضم دمياط وبلطيم ورشيد لابد وأنه يعتمد القرب والبعد عن البحر لتطوير خطة تجارية مع جنوب أوربا وتركيا كما أن مناطقه الصناعية والسياحية لابد وأن تكون متوافقة مع كونها تتعامل مع مكونات متشابهة من حيث كونها منطقة مصب لنهر النيل وبحيرات تصلح لإقامة منطقة سياحية متفردة في العالم كله ولعل هذا يكون أذانا بزوال مستعمرات تربية الأسماك التي تطل وكأن هذا هو الحد الأقصى لطموح سكان تلك المناطق في استغلال أماكن في منتهي الحيوية وتنتهي معها النظرة إلي كفر الشيخ على أنها مشتل أرز كبير جدا بدلا من النظر إليها سياحيا وكونها مركزا تجاريا عالميا ، لعل أحد السائحين في كفر الشيخ بعد أن ينتفخ وجهه إثر قضائه ليلة واحدة مع الناموس الصيفي الناتج من مشاتل الأرز لن يكرر الزيارة لا لكفر الشيخ ولا لغيرها وهو مشهد أصبحت مصر تتفرد به في منطقة الشرق الأوسط كلها .
كما أن التقسيمات الكبيرة ربما تعالج الأخطاء في توزيع السكان الذي تعاني منه مصر في محافظات سيناء شمالها وجنوبها بضم تلك الكيانات مع كيانات أخري أكبر فترتبط جميعا بخطة تنمية واحدة من خلالها تتم تنقلات السكان في نفس الإقليم تبعا لخطة واحدة إن تم ضم بورسعيد والإسماعيلية والسويس لنفس الإقليم الشرقي ويزيد من الربط التجاري والسياحي والاقتصادي في جملة تلك الأقاليم .
إن ذلك لا يخل بضرورة اعتماد نظام إدارة محلية تقوم على انتخاب رؤساء الأقاليم وانتخاب الهيئات الإقليمية المتسلسلة حتى تصل إلي الأحياء والأقسام والقرى والشياخات بحيث تتنافس الأحزاب والتنظيمات السياسية حتى داخل الكيانات الصغيرة ولكن أداءها يكون ضمن الخطة العامة للدولة في جو عام من الشفافية والمحاسبة الشعبية .
إن مدة ثلاث سنوات هي مدة كبيرة جدا لحكومات الإدارة المحلية كما أنه لا داعي للترشح لنفس المركز مرتين على الأكثر ثم يتركه صعودا أو هبوطا أو خروجا من ساحات سياسة الجماهير
إن كلمة محافظة تشبه في رأيي كلمة حكمدارية وكلتا الكلمتين جاءتا من العهد القديم ، عهد الإحتلال والتحكم والمذلة ، واليوم لا محل لإصطلاحات ولا تقسيمات فرضها علينا بونابرت ولا المعتمد البريطاني ، أري أنه انتهي عهد مصطلحات أفندينا ، لقد انتهي العهد الذي نتصل فيه بالمحافظة ليذيعوا بيانا في الراديو من حكمدار القاهرة إلي احمد إبراهيم القاطن في دير النحاس لا تشرب الدواء فالدواء به سم قاتل . .