تفريغ الحلقة
[u]لا تغضوا من قيمة الشريعة
ثم هذا الطرح: أن (دعونا نعالج مشاكل المجتمع ثم نطبق الشريعة)، فيه غض من قيمة دين الله تعالى! فإن كانت القوانين الوضعية والحلول البشرية المناقضة للشريعة...إن كانت تصلح حياة الناس وتقضي على مشاكله، فما فائدة الشريعة إذن؟ هل يقصد بهذا الطرح أن علينا أن نصلح دنيانا بالقوانين الوضعية ثم نصلح آخرتنا بتطبيق الشريعة؟ وهل جاءت الشريعة إلا لصلاح الدنيا والآخرة؟ أليس مُنزل الشريعة سبحانه وتعالى هو الأعلم بما يحتاجه عباده في دنياهم؟ ((ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير)). ألم ينزل الله الشريعة رفقا بالناس ومراعاة لضعفهم ولعلمه تعالى بأنهم لا يستطيعون ان يسوسوا حياتهم دون هديه؟ قال تعالى بعدما فصل احكاما من الشريعة في سورة النساء: ((( يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم ( 26 ) والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما ( 27 ) يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا ( 28 ) ))
- الله تعالى ينقذ عباده بالشريعة من قوانين وأهواء الذين يتبعون الشهوات فيقودون الناس إلى جحيم الدنيا قبل جحيم الآخرة. ويميلونهم عن صراط الهدى والبركة واليسر والخير ميلا عظيما. ثم قال تعالى: ((يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا ( 28 ) )) أنزل الشريعة لعلمه بأن الإنسان ضعيف. فأراد تعالى أن ينقذه من عنت ومشقة القوانين الوضعية والأحكام البشرية. قال تعالى:
- ((( واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون ( 7 ) )) هذا الخطاب موجه إلى الصحابة، أنقى الناس قلوبا وأرجحهم عقلا وأقلهم هوى. ومع ذلك يقول الله لهم أنه لو ترك نبيه يطيعهم في اختياراتهم لعنتوا، أي لأصابتهم المشقة في الدنيا. فما بالك بقوانين وضعية صاغها أناس لا نقاء قلب ولا تقوى لا يصوغون إلا عن هوى ومصالح شخصية. أنريد إصلاح أوضاع المجتمع بقوانين هؤلاء؟! ثم قال تعالى: ((ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم))، ما هو الإيمان؟ دين الله، شريعة الله.
الخلاصة: القول بعلاج مشاكل المجتمع قبل تطبيق الشريعة فيه غض من قيمة الشريعة.
نقولات: اذا كان القصد –كما يقول أصحاب هذا الاتجاه-اعداد المجتمع الاسلامي وتهيئته ليكون مجتمعا صالحا في جميع نواحيه السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية .... قبل تطبيق الشريعة فلا شك أنه على الفرض الوهمي لو تحقق ذلك بدون تطبيقها فما مبرر تطبيقها اذن-فيما بعد- في نظر هؤلاء؟ (د. مفرح قوصي)