ان لزوم جماعة المسلمين هو المخرج بنص حديث النبى صلى الله عليه وسلم كما جاء فى حديث حذيفة رضى الله عنه : كان الناس يسألون النبى صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت اسأله عن الشر مخافة أن يدركنى ؛ فقلت يا رسول الله إنا كنا فى جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر ؟ قال نعم قلت وهل بعد ذلك الشر من خير ؟ قال نعم وفيه دخن قلت وما دخنه ؟ قال (( قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر )) قلت وهل بعد ذاك الخير من شر؟ قال نعم دعاة على ابواب جهنم من أجابهم اليها قذفوه فيها قلت يا رسول الله صفهم لنا قال (( هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا )) قلت فما تأمرنى إن ادركنى ذلك ؟ قال تلزم جماعة المسلمين وإمامهم . قلت فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام ؟ قال فا فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وانت على ذلك )) رواه البخارى
إلا أن المشكلة أنه قد وقع خلاف عريض فى تحديد المقصود بهذه الجماعة بين المنتسبين الى العمل الاسلامى المعاصر واختلفت اجتهادتهم فى ذلك بين من اعتبر نفسه ومن تبعه على نحلته او مذهبه هو الجماعة فمن لزمهم فقد لزم الجماعة ومن فارقهم فقد فارق جماعة المسلمين وبين من يبدع صور الاجتماع المنظم كافة ولم ير اجتماعا مشروعا الا الاجتماع على الامامة العظمى فحسب ..... إلا أنه لا شك أن هذه القضية تحتوى قدرا من الثوابت المحكمات التى لا يجوز أن يختلف الناس فيها بحال من الأحوال وقدرا من المتشابهات وموارد الاجتهاد التى لا يضيق فيها على المخالف ويجب أن يسعنا فيها الخلاف وفيما يلى تفصيل القول فى هذه الثوابت المحكمات والمتشابهات وموارد الاجتهاد :
أولا الثوابت فى جماعة المسلمين :ومعنى الثوابت هى القطعيات اى الاشياء التى لا تقبل الظن او النصوص القاطعة التى لا تقبل المنازعة فيها ويعد الخروج عنها خروج عن جماعة المسلمين واتباعا لغير سبيل المسلمين فهى القطعياتومواضع الاجماع
اول ثابت فى جماعة المسلمين هى 1) لزوم منهج اهل السنة فلا منازعة فى لزوم الجماعة التى استثناها النبى صلى الله عليه وسلم فى حديثه عن الفرق بقوله كلها فى النار الا الجماعة ما انا عليه واصحابى ) اى الاستقامة على ما كان عليه السلام واصحابه الكرام واسلف والائمة من بعدهم والجماعة هنا تشير الى المنهج والاطار العلمى الذى يجب ان يتقيد به مريد النجاة فى هذا العصر وفىكل العصور وهى اتباع الكتاب والسنة وما اجمع عليه سلف الامة فالاصول الثابتة بالكتاب والسنة والاجماع هى بمنزلة الدين المشترك بين الانبياء ليس لاحد الخروج عنه
قال ابو شامة ( حيث جاء الامر بلزوم الجماعة فالمراد به لزوم الحق واتباعه وان كان المتمسك بالحق قليلا والمخالف له كثيرا لان الحق الذى كانت عليه الجماعة الاولى من النبى واصحابه ولا نظر الى كثرة اهل الباطل بعدهم ) من كتاب الباعث لابى شامة . فالجماعة بهذا المعنى تشير الى ما كان عليه السلف والائمة من الاعتقاد والتحليل والتحريم
قال الأوزاعى ( اصبر نفسك على السنه وقف حيث وقف القوم وقل بما قالوا وكف عما كفوا واسلك سبيل سلفك الصالح فإنه يسعك ما وسعهم )
وقال سفيان بن عيينه ( السنه عشرة فمن كن فيه فقد استكمل السنة ومن ترك منها شيئا فقد ترك السنة اثبات القدر وتقديم ابى بكر وعمر والحوض والشفاعة والميزان والصراط والايمان قول وعمل والقران كلام الله وعذاب القبر والبعث يوم القيامة ولا تقطعوا بالشهادة على مسلم )
وغير ذلك من الشواهد التى تبين ان لزوم الجماعة من امر قاطىع ليس ظنى وعليه يتحقق لزوم الجماعة بالالتزام المجمل بالاسلام عقيدة وشريعة وموالاة دعاته وعدم استبدال الحلول الوضعية به مع عدم الالتزام المجمل بفرقة من الفرق الضالة او بأصل من اصولها الظاهرة
2) ومن الثوابت فى جماعة المسلمين لزوم الائمة فى غير معصية : لا منازعة فى لزوم جماعة المسلمين اذا اجتمعوا على امام يسوسهم على مقتضى الكتاب والسنه ومن الادلة على ذلك ما رواه الشيخان عن ابن عباس رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم ( من رأى من اميره شيئا يكرهه فليصبر عليه فإنه من فارق الجماعة شبا فمات مات ميتة جاهلية
3) ومن الثوابت ايضا فى جماعة المسلمين مشروعية الاجتماع على الخير والتعاقد عليه فلا منازعة فى مشروعية الاجتماع على الخير والتعاقد عليه والتزام الطاعة للقائم عليه فى غير معصية وذلك بالشروط الاتية : أ : الا يتضمن تحزبا على اصل بدعى يخالف اصول اهل السنة والجماعة فإن مثل هذا التحزب هو اساس نشأة الفرق الضالة قال الشاطبى ( إن هذه الفرق انما تصير فرقا بخلافها للفرقة الناجية فى معنى كلى فى الدين وقاعدة من قواعد الشريعة لا فى جزئى من الجزئيات اذ الجزئى والفرع لا ينشأ عنه مخالفة يقع بسببها التفرق شيعا وانما ينشأ التفرق عند وقوع المخالفة فى الامور الكلية :::
..... الخ ) من كتاب الاعتصام
ب)الا يقصد به منازعة السلطان المسلم ان وجد والسعى فى نقض بيعته وحل عقدة امامته ونكمل غدا ان شاء الله